قطر تطالب بتحقيق أميركي في شن أبوظبي حرباً مالية

18 مارس 2018
أبوظبي سعت للإضرار بالريال القطري منذ بدء الحصار (Getty)
+ الخط -


طلبت قطر رسمياً من جهات رقابية في الولايات المتحدة التحقيق في معاملات مالية مشبوهة في سوق الصرف الأجنبي أجرتها الوحدة الأميركية لأكبر بنك إماراتي، بهدف الإضرار بالاقتصاد القطري وعملته الوطنية في إطار الحصار الذي تفرضه دول خليجية على الدوحة.

ووجه مصرف قطر المركزي، عبر مكتب محاماة دولي، خطاباً إلى وزارة الخزانة الأميركية ولجنة تداول عقود السلع الآجلة نشرته وكالة "رويترز" اليوم الأحد، يطالبهما فيه بالتحقيق في قيام وحدة لبنك أبوظبي الأول في الولايات المتحدة بالتلاعب بعملة قطر الوطنية الريال، وأسواق الأوراق المالية القطرية.

وأرسل مكتب المحاماة الدولي الممثل لمصرف قطر المركزي خطاباً إلى وزارة الخزانة الأميركية يطلب فيه التحقيق مع الوحدة الأميركية لبنك أبوظبي الأول الذي تملك حكومة أبوظبي حصة أغلبية في أسهمه.

وبنك أبوظبي الأول هو البنك الأكبر في دولة الإمارات بإجمالي أصول تبلغ 682 مليار درهم (حوالي 186 مليار دولار)، ويترأس مجلس إدارته الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، كما أنه البنك الأكبر بين البنوك المدرجة في الأسواق المالية بالدولة، بقيمة سوقية تبلغ 120 مليار درهم (حوالي 32 مليار دولار).

وفي خطاب ثان طلب مكتب المحاماة، بول ويس ريفكند وارتون آند جاريسون، من لجنة تداول عقود السلع الآجلة التحقيق في تلاعب محتمل بالعملة القطرية.

وقال مصرف قطر المركزي في خطابه بتاريخ 26 فبراير/شباط الماضي وكشفت عنه "رويترز" اليوم إنه يعتقد أن الوحدة الأميركية للبنك شاركت في مخطط غير شرعي لشن حرب مالية على قطر بما في ذلك من خلال التلاعب في العملة القطرية وأسواق الأوراق المالية في قطر".

وتابع الخطاب "هذه التصرفات يجب أن تتوقف على الفور، ونطلب أن تحققوا فيما إذا كان بنك أبوظبي الوطني دعم بشكل مباشر أو غير مباشر التلاعب بأسواق قطر، بما في ذلك مقاصة الدولار في بنك أبوظبي الوطني أميركا والخدمات المصرفية المقابلة في الولايات المتحدة".

وسبق أن أتهم مصرف قطر المركزي بنوكا لم يسمها بالتلاعب في الريال وذلك بتداوله فيما بينها في الخارج بأسعار منخفضة على نحو مصطنع لإعطاء الانطباع بأن اقتصاد قطر ينهار.

والريال مربوط بالدولار الأمريكي عند 3.64 ريال منذ أكثر من عشر سنوات، لكن في الأشهر الأولى للحصار جرى تداوله عند 3.8950 في الأسواق الخارجية، ثم ما لبث أن عاود الاستقرار عند سعره الطبيعي بعد ذلك

وقال مكتب المحاماة في خطابه للخزانة الأمريكية إنه يشتبه في أن بنك أبوظبي الوطني يدفع الريال القطري للهبوط خلال فترات ضعف السيولة مثل عطلة عيد الأضحى في العام الماضي "ليعزز الرواية المصطنعة بأن العملة تتعرض لتقلبات متزايدة وأن اقتصادها غير مستقر لدرجة لا تسمح بالاستثمار".

وقال خطاب مكتب المحاماة "أسعار بنك أبوظبي الوطني، والبنوك الأخرى المشاركة في التلاعب، كانت جميعها زائفة على الأرجح“ دون أن يحدد البنوك الأخرى بالاسم".

وتابع الخطاب "ثمة أدلة على أنه في الوقت ذاته الذي عرض فيه بنك أبوظبي الوطني الأسعار مرارا عند مستوى أقل من السعر الرسمي البالع 3.64 ريالا للدولار الواحد، فإن متعامليه لم يرغبوا في إبرام صفقات فعلية عند هذه الأسعار".

وضرب مثلا بما حدث يوم 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017 حين طلب طرف من بنك أبوظبي الوطني تنفيذ صفقة، لكن ممثل البنك الإماراتي أبلغ الطرف الراغب في الشراء أنه لا يملك ريالات قطرية لتنفيذها.

ولم يذكر الخطاب الطرف الآخر المعني، لكن محامي بنك قطر المركزي أبدى استعدادا لتقديم حوار مسجل بين الطرفين للجهات الرقابية بشرط المحافظة على السرية. وقال إن بنك أبوظبي الوطني توقف عن إعلان أسعار للريال في ديسمبر/ كانون الأول بعد أن تعهدت قطر بإجراء تحقيق.


وفي 23 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي تعهد مصرف قطر المركزي بتلبية أي طلب في السوق على الدولار، ومنذ ذلك الحين تعافى الريال في التعاملات الخارجية ليستقر قرب سعر الربط الرسمي.

ويقول مصرفيون في المنطقة إن قطر بما لديها من احتياطيات في البنك المركزي وأصول في صندوق الثروة السيادي تتجاوز 340 مليار دولار أكثر من قادرة على صد أي هجوم يستهدف عملتها.

وتفرض السعودية والإمارات والبحرين إلى جانب مصر حصاراً برياً وجوياً جائراً على قطر منذ الخامس من يونيو/حزيران الماضي.

وأعلن مصرف قطر المركزي يوم 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي أنه بدأ تحقيقاً قانونياً في محاولات للإضرار بالاقتصاد القطري عن طريق التلاعب في أسواق العملة والأوراق المالية والمشتقات.

وقال محافظ البنك المركزي، عبد الله بن سعود آل ثاني، "نعلم أن دول الحصار وعملاءها يحاولون التلاعب في عملتنا والأوراق المالية والمشتقات وتقويضها في إطار استراتيجية منسقة للإضرار بالاقتصاد القطري".

وأضاف في بيان "لن نقف مكتوفي الأيدي بينما يتعرض بلدنا للهجوم على هذا النحو"، مشيراً إلى أن البنك المركزي قد استعان بمكتب المحاماة بول وايس ريفكيند وارتون آند جاريسون، ومقره نيويورك، لقيادة التحقيق.

وذكر البنك المركزي القطري في وقت سابق أن عدداً من المؤسسات المالية والأفراد تلقوا طلبات بالاحتفاظ بوثائق تمهيداً للإجراءات القانونية.

وقال محافظ مصرف قطر المركزي "عند أي محاولات نكتشفها للتلاعب بالريال القطري أو الأسواق المالية القطرية، فسنتخذ جميع الخطوات لتحديد هوية كل شخص ضالع فيها أو حاول الضلوع في هذا السلوك المنافي للقانون، ومحاسبته".

وتابع "إلى أن يتم رفع الحصار غير القانوني، سيعمل مصرف قطر على ضمان أن يظل القطاع المالي والاقتصاد قويا ومستقرا، على الرغم من الإجراءات غير القانونية لدول المقاطعة".

وقال وزير المالية القطري، علي شريف العمادي، في مقابلة بثت قناة الجزيرة مقتطفات منها عبر تويتر يوم 17 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي: "كان هناك استهداف للعملة المحلية ولمشاريع كأس العالم من قبل دول الحصار 2022، وهذه المساعي لن تنجح".

وجاءت تصريحات العمادي، بعد أيام من كشف موقع "إنترسبت" الأميركي وثيقة مسرّبة من بريد سفير الإمارات في الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، أظهرت أن أبوظبي خططت لشن حرب مالية ضد قطر، شملت هجوماً على العملة القطرية من خلال التلاعب بالسندات.

وكان مدير مكتب الاتصال الحكومي، الشيخ سيف بن أحمد آل ثاني، قد أعلن أن دولة قطر فتحت تحقيقا لكشف حقيقة معلومات عن محاولة للتلاعب بعملتها في الأسابيع الأولى من الأزمة مع دول الحصار الأربع.

وقال في تصريحات صحافية سابقة، إن منظمة مالية دولية لم يسمها، مملوكة جزئيا من مستثمرين إماراتيين، أُعطيت توجيهات بوقف التداول بالريال القطري في أوروبا وآسيا.

كما كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية في تقرير لها عن وجه آخر لحرب دول الحصار على قطر، ووصفته بالتخريب الاقتصادي عبر التلاعب بالعملة القطرية (الريال)، والسعي لفرض نقص حاد في السيولة، ومن ثم التأثير ليس على الدوحة فقط بل على كل من له علاقة بنشاطها.

وكانت قطر قد بدأت تحريك دعاوى قضائية ضد شركات وأفراد في مواجهة بعض الحملات التي تعتمد على ترويج معلومات كاذبة تهدف لتشويه سمعة الدولة واقتصادها وشركاتها ومناخ الاستثمار بها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتقف وراءها جهات مشبوهة.

وفي هذا السياق، أقام مكتب الاتصال الحكومي لدولة قطر دعوى قضائية في الولايات المتحدة ضد أشخاص يشنون حملة غير قانونية عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت لنشر معلومات كاذبة وللإضرار بالشركات العاملة في قطر.

وأفاد مكتب الاتصال الحكومي في الشكوى التي قدمها مساء أول من أمس الجمعة إلى محكمة بولاية نيويورك في مانهاتن أن المدعى عليهم استخدموا حسابات منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي تحت اسم (قطر إكسبوزد) على فيسبوك وتويتر ويوتيوب وموقع إلكتروني لنشر أخبار كاذبة عن حكومة قطر "تشمل الترويج لمعاقبة قطر".

وقال مكتب الاتصال الحكومي إن المدعى عليهم استغلوا استخدام أسماء مستعارة لنشر معلومات سلبية، مما تسبب في إضرار لعمليات البلاد وسمعتها.

وأضاف أيضا أن نحو 5% من متابعي (قطر إكسبوزد) على تويتر عبارة عن برامج آلية مما يعني أن معظم الأخبار الكاذبة تنتشر إلى حسابات حقيقية وأشخاص حقيقيين.

(رويترز، العربي الجديد)

المساهمون