شهدت أسواق المغرب حالة من الانتعاش ارتبطت بشكل خاص بحدث بطولة كأس العالم لكرة القدم المقامة في روسيا (المونديال) ومشاركة منتخب المغرب فيها، وهو ما انعكس على زيادة معدل مبيعات سلع وخدمات مرتبطة بهذا الحدث الذي لا يتكرر إلا كل 4 سنوات.
لا يخفي النادل محمد أيت الشاح، خيبته بسبب إقصاء المنتخب المغربي من منافسات كأس العالم، فهو شغوف بكرة القدم والمنتخب، غير أن إحساسه ذاك يتعاظم بسبب خوفه من تراجع إقبال الجمهور على المقهى من أجل مشاهدة مباريات كرة القدم.
غص المقهى الواقع بوسط مدينة الدار البيضاء، أمس الاثنين، بعشاق كرة القدم. شبان وشابات ونساء ورجال وأطفال، جاؤوا من أجل إبداء حبهم للمنتخب الوطني، رغم تسليمهم بإقصائه، حتى قبل خوضه للمباراة الأخيرة ضد إسبانيا، والتي انتهت بالتعادل الإيجابي.
ويؤكد أيت الشاح أن المقهى الذي يعمل به نادلا، ضاعف إيراداته بمناسبة مباريات المنتخب الوطني بثلاث مرات، وترتفع أحيانا بشكل أكبر من ذلك عندما يتعلق الأمر بمباريات تكون منتخبات كبيرة مثل ألمانيا أو البرازيل طرفا فيها.
ولم تثن شكوى أسر مغربية من تراجع قدراتها الشرائية وارتفاع الأسعار عن الإنفاق بسخاء بمناسبة مشاركة المنتخب الوطني في مونديال روسيا.
وأعطى المونديال دفعة قوية لطلبات الأسرة، حسب ما يلاحظ الباحث الاقتصادي حسن منعيم، الذي يعتبر أن العديد من الأسر تستعمل مدخراتها من أجل الاحتفاء بالمنتخب الوطني الذي يشارك مع أكبر المنتخبات بالعالم في المونديال.
ويشير إلى أن المونديال يساهم في زيادة الطلب على العديد من السلع والخدمات، ما يفضي إلى تأكيد مساهمة طلب الأسر في النمو الاقتصادي، الذي ينتظر أن يصل في العام الحالي إلى 4.1%، حسب "المركزي المغربي".
وينعش المونديال نشاط المقاهي في المغرب، التي تضطر قبل ذلك الموعد إلى إنجاز استثمارات تقتضيها المناسبة، مثل اقتناء أجهزة تلفاز كبيرة وبتقنية عالية الجودة. وهو استثمار مردوده كبير. فتلك المقاهي تحقق، كما يؤكد الشاح، إيرادات تساوي ما تجنيه في ثلاثة أشهر.
وفي نهاية الأسبوع تلمس إقبالاً غير مألوف على سوق "المنجرة"، حيث تقدم المطاعم جميع أنواع الشواء مع الشاي الأخضر المغربي. وعندما تسأل نادلا حول سر هذا الطلب، يجيب بأن حالة الفرح الذي بثها المنتخب الوطني في النفوس، بسبب "قتالية" عناصره، رغم النتائج المحققة، تدفع أرباب الأسر إلى الإقبال على المطاعم.
ليست المقاهي والمطاعم المستفيدة الوحيدة من المونديال، فهذا توفيق بنعبد القادر، المشرف على محل تجاري بسوق القريعة، يشير إلى أن مشاركة المنتخب المغربي في هذا الحدث العالمي، ساهمت في تجنب الركود التجاري الذي تعرفه العديد من الأسواق بعد عيد الفطر.
ويؤكد أن العديد من الأسر زارت السوق من أجل البحث عن أقمصة المنتخب الوطني، رغم الهزيمة أمام إيران والبرتغال، حيث إن الأداء الجيد للاعبي المنتخب يشفع لهم في نظر محبيهم. هو يؤكد أن تلك الأقمصة ارتفعت أسعارها بحوالي 40 في المائة في الأيام الأخيرة.
وأنعش المونديال سوق الأعلام الوطنية، التي رأى فيها باعة جائلون مصدرا لإيرادات مهمة في هذه الفترة، فهم يجوبون الشوارع ويرابطون قرب إشارات المرور.
ويؤكد مهاجر أفريقي أنه كان يعرض قبل المونديال ألبسة مقلدة يقتنيها من سوق "درب عمر" بالدار البيضاء، قبل أن ينصحه أحد التجار بالتحول لبيع الأعلام بمناسبة المونديال، ويوضح أن أرباحه تضاعفت، حيث ارتفعت من 8 دولارات إلى 15 دولارا.
وبدأت الاستعدادات للمونديال اعتبارا من إبريل/نيسان الماضي، إذ شرعت أسر في البحث عن تغيير أجهزة التلفاز، وهو ما استجاب له التجار بتقديم عروض أرادوها مغرية. هذا ما لوحظ في سوق "درب عمر"، حيث يؤكد التاجر محمد الهواري، ارتفاع المبيعات بحوالي 50%.