بشار يعالج الأزمات بالكلمة الطيبة

30 ابريل 2019
أزمة بنزين في سورية (Getty)
+ الخط -
دائماً، ثمة جديد بسورية الأسد، وبحسب تهكم إخوتنا المصريين "مش حتقدر تغمض عنيك"، فمهما اجتمعت الأزمات على حكومة بشار الأسد، هناك حلول وطرائق، يقف عمالقة الاقتصاد ومنظروه، ابتداء من كارل ماركس وصولاً لبول سامويلسون، أمامها مشدوهين.

فهل خطر لآدم سميث ولمدرسته الكلاسيكية مثلاً، أن يغتنم أزمة الوقود بإسكتلندا ويحولها لترويج سياحي وثقيف شعبي؟!

لكن سورية الأسد فعلت، ورمت بوجه أزمة الوقود التي تعيشها اليوم، حل توزيع المجلات والكتب على طوابير السيارات الواقفة أمام محطات الوقود، ليغتنم السوريون الانتظار بالمطالعة، بل وخصصت فرقاً إعلامية متلفزة، تجري الحوارات مع السوريين المنتظرين، ليؤكدوا صمودهم بوجه المؤامرة الكونية على سيادة الرئيس، وتوثّق الكاميرات مشاهد الجمال وإلفة الشعب والتفافه حول قيادة بشار الأسد الحكيمة.

ولا تقف إبداعات السوريين عند إيجاد حلول لنفاد حوامل الطاقة، التي تفاقمت بعد تراجع الإنتاج السوري من 380 ألف برميل يومياً، إلى نحو 24 ألف برميل وتطبيق العقوبات الأميركية وتوقف إمدادات إيران والأحزاب الكردية المسيطرة على الآبار السورية.

بل طاولت أزمة الليرة التي تهاوت أخيراً إلى أدنى سعر لها منذ عامين، لتبلغ 580 ليرة للدولار الواحد، ليعيد كينيث ارو وألفرد مارشال، بل وحتى رياض سلامة، حاكم مصرف لبنان الذي يصنف من دهاة المصرفيين العرب، مصعوقين من حلول، لما تخطر لهم يوماً على بال.

وبالأمس، أطلق حاكم مصرف سورية المركزي، حازم قرفول، حلاً سيقفز على جميع العقوبات الأميركية والأوروبية، وسيعيد لليرة عصرها الذهبي، وربما تدخل الليرة السورية، جراء "خطة قرفول" ضمن سلة العملات الرئيسية، إلى جانب الدولار واليورو والين والإسترليني.

ودونما تشوق، سنزف لكم الخطة السورية، مع التنبيه، أن حقوق الاقتباس والتقليد وسرقة الفكرة، محفوظة، لئلا يساور أحد "لطش" الفكرة وتحسين سعر صرف عملة بلاده، بواقع تراجع قيمة عملات المنطقة برمتها.

الخطة لمواجهة تدهور الليرة السورية يا سادة هي "الكلمة الطيبة".

أجل ودونما زيادة أو نقصان، وأما التعليمات التنفيذية لخطة الكلمة الطيبة، فلم ولن تصدرها حكومة الأسد، ولكم التوسع بتطبيقها، ابتداء من، اللهم وفق الليرة السورية لما يرضاه سيد الوطن بشار الأسد ويحب، وصولاً بالدعاء على من يضر أو يضارب بالليرة السورية، وقد مأواه جهنم وبئس المصير.

وأضاف المصرف المركزي عبر بيان رسمي، وبعد مفاجأة الحل عبر "ادعم ليرتك بالكلمة الطيبة" كل ما يلزم من شحذ الهمم وتأصيل الممانعة وتقوية المقاومة، وأن ما جرى لليرة، ليس لأسباب اقتصادية فقط، بل بأسباب الشائعات التي تستهدف صمود السوريين وثقتهم بوطنهم ومؤسساتهم الرسمية "التي يتم ترويجها لا سيما من الصفحات التي تدار من الخارج بغية شن حرب إعلامية غير مسبوقة هدفها اكتساب ما عجزوا عن نيله في الميدان".

لذا، ووفق بيان "مركزي سورية" على "كل محب ومخلص لوطنه وجيشه وليرته" عدم الانجرار وراء الشائعات، لأن ثمة كبحا للمضاربين ومحاسبتهم بالتعاون مع الجهات المختصة.

نهاية القول: لنقلب صفحة الاستغراب والدهشة من حلول كهذه، ونبتعد عن التهكم، رغم أنه الطريقة الوحيدة لمواجهة هذيان صناع القرار الاقتصادي بسورية، ونسأل السيد حاكم مصرف سورية المركزي.

كم تبقّى من قطع أجنبي وذهب بمصرفكم، لتتم المؤاخاة بين الكلمة الطيبة والتدخل، سواء عبر سعر الفائدة أو بيع الدولار بالسوق وكسر سعره، كما كان يفعل أسلافك، قبل تبديد كامل الاحتياطي النقدي الأجنبي بسورية الذي ينوف عن 18 مليار دولار عام 2011.

ما هي مصادر القطع الأجنبي الذي يدخل السوق السورية، ليوازن بالعرض والطلب ولا يجعل من "الدولار" عملة نادرة يتهافت عليها السوريون؟

لماذا توقفتم عن تمويل التجارة وتمويل الصناعيين والتجار، قطعاً أجنبياً، ليستوردوا احتياجات منشآتهم والأسواق، ما زاد من شح العملات الأجنبية بالسوق.

كيف تريد للمواطن السوري أن يصدقك، ويساهم ولو عبر الكلمة الطيبة، وأنتم من وعدتم بعودة الدولار لسعره القديم، بعد "الانتصارات والقضاء على الإرهابيين" فصدق البعض وأودع ما لديه بالمصارف أو باع مكتنزاته بالعملات الأجنبية، ليدفع الثمن، بالوقت الذي وجد أنصار الأسد وآله وتجار الحروب، الفرصة سانحة ليضاربوا بالليرة ويزيدوا من أرباحهم وتفقير السوريين.

لم تعد الكلمة الطيبة ولا حتى الخبيثة يا سيادة الحاكم، قادرة على نجدة نظام بدد ثروات سورية وأجّر وباع أراضيها ومقدراتها، وربما ليس بالبعيد، وبعد حملة الكلمة الطيبة، أن نراكم تجوبون الشوارع وتنادون، الصدقة يا محسنين، أثابنا وأثابكم الله.

المساهمون