استمع إلى الملخص
- **رداءة المبيدات الحشرية**: المهندس الزراعي محمد حوري يوضح أن المزارعين يواجهون صعوبات كبيرة بسبب رداءة المبيدات وارتفاع تكاليف الإنتاج، مما يزيد من تكاليف مكافحة الأمراض الفطرية والآفات الحشرية.
- **التحديات العامة للقطاع الزراعي**: يواجه القطاع الزراعي في شمال غربي سورية تحديات عديدة مثل تقلص المساحات المزروعة، شح المياه، الكوارث الطبيعية، وارتفاع تكاليف النقل والتخزين.
سبّب سوء أنواع الأدوية الزراعية (المبيدات) وغلاء أسعارها خسائر لمزارعين في إدلب (شمال سورية)، بعد إلحاقها الضرر بمحاصيلهم المختلفة، ما شكّل تهديداً جديداً للمزارعين يضاف إلى جملة من التحديات التي راحت تعصف بجهدهم طوال مدة الموسم.
وبحسرة قال المزارع السوري شهاب الدخان إنه خسر موسمه من الخيار هذا العام جراء الأمراض الصيفية التي ضربته في الوقت الذي لم تستطع فيه الأدوية الزراعية إعطاء أي نتيجة ما أفضى لفقدان المحصول بالكامل.
وأضاف لـ"العربي الجديد": "خسرت أكثر من أربعة آلاف دولار بموسم الخيار بعد أن شكلت الآفات الحشرية إضافة للعناكب كارثة أطاحت أحلامي هذا الموسم ووقفت عاجزاً عن فعل أي شيء أمام ما يباع في المنطقة من مواد تالفة ومعدومة المفعول".
وبينما يقلب كفيه على ما أنفق فيها، أشار إلى أنه خسر كل تلك المبالغ عبر استئجار الأرض وتأمين مياه الري والأسمدة والأدوية ليخرج من كل تلك المصاريف خالي الوفاض.
الآفات تضرب المحاصيل في إدلب
الحال ذاته واجه المزارع حسن الشايش صاحب إحدى الأراضي الزراعية في منطقة البردقلي شمال إدلب عقب عجزه عن تأمين مبيدات ذات فاعلية جيدة بعد أن ضربت الآفات محصوله من البندورة (الطماطم)، ما تسبب له بخسائر فادحة، ولم يجن حتى الجزء اليسير من رأسماله.
وقال إن الأمور كانت تسير بشكل جيد إلى أن ارتفعت الحرارة بشكل كبير، ما أدى إلى تيبس الأوراق والأزهار، ليكتشف لاحقاً أن المحصول أصيب بما يسمى الدودة الثاقبة التي تنتشر مع ارتفاع درجات الحرارة.
خوفه من الخسائر بعد وقت طويل من الكد والجهد دفع المزارع الشايش للسخاء في شراء الأدوية الزراعية لحقله وبأسعار وصفها بالمرتفعة، ولم يكن ليأسف على غلائها لو أنها أتت بأي فائدة للمحصول الذي راح يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، إلى أن جف بالكامل وفق قوله.
ويرجع الشايش خسائره التي تقدر بألفي دولار لقاء زراعة خمسة دونمات من الأرض للمبيدات الحشرية الزراعية التي لم تعد كما سابق عهدها حين كانت تخضع تلك المواد لرقابة حكومية ومواصفات عالية من الجودة، أما اليوم فهي من مصادر متعددة ومرتفعة الأسعار بحجة الاستيراد بينما "جودتها معدومة".
رداءة المبيدات الحشرية
وللوقوف على رداءة تلك المبيدات الحشرية وغلائها يوضح المهندس الزراعي محمد حوري أن المزارع في المنطقة تعاني الكثير من الصعوبات ويضطر لدفع الكثير من تكاليف الإنتاج بدءاً من استئجار دونم الأرض ثم سعر مياه الري فقيمة البذور والشتلات والتسميد ومعالجة الأمراض والآفات مقابل أن يجني في نهاية المطاف هامش ربح بسيطاً.
وأشار في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن زراعة الخضروات بشكل خاص تحتاج إلى الكثير من المياه، فسقي كل متر من الأرض يحتاج إلى ربع دولار في كل مرة، كما تحتاج الخضار لأسمدة عضوية وحيوية ومعدنية سريعة، وتتراوح أسعارها بحسب المصدر والجودة، إذ إن كل عشرة كيلوغرامات من السماد يتراوح سعرها بين 20 و30 دولاراً، وتغطّي هذه الكمية ما بين أربعة أو خمسة دونمات، وتحتاجها بشكل أسبوعي، وكلما تراجع التسميد تراجع الإنتاج بشكل تلقائي.
وتطرق حوري لأنواع الأمراض المنتشرة والضارة بالمزروعات، ومنها أمراض العروة الربيعية، وأبرزها الأمراض الفطرية، يلفحات، أعفان، أحماض التربة، ومنها الصيفية، وأبرزها الآفات الحشرية والماصة والقارضة والديدان، إضافة للعناكب التي تصيب أنواع الخضروات بشكل كبير ومكافحتها صعبة ومكلفة للغاية.
وأكّد حوري عدم وجود تصنيع محلي للمبيدات الخاصة بمكافحة الآفات الزراعية في المنطقة وإنما تُستورد من مصادر عدة، أهمها الشركات الأوروبية ذات الجودة العالية يليها التركية الأقل جودة فالصينية الرديئة، ويرجع ارتفاع الأسعار إلى فرض الإتاوات والضرائب على شحنها للشمال السوري، وهو ما يزيد من أسعارها.
جملة من التحديات
ووفق مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، فإن القطاع الزراعي شمال غربي سورية يواجه جملة من التحديات، أهمها تقلص المساحات المزروعة بسبب سيطرة قوات النظام عليها، خاصة في إدلب وما حولها، وشحّ المياه والكوارث الطبيعية من قلة الأمطار والجفاف الذي يجتاح المنطقة بالعموم.
عدا عن ارتفاع أسعار المحروقات والطاقة البديلة الشمسية، وضعف القدرة التسويقية، وارتفاع تكاليف النقل والتخزين، ومنافسة البضائع المستوردة محليّاً (سعراً وجودةً)، وصعوبة تصريف المنتجات وانخفاض عوائدها، بسبب ارتفاع أسعار البذور والأسمدة وأجور الريّ والمبيدات والأدوات الزراعية المختلفة. وبالتالي تدهورت المحاصيل المزروعة، وكل ذلك دفع مئات المزارعين للعزوف عن زراعة أراضيهم في الوقت الذي تحتاج فيه المنطقة للناتج المحلي أكثر من أي وقت مضى.