ما الذي سيقدمه البشير في ولايته الجديدة؟

18 ديسمبر 2018
الرئيس السوداني عمر البشير (Getty)
+ الخط -

 

قبل أن يخرج السودان من أزمة اقتصادية يدخل في أخرى، ومعها تتراكم الأزمات المعيشية والمالية يوما بعد يوم، من دون أن يكون هناك حل قاطع من الحكومة، أو حتى ضوء ولو خافتا في نهاية نفق الأزمات المظلم.

فالبلاد تعيش في أزمات تقصم ظهر المواطن الذي بات عاجزاً عن مواجهتها، في ظل تهاوي قيمة الجنيه السوداني ونقص السيولة النقدية، وعدم قدرة الحكومة على إنهاء السوق السوداء للعملة، مع خفض الدعم الحكومي المقدم للسلع الرئيسية والجماهيرية.

والأسواق السودانية تشهد انفلاتا متواصلا في الأسعار نجم عنها حدوث تظاهرات عدة خلال السنوات الماضية. ومنذ بداية العام 2018، تجتاح البلاد موجات غلاء عنيفة ومتلاحقة، ارتفعت معها أسعار السلع الأساسية بصورة كبيرة، كما زادت أسعار المواد الغذائية بمعدلات غير مسبوقة.

والسودان من الدول القليلة في العالم التي نرى فيها معدل تضخم يلامس الـ70%، بفعل الصعود الصاروخي لسعر الدولار، تصاحب ذلك عمليات تلاعب كبير في الأسواق من قبل التجار والمحتكرين.

كما شهدت العملة السودانية انهيارا قبل أسابيع فقدت على أثره نحو 70% من قيمتها، حيث تراجعت قيمتها من 18 جنيها للدولار إلى 70 جنيها في السوق السوداء، أمس الأثنين.

ومع قفزات الدولار، تتهاوى مدخرات المواطنين وتزداد ظاهرة الدولرة، ويسارع المدخرون إلى الاحتماء بالعملات الأجنبية على حساب عملتهم المحلية، خوفا من استمرار انهيار عملتهم وزيادة معدل التضخم.

وشهد السودان في الأسابيع الماضية أزمة حادة في السيولة لدى البنوك، وواجه المواطن صعوبة شديدة في الحصول على النقود عبر ماكينات الصرف الآلي أو فروع المصارف. ومع جفاف السيولة لدى المواطن، زادت حدة ركود الأسواق مع ارتفاع شديد في الأسعار وضعف في الأجور وزيادة الفقر والبطالة والفساد.

ومن أزمة نقص السيولة، وإنهيار شركة الطيران الوطنية، وتأخر صرف رواتب بعض الموظفين، ونتنامي قضايا الفساد، إلى أزمة الوقود والنقص الحاد في السولار وتفاقم الدين الخارجي البالغ 47.5 مليار دولار نهاية العام 2017 حسب تقديرات حكومية.

ومع هذه الأزمات وغيرها عانت البلاد من أزمات خانقة في الخبز، كما عانت من أزمة اختفاء الدقيق الأبيض، ومعها عادت ظاهرة اصطفاف المواطنين أمام المخابز في كافة أنحاء العاصمة الخرطوم، بل وأغلق عدد من مخابز العاصمة أبوابها أمام المواطنين.

وقبل أيام، يعاني السودان من أزمة دواء حادة، وشهدت العاصمة شحاً حاداً في الأدوية الأساسية، خاصة أدوية القلب والسكري وغيرها من الأمراض المزمنة والخطيرة، كما زادت أسعار بعض الأدوية بنسبة 300% مرة واحدة مع تدهور الخدمات الصحية

أمام كل هذه الأزمات، تقف حكومة عمر البشير عاجزة عن تقديم حل للمواطن. حكومة لا تقدم سوى الوعود البراقة والمتلاحقة، وأعينها دوماً على الحلول الخارجية لا الداخلية، ورهانها الأول على المساعدات الخليجية التي يبدو أنها ستتأخر كثيرا، في ظل الاضطرابات الاقتصادية التي تعيشها البلاد وتراجع سعر النفط. ومرة أخرى تراهن الحكومة على الاستثمارات الغربية، والتي لن تأتي رغم رفع العقوبات الأميركية.

كما يتم الرهان ثالثاً على الاسثمارات الصينية التي يهمها في المقام الأول حصد الأرباح العالية، وأن تتحول الأسواق السودانية إلى سوق لترويج البضائع والسلع الصينية الرديئة.

أمام هذه الأزمات، كان من المتوقع أن تتحمل الحكومة المسؤولية، وأن يفسح الفريق عمر البشير المجال لانتخاب رئيس جديد قد ينجح في احتواء أزمات الشارع وتخفيف الضغوط عن الشارع، لكن البشير قرر الترشح لفترة جديدة.

والسؤال، ما الجديد الذي سيقدمه الرئيس السوداني عمر البشير، الذي يحكم البلاد منذ العام 1989، للمواطنين في الولاية الجديدة لحكمه، وإذا كان لديه برنامجا لمعالجة الأزمات المالية والاقتصادية لبلاده، فلماذا لم يطرحها طوال 29 عاما قضاها في الحكم منفرداً وبلا منافس؟

الاقتصاد السوداني يمر بأسوأ أزمة عرفتها البلاد منذ سنوات طويلة، ومع تفاقم الأزمة يدخل ملايين المواطنيين دائرة التقشف والحرمان والفقر والفقر المدقع، يحدث ذلك دون بارقة أمل في المستقبل مع بقاء النظام السياسي على ما هو عليه .

المساهمون