السعودية تدرس رفع تسعيرة الوقود لمواجهة تهاوي أسعار النفط

31 يوليو 2015
تراجع إيرادات دول الخليج يدفعها إلى رفع أسعار الوقود(أرشيف/Getty)
+ الخط -
تدرس السعودية تقليل دعم أسعار الوقود بشكل تدريجي، ولكنها لن تصل إلى الرفع الكامل، فيما تبحث الكويت كيفية تعويض المتضررين في حالة رفع أسعار الوقود، حسب مصادر نفطية لـ"العربي الجديد".
ورغم أن الحكومة السعودية لم تعلن رسمياً عن نوياها تجاه تحرير أسعار الوقود، إلا أن المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، أكدت أن البلاد مضطرة إلى رفع الأسعار لمواجهة تراجع إيراداتها، بسبب تهاوي أسعار النفط، متوقعة حدوث تفاوت كبير بين دول الخليج في أسعار الوقود، ما يؤدي إلى فجوة في الأسعار بين الدول، قد تنشط معها عمليات تهريب الوقود، ما سيضر بمصالح هذه الدول .
وتعتبر السعودية ثاني أرخص دولة في العالم فيما يتعلق بأسعار البنزين بعد فنزويلا، حيث يبلغ سعر اللتر 0.16 دولار، فيما يبلغ في الكويت 0.22 دولار، وقطر 0.27 دولار، والبحرين 0.28 دولار، فيما ارتفعت الإمارات لتكون ثاني أعلى دولة آسيوية في أسعار البنزين، بعد أن زاد إلى 0.62 دولار، عقب تحرير أسعاره الأسبوع المقبل.
وقال نائب رئيس شركة أرامكو السعودية السابق، عثمان الخويطر، لـ"العربي الجديد"، أن أيا من المسؤولين لم يقل إن هناك نية لرفع أسعار الوقود قريباً، لكنه استدرك قائلاً "بالتأكيد الأمر تحت الدراسة منذ سنوات، لأنه لا يمكن ترك أسعار الوقود عند هذا المستوى المتدني، فهذا يضر كثيراً بالاقتصاد المحلي، فالأسعار بالغة التدني بشكل غير مقبول".
ويشدّد الخويطر على أن هذا القرار سبقت مناقشته على مستوى دول الخليج، مشيراً إلى أن "السعودية تنتظر الفرصة المناسبة لإعلان رفع الأسعار، بهدف دعم الاقتصاد المتراجع جراء انخفاض أسعار النفط، وترشيد الاستهلاك الذي وصل إلى مرحلة مرتفعة جدا، وقد يكون ذلك في غضون الأشهر القادمة، أو ربما يستغرق أكثر من سنة".
وكان صندوق النقد الدولي دعا السعودية، في فبراير/شباط الماضي، إلى رفع أسعار الوقود، لترشيد استهلاكها، وقال في تقرير إن المملكة من أعلى دول العالم في استهلاك الفرد للطاقة، والأقل في الأسعار، سواء للمستهلكين أو الشركات.

واعترف الصندوق بأن زيادة أسعار الوقود سيكون لها تأثير سلبي على الفقراء والفئات محدودة الدخل، وحث السلطات السعودية على اتخاذ تدابير تعويضية لهذه الفئة في حالة رفع الأسعار.
ويستبعد المحلل الاقتصادي السعودي فهد الجوهر، أن يكون هناك إلغاء قريب لدعم الوقود والطاقة في المملكة، إلا أنه يشدّد على احتمالية تعديل الدعم الحالي لأسعار الوقود والطاقة، وليس إلغاءه.
ويقول لـ"العربي الجديد"، إنه "من الضروري أن يكون ذلك بصورة تدريجية وعلى سنوات، دون أن يؤثر على المواطنين، فالإلغاء المفاجئ والكامل سيكون تأثيره سلبياً".
ويضيف، أنه "بكل تأكيد تمت مناقشة مراجعة دعم الوقود على مستوى دول الخليج منذ فترة، إلا أن تطبيقه ربما يتأخر لاعتبارات مختلفة، حيث لا تملك كل الدول البدائل المتاحة".

السعودية ليست كالإمارات

من جانبه، يؤكد رئيس المركز السعودي لدراسات الطاقة، فهد الزيد، لـ"العربي الجديد"، أنه من الطبيعي أن تبيع دول الخليج النفط لمواطنيها بأسعار أقل من غيرها، كونها دول منتجة للنفط، ولا تتكلف الكثير لشرائه.

اقرأ أيضا: الخليج يتقشف

ويقول إن "السعودية تعتبر الأرخص خليجيا، فيما الإمارات الأعلى بعد تحريرها أسعار الوقود"، مشددا على أن دول الخليج تدرس تحرير أسعار الوقود أو إلغاء جزء من الدعم، ولكن بطرق متفاوتة.

ويضيف الزيد، "منذ سنوات، تدرس السعودية كيفية رفع أسعار الوقود لتخفيف الزحام المروري ورفع ثقل كبير واقع على كاهل الدولة بتدعيم الأسعار، ولكن ما يؤجل الأمر هو كيفية التعويض عن رفع الأسعار، ومن الممكن أن يكون برفع الرواتب أو على شكل حزم مساعدات غير مباشرة للموظفين وللمستفيدين من الضمان الاجتماعي".
وبحسب الزيد، لا يمكن أن تلجأ السعودية إلى الخيار الإماراتي لأسباب، أهمها: "تفاوت نسبة الأجانب بالنسبة للمواطنين، فلا يزال السعوديون هم المستفيدين الأوائل. أيضا تفاوت دخل الفرد، فيبلغ دخل الفرد في الإمارات 23.2 ألف دولار، مقابل أقل من 5 آلاف دولار في السعودية.
والأمر الأهم هو المساحة الشاسعة للسعودية، وضعف وسائل النقل العام، على عكس الإمارات التي تملك نقلاً عاماً متطوراً يتيح للفرد الكثير من الخيارات، بعكس السعودي الذي لا يملك سوى سيارته. كما أن اتخاذ هذه الخطوة سيزيد كثيرا من معدل التضخم الذي سيؤثر على النمو الاقتصادي ويقود إلى ارتفاع تكاليف المعيشة".

الكويت تترقب

وتعتزم الكويت خفض دعم السلع والخدمات بنسبة 38% في الموازنة الجديدة مع انخفاض إيرادات الدولة نتيجة هبوط أسعار النفط، وقالت تقارير محلية، إن الحكومة تعتزم المضي قدماً في تنفيذ خطتها الرامية إلى رفع جزء من الدعم عن الوقود. وكانت الكويت رفعت أسعار السولار والكيروسين مطلع 2015، ثم تراجعت.
ويؤكد الخبير الاقتصادي فهد البجاد، لـ"العربي الجديد"، أن رفع الدعم عن البنزين أصبح شبه مؤكد قبل نهاية 2015، ويقول إن "تراجع أسعار النفط لأكثر من 50%، واتخاذ جارة خليجية (الإمارات) قراراً برفع الدعم عن الوقود، سيدفع الكويت إلى اعتماد خطتها فعليا".
ويؤكد البجاد أن ما يعطل إعلان القرار، هو طريقة تعويض الكويتيين عن الضرر الذي سيلحق بهم جراء رفع أسعار الوقود، ويضيف، "يسكن الكويت نحو 4 ملايين نسمة، منهم 1.2 مليون كويتي".

اقرأ أيضا: عجز الخليج المالي..ملفات حساسة وخيارات صعبة
المساهمون