تدابير تونسية لجذب السياح الروس

10 سبتمبر 2019
عائدات السياحة تعزز رصيد النقد الأجنبي (الأناضول)
+ الخط -
 

بدأ مهنيو السياحة التونسية في اتخاذ التدابير اللازمة لفترة ما بعد موسم الذروة خلال الصيف، تجنبا للفراغ الذي قد يخلفه تراجع تدفق السياح الأجانب والمغاربة في الفترة الممتدة بين أكتوبر/تشرين الأول وموسم أعياد نهاية السنة في ديسمبر/كانون الأول المقبل.

وعادة ما تمر الفنادق والمنتجعات السياحية في تونس بفترة ركود خلال الشهرين الأخيرين من العام، إذ يتراجع عدد الوفود السياحية بشكل لافت مقارنة بالموسم الصيفي، الذي سجلت فيه سياحة تونس هذا العام معدلات قياسية، انعكست إيجابا على عائدات القطاع.

ويتوجه مهنيو السياحة إلى الأسواق الآسيوية، لا سيما الروسية منها، لجذب أكبر عدد من الوفود السياحية التي تشكو في بلدانها من تراجع درجات الحرارة، وسط محاولات لتنويع المنتج التونسي بين السياحة الشاطئية والصحراوية جنوب البلاد.

وبلغ عدد السياح الذين زاروا تونس خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري نحو 6.3 ملايين شخص، وفّروا عائدات بنحو 3.93 مليارات دينار (1.28 مليار دولار)، بارتفاع بلغت نسبته 45 في المائة عن نفس الفترة من العام الماضي 2018، وفق بيانات وزارة السياحة.

وقال نوفل الصالحي، المتحدث باسم وزارة السياحة والصناعات التقليدية، إن لدى الوزارة خطة عمل لفترة ما بعد الذروة، ترتكز على تنويع المنتج وتطوير السياحة البديلة، وذلك من خلال فعاليات ثقافية ورياضية إلى جانب تنظيم فعاليات في الصحراء التونسية.

وأضاف الصالحي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "خطة مقاومة الركود الخريفي تعتمد أيضا على تشجيع أصحاب مشاريع دور الضيافة على تنشيط مشاريعهم، خاصة في المناطق الداخلية، في إطار السياحة الصحراوية"، مشيرا إلى أن هذا المنتج الجديد يشهد توسعا من حيث حجم الاستثمارات وكذلك من حيث عدد السياح الذين يبدون اهتماما بالمنتجات غير التقليدية.

وأعلن وزير السياحة روني الطرابلسي، في وقت سابق من العام الجاري، عن إدراج ما لا يقل عن خمس مناطق سياحية جديدة في محافظات داخلية، في إطار خطة لتثمين المنتجات الطبيعية والمعالم التاريخية في هذه الجهات.

ويدفع مهنيو السياحة نحو تغيير الخارطة التقليدية للسياحة التونسية، التي تعتمد أساسا على منتجات الشمس والبحر، بالتوجه أكثر نحو المحافظات الداخلية، وتوسيع إمكانيات المهنيين من الاستفادة من التنوع الجغرافي والثقافي في الدولة.

ويتوقع الكاتب العام (الأمين العام) لجامعة وكالات الأسفار، ظافر لطيف، أن تتجاوز تونس فترة "الركود الخريفي" بتنشيط السياحة الصحراوية والتوجه إلى المنتجات السياحية غير التقليدية، معتبرا الركود الخريفي مرحلة إجبارية تمر بها كل الأسواق السياحية.

وأشار لطيف، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى ضرورة أن يركز مهنيو السياحة على جلب أكبر عدد من الوفود السياحية من الأسواق في هذه الفترة، لاسيما السوقين الصينية والكندية.

وأضاف أن أمام تونس مجهودا كبيرا حتى تتمكن من بلوغ إشغال عال للنزل (الفنادق) والمنتجعات السياحة على مدار السنة، واصفا الموسم الصيفي لهذا العام بـ"الاستثنائي" والذي يمكن البناء على نتائجه لتحقيق نتائج أفضل في بقية فصول العام.

وكانت تونس قد استقبلت نحو 8.3 ملايين سائح خلال العام الماضي بأكمله، بإيرادات بلغت 1.36 مليار دولار، بينما تتوقع وزارة السياحة أن يتجاوز العدد 9 ملايين سائح بنهاية العام الجاري، وأن يصل إلى 10 ملايين خلال العام المقبل 2020، وفق توقعات وزير السياحة، روني طرابلسي، مشيرا إلى تحسّن القطاع بعد رفع الحظر على السفر الذي فرضته العديد من الدول قبل نحو 4 سنوات.

وشهدت تونس في 2015 ضربات إرهابية، كانت لها تداعيات كبيرة على القطاع السياحي، لوقوعها في منتجعات ومناطق أثرية، لكن سرعان ما تكثفت الجهود في السنوات الأخيرة لاستعادة ثقة وكالات السياحة العالمية، فيما رفعت العديد من الدول الحظر الذي فرضته على السفر إلى تونس.

ونجحت تونس هذا العام في استعادة واحد من أهم أسواقها التقليدية وهو السوق البريطاني، الذي سجل عدد وافديه ارتفاعا بنسبة 119 في المائة مقارنة بالعام الماضي، كذلك صعد عدد السياح الفرنسيين بنسبة 26.2 بالمائة.

وإلى جانب استعادة العديد من الأسواق الأوروبية، نجحت تونس في استقطاب المزيد من سياح دول الجوار، لاسيما الجزائر، حيث مثلت المدن التونسية الوجهة المفضلة للجزائريين لسياحة ما بعد عيد الأضحى (منتصف الشهر الماضي).

وتمثل تونس أبرز الوجهات السياحية للجزائريين، الذين يتوزعون على جلّ المدن السياحية من شمالها إلى جنوبها، حيث لا يخلو فندق تونسي من نزلاء جزائريين قدموا من بلادهم أو أتوا من بلدان إقامتهم بالمهجر، لقضاء عطلة الصيف.

ويساهم ارتفاع إيرادات السياحة في تعزيز رصيد النقد الأجنبي لدى البنك المركزي، وتقليص اللجوء إلى الاقتراض الخارجي.

وأظهرت بيانات صادرة عن البنك المركزي في أغسطس/آب الماضي، أن احتياطي النقد الأجنبي ارتفع إلى 17.2 مليار دينار، بما يعادل 96 يوماً من الواردات، لأول مرة منذ نحو عامين، مدفوعاً بانتعاش قطاع السياحة وفتح مكاتب صرف للعملة الأجنبية هذا العام، وذلك مقابل 10.97 مليارات دينار في نفس الفترة من العام الماضي.

المساهمون