الفقر يدفع المصريين إلى مزاحمة الموتى

24 مارس 2015
المقابر تحولت إلى سكن لفقراء مصر (أرشيف/getty)
+ الخط -

في منطقة قريبة من قلعة محمد علي بوسط العاصمة المصرية القاهرة، التي يتوافد عليها السياح لزيارتها يوميا، تقع منطقة مقابر البساتين التي يستخدم الفقراء أحواشها (المساحات المحيطة بالمقابر)، ملاذاً للعيش بها، في ظل أزمة إسكان خانقة، بسبب ارتفاع الأسعار المبالغ فيه.

أحمد العدوي أحد ساكني البساتين، يقول لـ"العربي الجديد"، إن المنطقة، يتزايد الإقبال على السكن فيها، عبر شراء القبور التي تزيد مساحتها عن 100 متر، ليعيشوا في أحواشها.

وأضاف "مبتسما"، أن هذه المنطقة يعيش فيها الموتى والأحياء جنباً إلى جنب، وبعض الأسر

تتكسب من زيارة أهل المتوفى، الذين يوزعون الخبز أو الأموال، ما يجعل المقابر مصدر دخل لهم لمواجهة أعباء الحياة والأزمات المعيشية المتفاقمة.

وتابع العدوي أن العاملين بمهنة تكفين الموتى هم من يتولون تأجير أحواش القبور إلى بعض الأسر مقابل إيجار شهري يصل إلى 300 جنيه شهرياً، ولكن بدون مقدم.

وأشار إلى أن غالبية الأسر التي تسكن في المنطقة فقيرة جداً لا تستطيع أن تشتري أو تستأجر وحدات سكنية في المناطق المجاورة للمدافن، حيث يصل سعر الوحدة في المناطق الشعبية إلى أكثر من 100 ألف جنيه (13 ألف دولار).

وتبلغ نسبة الفقر في مصر 26% تصل إلى 49% في الصعيد (جنوب)، حسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الحكومي.

ووصل إجمالي عدد سكان المقابر قرابة 2 مليون نسمة، وفقاً لإحصائيات غير رسمية.
 
وقال العدوي، خلال الأربعة أعوام الماضية، انتشر بناء العمارات بالقرب من المقابر، واستغلال الفراغات في المنطقة، حيث يصل الارتفاع إلى 6 طوابق، ويتم بيع الوحدة بأسعار تصل إلى 130 ألف جنيه من دون تشطيب.

ويضيف أن غالبية الأسر التي تسكن المنطقة، سواء في المقابر أو الوحدات السكنية الشعبية، دخولهم منخفضة، وتوارثوا حرفة العمل في الرخام بمنطقة شق التعبان القريبة من مقابر البساتين.

اقرأ أيضاً:
مصر تبني السجون وتغلق المصانع

وحسب وزارة الإسكان والتعمير المصرية، فإن عجز الوحدات السكنية بلغ نحو 1.5 مليون وحدة سكنية.

ومع تراجع آمال تنفيذ مشروع شركة أرابتك الإماراتية لإنشاء مليون وحدة سكنية بتكلفة 40 مليار دولار، رغم تحويله من إسكان منخفض التكاليف إلى متوسطي الدخول بأسعار تبدأ من 300 ألف جنيه (39.5 ألف دولار) للشقة، تضيع أمال ملايين المصريين، ومنهم سكان المقابر، في إيجاد شقة بأسعار مناسبة.

ويقول العدوي إن منطقة البساتين لا تتوافر فيها خدمات الصرف الصحي أو الكهرباء، حيث

يسود الظلام الدامس عقب صلاة المغرب، ما يجعلها مأوى لمدمني المخدرات والمجرمين وعمليات خطف الإناث واغتصابهن والسرقة.

وتابع، أنه في كل فترة يأتي موظفون من حي البساتين ويخبروننا بأن المنطقة سوف تتم إزالتها، وهناك دراسات خاصة برغبة الدولة في الاستيلاء على المنطقة وبيعها لأحد رجال الأعمال لإنشاء فنادق وتجمع سياحي كبير يخدم المنطقة الأثرية في القلعة.

ويشير إلى أن أهالي الموتى يعارضون نقل رفات أقاربهم، ولكن ساكني المنطقة يأملون الحصول على وحدات أفضل مقابل الانتقال، ما جعل كل فرد ترك المنطقة خلال الفترة الماضية، يعود مجدداً، على أمل الحصول على شقة من الحكومة.

وفي ظل الأزمة الإسكانية المتفاقمة، طرحت وزارة الإسكان أراضي ضمن مشروع "دار مصر" بأسعار يصل تكلفة المتر فيها إلى 4200 جنيه.

ويقول العدوي إن "هذه الوحدات يتجاوز سعر الوحدة فيها 450 ألف جنيه، ومخصصة لذوي

الدخول المرتفعة، فماذا عن منخفضي الدخول، لا يوجد أمامهم سوى المقابر للسكن.. ولكن المقابر هي الأخرى يريدون بيعها وطردنا مع الموتى بدون إيجاد مساكن بديلة لنا".

ومن جانبه، يقول رئيس لجنة التشييد والبناء السابق في جمعية رجال الأعمال المصريين، صلاح حجاب، إن مصر لا توجد بها أزمة إسكان، بقدر ما يوجد بها أزمة تشريعات سكنية ساهمت في تفاقم المشكلة.

وأضاف حجاب في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن الفترة الماضية كان إقبال المطورين العقاريين على إنشاء الوحدات السكنية الفاخرة يطغى على اهتمامها، رغبة في تحقيق أرباح كبيرة مقابل عدم الاهتمام بالوحدات السكنية المنخفضة التي يزيد الطلب عليها.

ويرى رئيس لجنة التشييد والبنا، أن الطلب على الوحدات منخفضة التكلفة يزيد عن 80%، في حين يقل العرض منها عن 20 %، ما يعنى أن هناك فجوة كبيرة بين العرض والطلب.


اقرأ أيضاً:
الغلاء يلتهم مداخيل المصريين الضئيلة

دلالات
المساهمون