أثارت التشديدات التركية على تأشيرات الجزائريين، المخاوف من تضرر العلاقات الاقتصادية بين البلدين، بعد أن شهدت منحى تصاعديا في الفترات الأخيرة.
وأعلنت الخطوط الجوية التركية، مؤخراً، عن تعديل شروط الحصول على التأشيرة، على الرغم من أن مسائل مثل هذه متروكة للمصالح القنصلية التركية في الجزائر. وذكرت الخطوط الجوية التركية، في نص بيان مقتضب، أنه "تقرر إنهاء العمل بالتأشيرة الإلكترونية للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 سنة".
وإلى ذلك، قال رئيس لجنة الشراكة الجزائرية التركية عبد الرزاق قسطلي، إن "تطور الأحداث مؤخرا لا يمكنه في الوقت الراهن أن يعكر صفو العلاقات بين البلدين. بالطبع يحق لأي بلد أن يتخذ ما يراه مناسبا ونافعا له، لكن نأمل أن تزول هذه "الغيمة السوداء" العابرة".
وأضاف نفس المتحدث لـ"العربي الجديد" أن "لجنة الشراكة الجزائرية التركية على مستوى الوزراء ستنعقد قبل نهاية السنة، وسيكون هذا الملف مطروحاً بقوة، لأنه يعيق تنقل رؤوس الأموال والاستثمارات قبل أن يعيق تنقل الأشخاص."
ومنذ مايو/أيار 2006، ترتبط الجزائر وتركيا بمعاهدة صداقة وتعاون ساهمت في رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين، وزيادة نسبة الاستثمارات التركية في الجزائر، وسط توقعات بأن تشهد العلاقات الاقتصادية والتجارية بينهما طفرة جديدة في السنوات المقبلة. وتعتبر الجزائر أكبر شريك تجاري لتركيا في أفريقيا، بحجم مبادلات تجارية يتراوح ما بين 3.5 و4 مليارات دولار سنويا، وتخطى حجم الاستثمارات التركية في الجزائر عتبة 3 مليارات دولار، بحسب تصريحات مسؤولين جزائريين. وفي 2014 وقّعت الدولتان اتفاقية لتمديد تزويد الجزائر لتركيا بالغاز المسال 10 سنوات أخرى، مع زيادة هذه الكميات بنسبة 50 بالمائة.
وكانت تركيا تستورد من الجزائر نحو 4 مليارات متر مكعب من الغاز المسال سنويا منذ 1988، وزادت هذه الكمية لتصل بعد الاتفاقية إلى 6 مليارات متر مكعب سنويا. وتحتل الجزائر المرتبة الرابعة في ترتيب الدول الممونة لتركيا بالغاز الطبيعي بعد روسيا وأذربيجان وإيران. ويرى الخبير الاقتصادي فرحات علي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "المشكل المطروح بالنسبة للجزائر هو الطريقة التي تم بها تشديد الإجراءات على الرعايا الجزائريين، إذ لم تبلغ أنقرة الجزائر بالإجراءات. والغريب أن هذه الخطوة جاءت عبر شركة طيران وليس عبر السفارة على الأقل". وأضاف أن "الجزائر تتفهم الإجراءات التي تهدف إلى قطع الطريق على بعض الجزائريين الباحثين عن الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا، لكن كان يمكن أن تجري الأمور بطريقة أحسن".
واستبعد الخبير الجزائري انزلاق العلاقات مستقبلا إلى القطيعة بين البلدين، مؤكدا أن "الجزائر بحاجة للاستثمارات التركية، خاصة في الظروف الصعبة التي يعيشها اقتصاد البلاد، كما أن عقود الغاز أيضا تدفع البلدين إلى تغليب المصلحة المشتركة".
ولكن تدفق الجزائريين الباحثين عن السياحة أو العلاج في تركيا سيتأثر، حسب الناشطين في قطاع السفر، وهو ما يؤكده مدير وكالة للسياحة والسفر في الجزائر، إلياس تهماني، الذي قال إن "تشديد إجراءات التأشيرة دفع الآلاف من الجزائريين إلى إلغاء الحجز في شركات الطيران والفنادق، بسبب المواعيد البعيدة في القنصلية". وأضاف نفس المتحدث لـ"العربي الجديد" أن "تركيا أصبحت الوجهة الثانية للجزائريين الباحثين عن العلاج والسياحة بعد تونس، وساعدت التأشيرة الإلكترونية كثيرا على تفضيل الجزائريين لهذه الوجهة، إلا أن الأمر سيتغير كثيرا مستقبلا". وزار 250 ألف جزائري تركيا في 2018، حسب تصريح سابق للسفير التركي في الجزائر محمد بوروي.