الإرهاب يستنزف الاقتصاد التونسي

18 يوليو 2015
تونس تزيد من نفقاتها لحماية منشآتها السياحية (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -

أدت الاضطرابات الأمنية والعمليات الإرهابية في تونس إلى استنزاف الاقتصاد التونسي، رغم نجاحها في عبور مسارها الديموقراطي.

وحازت السياحة على نصيب الأسد من الخسائر التي أصابت مختلف القطاعات الاقتصادية، بعد أن تلقت ضربتين موجعتين من الإرهاب في هجومي المنتجع السياحي في سوسة ومن قبلهما عملية متحف باردو، جعلت الاقتصاد التونسي يدخل منعرجاً جديداً.

وتفرض التطورات الأمنية على حكومة الحبيب الصيد، إعادة النظر في برنامجها الاقتصادي وزيادة ميزانيات وزارتي الداخلية والدفاع وذلك بتخصيص اعتمادات إضافية لتأمين سلامة المنشآت الاقتصادية والسياحية.

ومن المنتظر وفق مصادر حكومية أن تجد التطورات الأمنية صداها في مشروع قانون المالية التكميلي الذي سيعرض على البرلمان في شهر أغسطس/آب القادم. وسيتضمن قانون المالية التكميلي حسب ما كشفت عنه الحكومة إجراءات جديدة تم اتخاذها على ضوء المستجدات على الصعيدين الداخلي والخارجي وما تقتضيه من مراجعة للتوازنات المالية للاقتصاد التونسي بصفة عامة وتوازنات المالية العمومية على وجه الخصوص، مع اعتماد برنامج لدعم الاقتصاد عبر إجراءات استثنائية.

كما اعتمد ذات المشروع على جملة من الإجراءات التي تندرج في سياق الحرص على تأمين التوازنات المالية العمومية خاصة بعد خسارة القطاع السياحي لأكثر من 50% من إمكانياته نتيجة العمليات الإرهابية.

وينتظر أن ترتفع خسائر القطاع السياحي العام الحالي وفق ما أعلنته وزيرة السياحة سلمى اللومي إلى 515 مليون دولار.

ويعتبر الخبير الاقتصادي معز الجودي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن الوضعية الكارثية التي وصل إليها الاقتصاد التونسي تعود إلى التفاقم في ميزان العجز التجاري، وتعطل قطاعات الإنتاج الرئيسي إلى جانب غياب الاستقرار الأمني.

اقرأ أيضاً: تونس: مخاوف من تراجع الاستثمارات الأجنبية

ولفت الجودي إلى أن الحرب التي تشهدها تونس ضد الإرهاب باهظة ومكلفة الثمن نظراً لما يتطلبه الجيش والشرطة من إمكانيات إضافية لمواصلة عمليات التمشيط للقضاء على الإرهابيين بما في ذلك جميع التجهيزات الأمنية والعسكرية.

وستكون نفقات التصدي للإرهاب على حساب الاعتمادات المخصصة للتنمية والتشغيل، حسب الجودي.

واتجهت تونس إلى زيادة الاعتمادات المخصصة سواء من خلال المقتنيات الجديدة المبرمجة لشراء المعدات المتطورة أو من حيث الانتدابات التي ستكون في حدود 11 ألف انتداب موزعة بين المؤسستين العسكرية والأمن الداخلي.

وقال عضو البرلمان محسن حسن، لـ"العربي الجديد"، إن الاقتصاد التونسي ينبني على مميّزات لا يمكن تجاهلها وأهمها الارتباط الوثيق بين النموّ والاستقرار الأمني، مشدداً على أنّ المؤشّرات الاقتصادية سرعان ما تتراجع عند حدوث أزمات أمنية. ويشهد الاقتصاد التونسي وفق حسن، انحداراً من مرتبة "الأزمة العابرة" إلى مرحلة "اقتصاد الفوضى والعنف"، معتبراً أنها المرحلة الأخطر بالنسبة لاستقرار أيّ بلد.

وكانت تونس قبل الهجوم الإرهابي على منتجع سوسة السياحي، تواجه عجزاً في ميزانيتها بنحو 1.3 مليار دولار ومن المنتظر أن يتفاقم هذا العجز بعد تراجع عائدات القطاع السياحي وهو ما قد يضطرها إلى مزيد من التداين الخارجي.

ولم يستبعد محافظ المصرف المركزي الشاذلي العياري خروج تونس من جديد إلى السوق العالمية للاقتراض رغم كل الانتقادات التي تواجهها الحكومة بسبب ما تعتبره الأحزاب اليسارية العمالية إفراطاً في الاقتراض الخارجي وهو ما قد يجعل القرار الوطني مرتهناً لدوائر المال العالمية حسب أطراف سياسية.

ويرى نصر بن سلطانة، باحث في سياسات الأمن الشامل، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن تخصيص الحكومة لاعتمادات إضافية لتعزيز قدراتها الأمنية على حساب المشاريع الاستثمارية والتشغيل يعتبر توجهاً صائباً في ظل أولويات الوضع الذي تعيشه البلاد.


اقرأ أيضاً: قانون جديد في تونس لجرائم غسيل الأموال

المساهمون