تهاوي أسعار النفط يرغم المنتجين على زيادة أسعار الوقود

29 ديسمبر 2015
الجزائر اختارت من ناحيتها تقليص الدعم باعتدال (Getty)
+ الخط -


أمام انهيار أسعار البترول تجد جميع الدول المنتجة للنفط تقريباً نفسها مضطرة لاتخاذ تدابير غير شعبية تترجم خاصة بزيادة أسعار الوقود.

وفي هذا الصدد قال البرفسور المتقاعد في جامعة باري-دوفين، جان ماري شوفاليه، لوكالة "فرانس برس"، غداة القرار السعودي بتطبيق تدابير تقشفية تتضمن رفع سعر البنزين بأكثر من 50%: "إنها اللعنة النفطية بالنسبة للدول التي تعتمد عائداتها على الذهب الأسود".

والسعودية، التي تعد الاقتصاد الأول في العالم العربي والمصدر الأول للنفط في العالم، تواجه عجزا في ماليتها بسبب تبعات انهيار سعر النفط علما بأنها تعتبر مسؤولة جزئياً عنها بسبب إصرارها على الدفاع عن حصصها في السوق بدلاً من الأسعار.

وعجز ميزانيتها يقارب 100 مليار دولار ما يضع الاحتياطات المالية للرياض المقدرة بثمانمائة مليار دولار في اختبار عسير.

ولمعالجة ذلك اعتمدت المملكة خطة تقشف تقضي بشكل خاص بتقليص الدعم عن أسعار الوقود، لتحذو حذوها بلدان نفطية أخرى.

وقد ذهبت دول عدة في الخليج في هذا المنحى فيما لا تزال أخرى مترددة ما يسهم في نشوء وضع متناقض، بحيث يؤدي تدهور أسعار النفط إلى انخفاض أسعار الوقود في البلدان المستهلكة، لكنه يزيدها في البلدان المنتجة.

وبعد إعلان الحكومة وضع حد للدعم المكلف في 2016 باعتبار أنه ليس ضرورياً عندما يكون سعر البرميل دون عتبة الـ60 دولاراً، عبرت "بنغاسان" نقابة كوادر الصناعة النفطية في نيجيريا المنتج الأول في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى عن استيائها قائلة: "أسعار النفط تراجعت لكن النيجيريين سيدفعون ثمناً أعلى لليتر الفيول".

وهذا النوع من الدعم تستخدمه حكومات الدول المنتجة بشكل كبير لشراء السلم الاجتماعي من خلال تقديم وقود بسعر زهيد للمواطنين كما أوضح شوفاليه، وفي عام 2015 كلف الدعم 600 مليار دولار بحسب صندوق النقد الدولي.

إنذار صندوق النقد الدولي

في الربيع أعرب صندوق النقد الدولي عن قلقه من تكلفة الدعم العام لأسعار الطاقة في العالم، ودعا إلى "إعادة الأسعار الطاقوية إلى سعر عادل يمكن أن يساعد الحكومات على بلوغ أهدافها بشأن البيئة، وأيضاً لجهة المالية العامة السليمة".

اقرأ أيضاً: السعودية تشد الحزام لمواجهة استمرار تهاوي أسعار النفط

وقد تبعت بعض الدول نصائحه لتفادي حصول أزمة مالية، فحررت الإمارات العربية المتحدة منذ شهر أغسطس/آب أسعار البنزين والديزل، وكذلك رفعت الكويت الدعم عن وقود الديزل والكيروسين وتعتزم الآن القيام بتخفيضات أخرى بالنسبة للكهرباء والبنزين.

وحذت البحرين بدورها حذوها بإعلانها، أمس الاثنين، خفض الدعم عن الديزل والكيروسين اعتبارا من يناير/كانون الثاني القادم.

وتسعى دول منتجة أخرى إلى الحد من وقع تدهور أسعار النفط مثل الإكوادور التي أعلنت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلغاء 40% من الإعانات خاصة في القطاع الصناعي أو البحري، وأوضح الرئيس رافاييل كوريا خفضنا ذلك بالنسبة للأثرياء وليس للفقراء.

أما الجزائر فاختارت من ناحيتها تقليص الدعم باعتدال، فأسعار كل الوقود ستزيد بنحو 15% بالعملة المحلية خاصة بسبب زيادة ضريبة القيمة المضافة، لكن السعر سيبقى مع ذلك منخفضا بحدود 0.22 يورو للبنزين السوبر.

ولفت شوفاليه مع ذلك إلى أن "هناك دولا لا تريد سماع أي شيء في هذا الخصوص، وهذه هي حالة فنزويلا حيث البنزين شبه مجاني"، إذ إن الليتر لا يكلف سوى 0.015 دولار.

وهذا البلد الواقع في أميركا الجنوبية حيث المعارضة فازت في الانتخابات التشريعية الأخيرة، يجد نفسه في وضع اقتصادي وسياسي متوتر، فرغم أن الرئيس نيكولاس مادورو حذر قبل عام بأن أسعار الوقود ستزيد، لكنه لم يتخذ أي تدبير حتى الآن لمواجهة الوضع.

وتعد فنزويلا من بلدان منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) حيث يباع البنزين بأدنى الأسعار إلى جانب الجزائر وليبيا وإيران، وفي كولومبيا البلد المجاور، لا تفكر الحكومة أيضاً في خفض الدعم.

 

 
اقرأ أيضاً:
السعودية تقلص الدعم في مواجهة عجز الموازنة وتراجع النفط
موازنة السعودية 2016: حصار العجز وتنويع مصادر الدخل

المساهمون