المغرب: زيادة الأجور تصطدم بتصلب رجال الأعمال

02 ابريل 2018
العمال يطالبون بتحسين أوضاعهم المالية (جلال المرشدي/الأناضول)
+ الخط -
ما زال الحوار الاجتماعي بالمغرب لا يعرف تقدمًا يمكن أن يلبي مطالب الاتحادات العمالية، ففي الوقت الذي تبدو الحكومة حذرة في التعاطي مع مطالب تحسين أوضاع الموظفين المالية، يعبر رجال الأعمال عن رفضهم للزيادة في الحد الأدنى للأجور.
وينتظر أن تعقد الجولة الرابعة من الحوار الاجتماعي، غدا الثلاثاء، في إطار لجنة تحسين الدخل والأجور، حيث عبرت الاتحادات العمالية عن انتظار تعبير الحكومة بوضوح عن رؤيتها لكيفية تحسين الدخل وزيادة الأجور، بعدما كانت أبدت ملاحظتها عن أن مجمل مطالب تلك الاتحادات العمالية ستتكلف 3.5 مليارات دولار.

ودعت قيادات نقابية، في مقدمتها الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، ميلودي موخاريق، إلى ضرورة التوصل بين الحكومة والاتحادات ورجال الأعمال إلى اتفاق يقضي بالزيادة العامة في الأجور، التي تمس القطاعين العام والخاص، فلا معنى للاتفاق بدون تلك الزيادة على حد قولها.
ودأبت الاتحادات العمالية على التأكيد في الفترة الأخيرة وبشدة على أنه لا يمكن الوصول إلى اتفاق لا يفضي إلى الزيادة في الأجور، بالإضافة إلى حماية الحريات النقابية، خاصة في القطاع الخاص.
ويتطلع رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، إلى الوصول لاتفاق قبل عيد العمال هذه السنة، وهو اتفاق يريد له أن يمتد على مدى ثلاثة أعوام، بما يضمن نوعا من السلم الاجتماعي.

وعبرت الحكومة عن استعدادها للتعاطي إيجابا مع بعض مطالب الاتحادات العمالية ذات الصلة بالزياة في أجور الموظفين المرتبين في أدنى سلم الوظائف الحكومة، إلا أنه يفترض فيها إقناع رجال الأعمال بالقبول بالزياة في الحد الأدنى للأجور، حتى يتأتى لهم تليين مواقف الاتحادات العمالية من إعادة النظر في قانون العمل في أفق المرونة التي يتطلع إليها المشغلون.
ويرنو رجال الأعمال إلى الحصول من الاتحادات العمالية على التزام بمراجعة قانون العمل بما يسمح برفع بعض القيود عن قرارات تسريح العمال لأسباب لها علاقة بصعوبات اقتصادية، في الوقت نفسه الذي يتطلعون فيه إلى تأطير حق الإضراب عبر قانون ينظمه، وهو ما يثير حفيظة الاتحادات العمالية.

غير أن الحد الأدنى سيكون حاسماً في تحديد مسار شق المفاوضات مع رجال الأعمال، الذي يعتبرون أن أية زيادة في الأجور ستؤثر على تنافسية الشركات، التي تشتكي من ارتفاع التكاليف، خاصة بالنسبة للمصدرة منها.
ويعتبر القيادي بالاتحاد الوطني الفلاحي، محمد الهاكش، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن النقاش لا يجب أن ينصب فقط على الزيادة في الحد الأدنى للأجر في المغرب، بل لا بد من الإلحاح على توحيد الحد الأدنى في الصناعة والتجارة والخدمات، وفي القطاع الزراعي.

ويذكر أنه في اتفاق شهر إبريل/ نيسان 2011، جرى الالتزام بالسعي للتوحيد التدريجي للحد الأدنى للأجور، بما يضع حدا بين الأجراء في القطاع الزراعي ونظرائهم في القطاعات الأخرى، غير أن ذلك الالتزام لم يتم الوفاء به حتى الآن.
وحسب الحد الأدنى الحالي للأجر في الصناعة والتجارة والخدمات، يتلقى الأجير حوالي 299 دولارا في الشهر، إذا عمل الساعات التي يحددها قانون العمل.
ويعتبر مستوى الحد الأدنى في القطاع الخاص دون الحد الأدنى في القطاعات الحكومية، حيث سبق لحكومة عبد الإله بنكيران أن رفعته إلى حوالي 325 دولارا في الشهر.

غير أن بنك المغرب (البنك المركزي) لاحظ أن الحد الأدنى للأجر في القطاع الخاص تراجعت قيمته الحقيقية بنسبة 1.2% في الربع الأخير من العام الماضي، وينتظر أن ينخفض بـ1.6% في الربع الأول من العام الجاري.
ويتلقى الحد الأدنى للأجر في المغرب حوالي 45% من الأجراء المصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الذي يوفر التغطية الاجتماعية لأكثر من ثلاثة ملايين عامل بالقطاع الخاص بالمملكة.
وشهد المغرب آخر زيادة في الحد الأدنى للأجور 10% في مرحلتين بعد اتفاق عشية عيد العمال في 2014، وهو الاتفاق الذي جاء ضد رغبة رجال الأعمال، الذين لم يخفوا غضبهم من تلك الزيادة آنذاك.
غير أنه يخشى من تآكل القدرة الشرائية للأجراء الذي يتلقون الحد الأدنى للأجور، في ظل توقع المركزي المغربي بلوغ التضخم 1.8% في العام الحالي و1.5% في العام المقبل، بعدما كان في حدود 0.7% في العام الماضي.

وترى مصادر حكومية، تحدثت لـ"العربي الجديد"، أنه يفترض في رجال الأعمال، عبر الاتحاد العام لمقاولات المغرب، الذي يمثلهم في مفاوضات الحوار الاجتماعي، مساعدة الحكومة على التوصل إلى اتفاق مع الاتحادات العمالية، عبر الزيادة في الحد الأدنى للأجور، وهو ما يضع قدرات الإقناع لدى رئيس الحكومة على المحك.


المساهمون