الكواري لـ"العربي الجديد": الطاقة تكفي قطر 250 عاماً

19 اغسطس 2016
محمد بن أحمد بن طوار الكواري (العربي الجديد)
+ الخط -
قال نائب رئيس مجلس إدارة غرفة صناعة وتجارة قطر، ونائب رئيس مجلس الأعمال القطري، محمد بن أحمد بن طوار الكواري، إن خريطة الاستثمار في قطر ستتغير خلال المرحلة المقبلة، تجاوباً مع حزمة المشروعات المتنوعة التي أعدتها الدولة للتقليل من أزمة تهاوي أسعار النفط.

ـ كيف ترى مؤشرات نمو الاقتصاد القطري في ظل انخفاض أسعار النفط؟
انخفاض أسعار الطاقة مشكلة نالت من كل الاقتصادات، بما فيها الاقتصاد الخليجي، وفي قطر استطعنا التعامل السريع مع الأزمة، وبالتخطيط الجيد تجاوزنا مرحلة الخطر، ساعدنا على ذلك تنوع مصادر الدخل للاستثمارات الخارجية المميزة، ما جعل تأثير هذه المتغيرات غير ذات خطر كبير.

ـ لكن لا تزال إيرادات النفط والغاز تمثل نحو نصف الناتج المحلي؟
نعم هذا صحيح، لكن صورة الاقتصاد القطري ستتغير خلال المرحلة المقبلة، وتقوم الدولة حالياً بتنفيذ عدد من الخطط الاستثمارية للمشاريع الواعدة، التي يدخل القطاع الخاص طرفاً فيها، منها مشروع المناطق الاقتصادية، من أجل إنشاء بنية تحتية كبرى للصناعات التحويلية والخدمات التقنية.
وتهدف مشروعات المناطق إلى تأسيس الصناعات الجديدة، محلية أو أجنبية، وتستطيع تقديم مجموعة من الخدمات الصديقة للأعمال والحوافز، وتشمل هذه الخدمات تخصيص الأرض والمباني، وتسجيل وترخيص الشركات، وتوفير رخص البناء وتأشيرات الدخول وغيرها من الخدمات للشركات المسموح تأسيسها في هذه المناطق.
وهناك الكثير من المشروعات الجاذبة للاستثمار، حيث توفر الدولة الطاقة والمواد الأولية بأسعار مشجعة، والدولة تشجع صغار المشتثمرين والمصنعين لإنجاز مشروعاتهم.

ـ ألا ترى أن بنية القطاع الخاص ما زالت تفضل المشروعات الترويجية الاستهلاكية أكثر من الإقبال على المشروعات الإنتاجية الكبرى؟
لا أخفي حقيقة عندما أقول إن أسعار الأراضي كانت من المعوقات الأساسية في الإنتاج، الآن الأمور اختلفت مع حزمة من التسهيلات الجديدة، وتوفر التشريعات المحفزة، وأقول إن القطاع الخاص من خلال تنوعه هو رافد مهم للمشروعات الكبرى التي تنفذها الدولة.

ـ وما هو حجم إقبال القطاع الخاص على الاستثمارات والصناعات الثقيلة؟
أرى ان القطاع الخاص ما زالت تنقصه الشجاعة من أجل الدخول للصناعات المتوسطة والثقيلة، والدولة تدعم القطاع الخاص من خلال معرض "صنع في قطر" الذي يعمل على إبراز الصناعات القطرية وتشجيع المستثمرين على الصناعة، والمعرض دوره فتح أسواق جديدة خارج قطر، خاصة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، مثل السعودية وشمال أفريقيا.


ـ هناك من يقول إن تكلفة الاستثمار العالية في قطر مشكلة تقف عقبة في سبيل جذب الاستثمارات، فما تعليقك؟
في الفترة الأخيرة كانت الضغوط كبيرة على الخدمات والمرافق اللازمة لتنفيذ المشروعات الكبرى، ما رفع من سعر الخدمات، وسيتم تلافي ذلك مستقبلا من خلال شراكة حقيقية بين رجال الأعمال القطريين للاستفادة من الخدمات المحلية والعالمية، وكانت الإيجارات أيضا مرتفعة، ولكن أعتقد أنها ستكون أفضل من ذي قبل من خلال خطة مشروع المناطق، وخطة وزارة الطاقة لتخفيض الإيجارات في المرحلة المقبلة أو على الأقل تثبيتها.

ـ بعضهم يرى أن محدودية الاستثمارات الأجنبية ترجع إلى محدودية السوق، فهل هناك خطوات لتجاوز مثل هذه العقبات؟
دائما ننصح المستثمرين بالشراكة الاستراتيجية ولا مانع من شراكات للصناعات الكبرى في داخل قطر أو خارجها، فالمناخ الاستثماري في قطر جاذب للمستثمرين من توفر التشريعات والموارد الأولية والطاقة إلى وجود شبكة نقل متميزة، ونتطلع للشراكات العالمية.

ـ ما هي الصناعات التي ترى أنه سيكون لقطر دور بارز فيها؟
صناعة الخدمات سيكون لها مستقبل كبير من بين الصناعات الأخرى كالصناعات التحويلية وصناعة الكيماويات، والصناعات التقنية، ولن تكون هناك صناعات متميزة بدون مشاركة حقيقية من القطاع الخاص، فالصناعات الصغيرة والمتوسطة هي التي تدفع بأي اقتصاد وتعمل على تنوعه، ولم ينهض بلد ما إلا بصناعاته الصغيرة، وبمشاركة الشعب وصغار رجال الأعمال، ولهذا فالدولة تدفع بالقطاع الخاص ليقوم بدوره في التنفيذ، وعلى الدولة أن تقوم بدور المراقب والتشريع، ثم تترك القطاع الخاص ليقوم بدوره.

ـ هل من المتوقع أن تتغير خريطة الاستثمار في قطر لمواكبة متطلبات المرحلة المقبلة؟
قطر لديها مخزون واحتياطي هائل من الطاقة في حقل الشمال لأكثر من 250 سنة مقبلة، والدولة تستثمر في مجالات كثيرة وتدفع بالمستثمرين لبداية نهضة اقتصادية حقيقية ومتنوعة، وأرى أن المستقبل مفتوح للاستثمارات الصناعية بشكل أكبر، ونهيئ المناخ الاستثماري لشراكات عديدة لرجال الأعمال القطريين والعرب والأجانب.
اقتصاد قطر به استثمارات طبيعية هائلة، ما يعطي للمستثمرين مجالاً كبير للحركة والعمل، وستشهد المرحلة المقبلة وعند الانتهاء من البنية التحية، كثيراً من مشروعات المناطق والصناعات الثقيلة والخدمات والصناعات التقنية والتكنولوجية والاستثمارات الأخرى المتنوعة.



ـ هناك شكوى من ارتفاع أسعار الإيجارات كأحد أسباب عرقلة الاستثمار في قطر، فهل للغرفة التجارية دور في إيجاد حلول لمثل هذه المشكلة؟
اتفق مع هذا الرأي، فالطلب الكبير على العقار في فترة قصيرة رفع من قيمة الأرض، ما نتج عنه ارتفاع التكلفة، وزاد من سوء الوضع أن تكلفة الخدمات كانت أيضاً عالية جداً، فنتج عن ذلك ارتفاع في أسعار الإيجارات، وبالرغم من وجود مشروعات ضخمة في السوق مثل إزدان وبروة إلا أن ذلك لم يحل المشكلة.

ـ لاحظنا في الفترة الأخيرة اهتمام قطر بالسياحة، فهل هذا توجه لتنويع مصادر الدخل، أم مرتبط بالاستعداد لفعاليات مهمة مستقبلا؟
نحن مقدمون على استضافة مونديال 2022، والقطاع الخاص نشط جداً في مجال الإنشاءات السياحية، فخلال خمس سنوات مطلوب توفير ما بين 30 و40 ألف حجرة فندقية، بالإضافة لما هو موجود حاليا، تلبية لطلبات المونديال من رواد وضيوف من كل دول العالم، غير الفرق الرياضية الضخمة التي ستنزل في وقت واحد بالدوحة.
وهذا يضعنا في تحدٍّ يتعلق بالاستفادة من مشروعات ما بعد المونديال، وكيف نطورها مستقبلا لتكون عنصر استثمار دائماً، فسينتج عن المونديال شبكة خدمات ضخمة، وبنية تحتية كاملة لسياحة داخلية، تكون من ضمنها السفن وسياحة السفاري، والدولة تبذل كل جهدها لاستكمال هذه المرافق، وهناك الكثير من الأفكار المطروحة خلال المرحلة المقبلة، والتي ربما تتغير معها خريطة الاستثمار في قطر من مرافق وسياحة داخلية وخلافه.

ـ التجارة البينية بين قطر ودول العالم نشطة وقوية، لكنها تواجه بإحجام في التعامل مع الدول العربية، ما هو السبب في رأيك؟
أرى أن الحكومة والقطاع الخاص نشيطان ويسعيان للتعامل مع كل الدول العربية بلا استثناء، ونزلنا الأسواق العربية وتقدمنا بمشروعات، ولكن لعدم وجود القوانين الحاكمة للاستثمار نفاجأ بتعطيل هذه الاستثمارات مع أي مشكلة سياسية أو داخلية في أي من البلاد العربية، حدث هذا معنا كثيرا، فحجم التجارة بين قطر
والصين أكثر من 10 مليارات دولار، والاستثمارات في دولة أوروبية مثل بريطانيا تبلغ 30 مليار دولار، في هذه الدول استقرار سياسي واقتصادي، والقوانين واضحة والاستثمار مضمون.

ـ وماذا عن أفريقيا؟
ذهبنا إلى كينيا وتنزانيا والسنغال، ومعظم الدول الأفريقية غنية وبها ثروات طبيعية هائلة من الأخشاب والمواد الغذائية إلى الماس واليورانيوم وشروطها سهلة، وأستطيع أن أقول إن المستقبل لأفريقيا، ولكن تواجهها نفس المشكلة أنها دول متأخرة في التشريعات، أما في أوروبا فالمشروع الذي تشتريه اليوم ينتج غداً.

ـ ما المعوقات التي تواجه الاقتصاد القطري، في رأيكم؟
اقتصاد قطر دينامي متحرك، ولا بد من أن يواجه ببعض المعوقات، ودورنا هو العمل على حلها، وتيسير المرافق والخدمات، وتيسير عمل المستثمرين والحكومة تستجيب ولا تتأخر في حل مشاكل الاستثمار، سواء بالتشريع أو بتسهيل الأعمال.

ـ بعض الآراء تشير إلى أن الإنفاق الحكومي مبالغ فيه، وهو ما زاد من حدة الأزمة الاقتصادية؟
الحكومات ملتزمة بمشروعات وخطط، والمشروعات تتطلب إنفاقاً، وهي بالتالي تخلق فرص عمل للمستثمر المحلي والأجنبي، لكن مع ارتفاع وطأة الأزمة الاقتصادية يمكن ترشيد الإنفاق الحكومي على بعض البنود كالإنفاق الترفيهي.

ـ هل من الممكن لدول الخليج أن تتفق على اتحاد خليجي وعملة خليجية موحدة خلال المرحلة القادمة، أم أن فكرة الاتحاد الخليجي انتهت ولم يعد لها مكان؟
لا... لا أقول انتهت، فما زالت سارية وإن كانت الأمور تسير ببطء، وأن ما يجمع دول الخليج أكثر مما يجمع دول الاتحاد الأوروبي، وبالنسبة لتوحيد العملة الخليجية كانت الأمور تسير بوتيرة جيدة، لكن ما صاحب توحيد العملة الأوروبية من مشاكل كثيرة، جعل دول الخليج متأنية، والمستقبل للكيانات الكبيرة وعوامل الاتحاد متوفرة.

ـ وهل كان لانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أثر على الاستثمارات القطرية والخليجية بشكل عام؟
بالطبع كان لها تأثير، ولكن بشكل طفيف، غير أنه كانت هناك جوانب أخرى إيجابية من حيث إعادة النظر والتحرك لمواجهة أي مفاجآت طارئة، وفي العموم الاقتصاد البريطاني قوي، ولن تنال منه هذه الهزات المفاجئة، ومن ناحية أخرى الاستثمارات ثابتة وقوية والقوانين حاكمة وهذا هو المهم.
المساهمون