معاناة الفرنسيين مستمرة في عيد الميلاد مع تواصل إضراب النقل

24 ديسمبر 2019
الإضرابات مستمرة لليوم العشرين على التوالي (فرانس برس)
+ الخط -

لم تفلح مناشدات الرئيس إيمانويل ماكرون وأعضاء حكومته ولا مناشدات التجار في وقف الإضرابات في فرنسا، احتجاجا على مشروع قانون التقاعد المثير للجدل.
وهكذا تستمر الإضرابات التي تقوم بها نقابات "سي جي تي" و"قوة عمالية" و"سود" و"سوليدير" في قطاع النقل، مما يجعل الحركة صعبة، خاصة في فترات الأعياد.

وعلى الرغم من أن احتفالات عيد الميلاد "الكريسماس" تبدأ مساء هذا اليوم، الثلاثاء 24 ديسمبر/كانون الأول، الذي تجتمع فيه، عادة، العائلات التي فرَّق بينها بُعد السكن وإكراهات العمل، إلا أن الكثير من الفرنسيين لا يستطيعون إحياء هذا اللقاء، بسبب صعوبة السفر والتنقل، ذلك أن نسبة السائقين لاتزال عالية بين المُضربين.


وإذا كانت ظروف الفرنسيين في عموم فرنسا، باستثناء باريس وضاحيتها الكبيرة، شبه عادية، ولم يؤثر فيها الإضراب، لأن وسائل النقل فيها تتبع القطاع الخاص، الذي لا يشارك في الإضراب، إلا أن نسبة قليلة منهم تتأثر في ما يخص إضراب النقل الطويل، حيث لا يعمل سوى قطارين من بين كل خمسة قطارات سريعة "تي جي في".

وعودة إلى العاصمة، فالأمور فيها أسوأ من باقي المدن الفرنسية الأخرى، حيث إن 6 خطوط مترو، من بين 16 خطا في العاصمة، لا تزال مغلقة بشكل كامل، في حين أن ثمانية خطوط أخرى تعرف اضطرابات كبيرة جدا، ولا يعمل بشكل طبيعي سوى خطين يشتغلان بطريقة آلية، وهما 1 و14، أما النقل الجهوي السريع فنشاطه لا يتعدى 40 في المائة، في حين أن القطارات التي تربط بين بلدات الضاحية نادرة.

وحتى يظهر المضربون تصميمهم على الصمود في إضرابهم أعلن عن تجمعات عديدة، خاصة أمام مقر المكتب الوطني لسكك الحديد، كما أنهم يقومون بمحاصرة بعض محطات الحافلات، ولا يسمحون سوى بتحرك حافلتين كل ساعة.
كما قام مضربون من نقابة "سي جي تي" بوقف الإنتاج في اثنتين من مصافي النفط الثمانية التي توجد في البلد، وتأمُلُ النقابة العمالية في خفض الإنتاج بنسبة 20 في المائة في الأيام القادمة.

وفي هذه الأجواء المتوترة التي يحاول فيها الجميع، من حكومة ونقابات، كسب تعاطف الرأي العام، ويحاول فيها الطرفان تحميل مسؤولية معاناة المواطنين والمسافرين للطرف الآخر، أعلنت رئاسة الحكومة، اليوم، الثلاثاء 24 ديسمبر/كانون الأول، عن دعوة النقابات وأرباب العمل لاجتماعات يوم السابع من شهر يناير/كانون الثاني القادم.

ولا يخفى على أحد أن هذه الدعوة الحكومية هي استباق لدعوة العديد من النقابات إلى يوم وطني للتظاهر يوم 9 يناير/كانون الثاني القادم، والذي لم تحسم النقابات الإصلاحية، كـ"سي إف دي تي"، و"الاتحاد الوطني للنقابات المستقلة"، موقفها من المشاركة فيه.

الجميع خاسرون

بدأ الكثيرون من الفرنسيين يعترفون أن الهدايا التي كان يؤمل أن تكون مع شجرة الميلاد، مثل كل سنة، لن تصل في الوقت المأمول، والأسباب مختلفة، منها عدم توفر وسائل النقل لسحبها في مراكز الاستقبال (حيث تتكدس)، أو لأنها لم تصل إلى البريد أو مراكز أخرى، بسبب تعثر وسائل النقل.

ولأن الإضراب يؤثر على كامل السلسلة، فلا يُخفي أصحاب المطاعم الباريسية جزعهم من نتائج الإضراب، التي جعلت الزبائن في نقص شديد، ويعترف كثير منهم بأن هذا الإضراب جاء ليضربهم في الصميم في وقت كانوا، بالكاد، يتعافون فيه، بفضل دعم حكومي، من نتائج سنة من احتجاجات "السترات الصفراء".

ولا يتردد أصحاب المطاعم الباريسية في التحذير من الإفلاس، وهو ما يعني دفع موظفيهم للبطالة، وما يستتبعه من دعوة للحكومة للدخول على الخط وتعويض خساراتهم، التي يقدرها البعض بـما يقارب 50 في المائة.   

ولأن من العادة أيضا في هذه الأعياد، الإقبال على الأسماك ومشتقاتها، فلا يخفي الباعة إقبالا أقلّ على شراء بضاعتهم، بسبب نقص التجمعات العائلية، ولارتفاع ثمنها لسوء الأحوال الجوية  في الأسابيع الماضية، والإضراب المستمر الذي أثَّر على وصول كميات كبيرة منها. 


لقد أصبحت الشهادات المثيرة عن نجاح مواطن في الحصول على تذكرة، أو نجاح مسافرة في وضع رجلها في قطار، هي السائدة في وسائل الإعلام، التي تركّز على الحالات الإنسانية لمسافرين تقطعت بهم السبل في شوارع باريس قبل الوصول إلى القطار، في حين تحاول أن تظهر المسؤولية وكأنها على عاتق مضربين لا يحبون الأعياد ولقاء الأهل والتحلق حول شجرة الميلاد.

وفي هذه الأثناء، التي يتواصل فيها الإضراب في فرنسا، كان الرئيس الفرنسي ماكرون، يناقش في دولة كوت ديفوار، مع مضيفه الحسن واتارا، الترتيبات الأخيرة حول تمويل مشروع مترو أبيدجان، الذي سيكلف 1.5 مليار يورو، وهو ما جعل فرنسيين كثيرين حانقين يعلقون: "كيف يُعقل أن يُشيّد الرئيس ماكرون مترو في أبيدجان، بينما مترو باريس لا يشتغل، بصفة طبيعية؟".   

المساهمون