أثار منشور أصدره بنك السودان المركزي جدلاً في أوساط مصدّري الذهب والاقتصاديين، لأنه سمح للشركات العاملة في إنتاج الذهب بتصدير 70% من المتبقي من الإنتاج، وذلك بعد خصم الزكاة والعوائد وأرباح الأعمال عيناً، على أن يتم بيع متبقي النسبة 30% لبنك السودان المركزي أو من يفوّضه.
وسمح المنشور لشركات مخلّفات التعدين وشركات التعدين الصغيرة بتصدير 15% من المتبقي من الإنتاج بعد أن يتم تحصيل الأرباح والعوائد والزكاة عيناً من الإنتاج الكلي لتلك الشركات.
كما منع تصدير الذهب إلا بعد تصفيته في مصفاة السودان للذهب، على أن يتم التصدير بغرض التصنيع والإعادة.
وبحسب منشور المصرف المركزي، على المصارف تنفيذ عمليات تصدير الذهب لشركات الامتياز والشركات العاملة في مجال مخلّفات التعدين والصغيرة.
واختلف مصدرون حول هذا التعميم، منهم من رأى أنه يسهم في تسهيل عملية التصدير، بينما قال آخرون إنه يؤدي إلى تعطيلها.
وسمح المنشور لشركات مخلّفات التعدين وشركات التعدين الصغيرة بتصدير 15% من المتبقي من الإنتاج بعد أن يتم تحصيل الأرباح والعوائد والزكاة عيناً من الإنتاج الكلي لتلك الشركات.
كما منع تصدير الذهب إلا بعد تصفيته في مصفاة السودان للذهب، على أن يتم التصدير بغرض التصنيع والإعادة.
وبحسب منشور المصرف المركزي، على المصارف تنفيذ عمليات تصدير الذهب لشركات الامتياز والشركات العاملة في مجال مخلّفات التعدين والصغيرة.
واختلف مصدرون حول هذا التعميم، منهم من رأى أنه يسهم في تسهيل عملية التصدير، بينما قال آخرون إنه يؤدي إلى تعطيلها.
وشرح الأمين العام السابق لشعبة الذهب، معتصم محمد صالح، لـ"العربي الجديد"، أن الذهب المنتج بواسطة المعدنيين التقليديين يصل إلى 80% من حجم الإنتاج، مؤكدا أن تصفية الذهب أكبر خطأ يمكن ارتكابه، لأن طاقة المصفاة المحلية لا تحتمل حجم الإنتاج، كما أنها تعطل تصديره في الوقت الذي تتغير فيه أسعار البورصة العالمية بسرعة.
وأشار إلى التجربة السابقة في التصفية، والتي فشلت وكبدت المصدّرين خسائر.
اقــرأ أيضاً
فيما رأى الأمين العام للجنة تجار الذهب، عاطف أحمد عبد القادر، أن هذه السياسة تحقق مطالب الغالبية، لأنها تسمح لجميع الشركات بتصدير الذهب عن طريق الدفع المقدم، ولكنه قال إنه يجب أن تكون نسبة التحصيل تفاوضية لتسهم في توفير الدولار.
وقال اقتصاديون إنه ليس هنالك جديد في سياسة بنك السودان المركزي، وأكدوا أن الإجراءات تعجيزية أكثر منها تحفيزية، لأنها ستقود إلى مزيد من التهريب. وطالبوا بإنشاء شركة مساهمة عامة تكون حصة الحكومة فيها 51%، توطئة لإنشاء بورصة لمكافحة التهريب.
ولفت الاقتصادي الفاتح عثمان إلى أن إجراءات البنك المركزي تعتبر تعجيزية، مرجحاً أن يتم التراجع عنها، لأنها ستقود إلى مزيد من التهريب.
وشرح أن الشركات ليست منتجة للذهب، وبالتالي يصعب عليها أن تدفع زكاة وهي مجرد مشتر من المنتجين، وأكد أن قرار بنك السودان في حقيقته سيؤدي إلى احتكار شركة الفاخر لتصدير الذهب تحت سقف القانون.
وطالب الخبير الاقتصادي عادل خلف الله بتكوين شركة مساهمة عامة، على أن تكون خطوة ترتبط بالبورصة، لإعطاء المعادن فرصا واسعة لتلعب دورها في توفير وتعظيم النقد واستقرار الصرف ومكافحة التهريب.
أما أستاذ الاقتصاد في جامعة المغتربين محمد الناير، فقد قال إن الخلاف يكمن في الأسعار، ما يتطلب شفافية حتى لا يتم التهرب مجددا من الضرائب، وطالب باستقلالية البنك المركزي في سياساته، لأن وزارة المالية تدخلت في صلاحياته ومنحت شركة الفاخر احتكارا لتصدير الذهب.
وقال الناير إن قطاع التعدين يحتاج إلى تنظيم العمل، بحيث يسمح للشركات بأن تعدن، شريطة أن تعود الحصيلة كلها للدولة بعد بيع الذهب في الداخل أو الخارج، لافتاً إلى أن شركات ومؤسسات أمنية وعسكرية تعمل في القطاع.
اقــرأ أيضاً
وكانت وزارة المالية أبرمت اتفاقا مع شركة الفاخر بتصديق التصدير من وزارة المالية، وأشارت إلى أن الاتفاق يهدف إلى تثبيت وتخفيض سعر صرف العملات الأجنبية. ولكن شعبة مصدّري الذهب رفضت القرار.
وأكد الناطق الرسمي باسم شعبة مصدري الذهب، عبد المولى القدال، في تصريحات صحافية، أن القرار لا يرضي شعبة الذهب، لأنه نفس النظام الساري خلال الفترة الماضية. وذكر أن القرار سيساعد على المزيد من ارتفاع الأسعار في الأسواق.
ووصف تصدير الذهب عبر شركة واحدة مدخلاً للفساد، منوها إلى أن تصدير الذهب يجب أن يسمح لكافة الشركات، لا لشركة بعينها وبنظام الدفع المقدم.
وسرعان ما نفت وزارة المالية أنها أبرمت اتفاقاً مع شركة الفاخر، وقال الوزير إبراهيم البدوي إنه لا يوجد احتكار خاص لشركة الفاخر للأعمال في عمليات شراء وتصدير الذهب، بل إن الباب مفتوح أمام كل الشركات العاملة في مجال تصدير الذهب والقادرة على عمليات الشراء من دون أي استثناء، وذلك من أجل تعزيز جهود الحكومة مع القطاع الخاص لتوفير احتياطي البلاد من العملات الأجنبية وتوفير موارد البلاد تجاه السلع الاستراتيجية.
وأكد البدوي أن المالية تقوم بدراسة العروض المقدمة لها من شركات ومجموعة من تجار ومصدري الذهب التي تتجاوز الأربعين شركة ومجموعة أعمال. وأشار إلى أن هذه الشركات ومجموعات الأعمال لها المقدرة على تصدير حوالي 250 إلى 300 كيلوغرام في اليوم بنظام الدفع المقدم.
ولكن رئيس شركة الفاخر محمود محمد قال في تصريحاتٍ إن شركته صدّرت 155 كيلوغراماً إلى دبي، بحسب الاتفاق مع وزارة المالية.
وأضاف: "سنستمر عمليات التصدير، والشركة أعدّت 300 كيلوغرام أخرى سيتمّ شحنها، وستسلم شركة الفاخر حصيلة الصادر للحكومة، حسب الاتفاق بينهما".
اقــرأ أيضاً
ورغم الاهتمام الكبير من السلطات السودانية، إلا أنها لم تنجح إلى الآن في مكافحة تهريب الذهب، ومع تزايد الضغوط على الحكومة الانتقالية فيما يتعلق بالذهب وتهريبه والمستفيدين منه والصراع الدائر بين اتحاد الصاغة وبنك السودان والمطالبة بالكشف عن أرقام الإنتاج الحقيقية، قال وزير الصناعة والتجارة، مدني عباس مدني، إن هنالك اتجاها لمراجعة كل الاتفاقيات التي وقّعت في مجال المعدن الصفر، بما فيها منطقة جبل عامر الغنية بالذهب.
وأضاف مدني: "لا نثق في أي أرقام أو إحصائيات حول عائدات وتجارة وتهريب الذهب، وأن معظم الأرقام التي تقال في هذا المجال غير منطقية".
ولكن وزير الطاقة والتعدين عادل علي إبراهيم قال إن الذهب سيكون مخرجا للبلاد من الأزمة الاقتصادية، ووعد بإجراءات قانونية وضوابط تشجع القطاع الخاص للانخراط في القطاع.
واعتبر خبراء أن عدم مقدرة الحكومة على السيطرة على إنتاج الذهب، خاصة في ظل وجود لوبي محكم وشركات تتحكم في معظم المناطق المنتجة للمعدن الأصفر.
وأكد الخبير أحمد الشيخ وجود شركات تتبع لجهاز الأمن السابق وأخرى يرتبط اسمها بقوات الدعم السريع تظل تحتكر معظم الإنتاج بمناطق جبل عامر وربما تشكل تهديدا للحكومة الحالية، إذا حاولت الدخول إلى منطقة جبل عامر الغنية بالذهب.
ولكن وفقا لإفادة المدير السابق للشركة السودانية للموارد المعدنية، مجاهد بلال، فإن معظم الإنتاج بمنطقة جبل عامر يتم بطرق تقليدية، ما يتسبب في الإضرار بالمعدنيين ولا توجد شركات كبرى في المنطقة، الأمر الذي يتسبب في معاناة المعدنيين التقليديين من سلطة بعض المتنفذين.
ودافع وزير الطاقة والتعدين عن سياسة شراء الذهب بسعر البورصة العالمية وبسعر الصرف في السوق العربي للخرطوم "الموازية"، وقال إنه في المرحلة المقبلة سوف يتم التركيز على الذهب أكثر من النفط باعتباره أموالاً سهلة.
اقــرأ أيضاً
وبدوره، قال رئيس شعبة مصدّري الذهب عبد المنعم الصديق إن شركات أمنية تابعة للنظام السابق وأخرى حكومية وأخرى تعمل تحت غطاء شركات حكومية محمية، تعمل في بيع الذهب إلى دبي وتوزع العائد على تجار العملة من دون علم بنك السودان المركزي، وطالب بخروج شركات الأمن والشركات الحكومية من النشاط الاقتصادي.
ولفت إلى أن إصلاح البلد يتطلب قرارات جريئة وشجاعة وعاجلة، مشيرا إلى أهمية أن يُترك المنتج لبيع إنتاجه من الذهب بكل حرية لضمان عائد الصادر عبر الدفع المقدم قبل تصديره، وبذلك يمكن إغلاق باب التهريب، لكنه أكد أن التهريب في الذهب يتم بصورة مقننة محميا من أمن النظام السابق.
وشرح أن حجم الإنتاج المعلن هو 100 طن، بينما وفقا لخبراء لا يقل عن 200 طن. وكشف عبد المنعم عن تهريب 80% من الذهب عبر طرق رسمية من قبل نظام عمر البشير، كما أن الـ20% المتبقية لم يستفد منها السودان، مما أدى إلى فقدان البلاد ثروات تُقدر بـ200 طن من الذهب.
ووفقا لأرقام وزارة المعادن، فإن المنتج من الذهب بين عامي 2011 و2018 بلغ 600 طن، بعائدات تقدّر بحوالي 24 مليار دولار، إلا أن الأمين العام لشعبة الذهب، معتصم محمد صالح، اعتبر أن البنك المركزي اشترى فقط 96 طناً بقيمة 8 مليارات دولار.
وقال إن الوزارة توقعت أن يكون احتياطي البلاد من الذهب 1550 طنا، ما يضعنا في المركز الثاني أفريقياً.
وحسب الجمارك، فقد تم تصدير 46 طنا بواسطة تجار الذهب بين عامي 2009 و2011، إذ كان الاستكشاف في ذلك الوقت بطرق بدائية. ولكن بعد مرور عشر سنوات تطورت طرق الاستخلاص وزاد عدد الشركات، ما يدل على أن الإنتاج قد يتخطى حاجز المائتي طن.
ورغم زيادة معدلات إنتاج الذهب في السودان، لا تزال الأحوال المعيشية في تدهور ولم يتحسن الاقتصاد.
وعلى نحو مفاجئ، أصبح الذهب يشكل العنصر الأهم والأكثر بريقاً في الموازنة المالية للحكومة. وارتفع الإنتاج خلال 2018، إلى أكثر من 100 ألف طن، ليحتل السودان بذلك المركز التاسع عالميا، والثاني أفريقيا في إنتاج المعدن النفيس، وبلغ عدد الشركات العاملة في هذا المجال أكثر من 450 شركة محلية وعالمية.
ثمة معضلة كما يبدو، إذ ظنّت الحكومة أن ارتفاع إنتاج الذهب سوف يعوّض فقدان الموارد البترولية، لكن سرعان ما خفت ذلك الشعور المتفائل، مع احتكار بنك السودان شراء الذهب من المواطنين والشركات بالعملة المحلية، وهو الدافع الأساسي تقريباً الذي جعل غالبية التجار يلجؤون إلى تهريب الذهب إلى دبي والهند، لجني أرباح أكبر.
والمثير في الأمر أن تهريب الذهب السوداني لم يعد حكراً على السودانيين فقط، وإنما دخلت الصين على خط استنزاف الاقتصاد، وفوجئت السلطات المحلية في ولاية كسلا شرق السودان، إبان فترة النظام السابق، باختفاء جبل سراريت من الوجود وتركت الشركة الصينية التي كانت تعمل بالقرب من الجبل، معدات بملايين الدولارات وراءها، ما يعني أنها حصلت على كنز كبير.
وتشير تقارير صحافية إلى أن السودان لم يستهلك بعد سوى 1% من احتياطاته من الذهب والمعادن الأخرى، والتي تقدر، وفقاً لوزير التعدين الأسبق هاشم علي سالم، بنحو 1500 طن من الذهب، و1.5 مليار طن من الحديد، ومخزون لنحو 40 معدناً آخر، علاوة على الأحجار الكريمة والنادرة.
وأشار إلى التجربة السابقة في التصفية، والتي فشلت وكبدت المصدّرين خسائر.
وقال اقتصاديون إنه ليس هنالك جديد في سياسة بنك السودان المركزي، وأكدوا أن الإجراءات تعجيزية أكثر منها تحفيزية، لأنها ستقود إلى مزيد من التهريب. وطالبوا بإنشاء شركة مساهمة عامة تكون حصة الحكومة فيها 51%، توطئة لإنشاء بورصة لمكافحة التهريب.
ولفت الاقتصادي الفاتح عثمان إلى أن إجراءات البنك المركزي تعتبر تعجيزية، مرجحاً أن يتم التراجع عنها، لأنها ستقود إلى مزيد من التهريب.
وشرح أن الشركات ليست منتجة للذهب، وبالتالي يصعب عليها أن تدفع زكاة وهي مجرد مشتر من المنتجين، وأكد أن قرار بنك السودان في حقيقته سيؤدي إلى احتكار شركة الفاخر لتصدير الذهب تحت سقف القانون.
وطالب الخبير الاقتصادي عادل خلف الله بتكوين شركة مساهمة عامة، على أن تكون خطوة ترتبط بالبورصة، لإعطاء المعادن فرصا واسعة لتلعب دورها في توفير وتعظيم النقد واستقرار الصرف ومكافحة التهريب.
أما أستاذ الاقتصاد في جامعة المغتربين محمد الناير، فقد قال إن الخلاف يكمن في الأسعار، ما يتطلب شفافية حتى لا يتم التهرب مجددا من الضرائب، وطالب باستقلالية البنك المركزي في سياساته، لأن وزارة المالية تدخلت في صلاحياته ومنحت شركة الفاخر احتكارا لتصدير الذهب.
وقال الناير إن قطاع التعدين يحتاج إلى تنظيم العمل، بحيث يسمح للشركات بأن تعدن، شريطة أن تعود الحصيلة كلها للدولة بعد بيع الذهب في الداخل أو الخارج، لافتاً إلى أن شركات ومؤسسات أمنية وعسكرية تعمل في القطاع.
وأكد الناطق الرسمي باسم شعبة مصدري الذهب، عبد المولى القدال، في تصريحات صحافية، أن القرار لا يرضي شعبة الذهب، لأنه نفس النظام الساري خلال الفترة الماضية. وذكر أن القرار سيساعد على المزيد من ارتفاع الأسعار في الأسواق.
ووصف تصدير الذهب عبر شركة واحدة مدخلاً للفساد، منوها إلى أن تصدير الذهب يجب أن يسمح لكافة الشركات، لا لشركة بعينها وبنظام الدفع المقدم.
وسرعان ما نفت وزارة المالية أنها أبرمت اتفاقاً مع شركة الفاخر، وقال الوزير إبراهيم البدوي إنه لا يوجد احتكار خاص لشركة الفاخر للأعمال في عمليات شراء وتصدير الذهب، بل إن الباب مفتوح أمام كل الشركات العاملة في مجال تصدير الذهب والقادرة على عمليات الشراء من دون أي استثناء، وذلك من أجل تعزيز جهود الحكومة مع القطاع الخاص لتوفير احتياطي البلاد من العملات الأجنبية وتوفير موارد البلاد تجاه السلع الاستراتيجية.
وأكد البدوي أن المالية تقوم بدراسة العروض المقدمة لها من شركات ومجموعة من تجار ومصدري الذهب التي تتجاوز الأربعين شركة ومجموعة أعمال. وأشار إلى أن هذه الشركات ومجموعات الأعمال لها المقدرة على تصدير حوالي 250 إلى 300 كيلوغرام في اليوم بنظام الدفع المقدم.
ولكن رئيس شركة الفاخر محمود محمد قال في تصريحاتٍ إن شركته صدّرت 155 كيلوغراماً إلى دبي، بحسب الاتفاق مع وزارة المالية.
وأضاف: "سنستمر عمليات التصدير، والشركة أعدّت 300 كيلوغرام أخرى سيتمّ شحنها، وستسلم شركة الفاخر حصيلة الصادر للحكومة، حسب الاتفاق بينهما".
وأضاف مدني: "لا نثق في أي أرقام أو إحصائيات حول عائدات وتجارة وتهريب الذهب، وأن معظم الأرقام التي تقال في هذا المجال غير منطقية".
ولكن وزير الطاقة والتعدين عادل علي إبراهيم قال إن الذهب سيكون مخرجا للبلاد من الأزمة الاقتصادية، ووعد بإجراءات قانونية وضوابط تشجع القطاع الخاص للانخراط في القطاع.
واعتبر خبراء أن عدم مقدرة الحكومة على السيطرة على إنتاج الذهب، خاصة في ظل وجود لوبي محكم وشركات تتحكم في معظم المناطق المنتجة للمعدن الأصفر.
وأكد الخبير أحمد الشيخ وجود شركات تتبع لجهاز الأمن السابق وأخرى يرتبط اسمها بقوات الدعم السريع تظل تحتكر معظم الإنتاج بمناطق جبل عامر وربما تشكل تهديدا للحكومة الحالية، إذا حاولت الدخول إلى منطقة جبل عامر الغنية بالذهب.
ولكن وفقا لإفادة المدير السابق للشركة السودانية للموارد المعدنية، مجاهد بلال، فإن معظم الإنتاج بمنطقة جبل عامر يتم بطرق تقليدية، ما يتسبب في الإضرار بالمعدنيين ولا توجد شركات كبرى في المنطقة، الأمر الذي يتسبب في معاناة المعدنيين التقليديين من سلطة بعض المتنفذين.
ودافع وزير الطاقة والتعدين عن سياسة شراء الذهب بسعر البورصة العالمية وبسعر الصرف في السوق العربي للخرطوم "الموازية"، وقال إنه في المرحلة المقبلة سوف يتم التركيز على الذهب أكثر من النفط باعتباره أموالاً سهلة.
ولفت إلى أن إصلاح البلد يتطلب قرارات جريئة وشجاعة وعاجلة، مشيرا إلى أهمية أن يُترك المنتج لبيع إنتاجه من الذهب بكل حرية لضمان عائد الصادر عبر الدفع المقدم قبل تصديره، وبذلك يمكن إغلاق باب التهريب، لكنه أكد أن التهريب في الذهب يتم بصورة مقننة محميا من أمن النظام السابق.
وشرح أن حجم الإنتاج المعلن هو 100 طن، بينما وفقا لخبراء لا يقل عن 200 طن. وكشف عبد المنعم عن تهريب 80% من الذهب عبر طرق رسمية من قبل نظام عمر البشير، كما أن الـ20% المتبقية لم يستفد منها السودان، مما أدى إلى فقدان البلاد ثروات تُقدر بـ200 طن من الذهب.
ووفقا لأرقام وزارة المعادن، فإن المنتج من الذهب بين عامي 2011 و2018 بلغ 600 طن، بعائدات تقدّر بحوالي 24 مليار دولار، إلا أن الأمين العام لشعبة الذهب، معتصم محمد صالح، اعتبر أن البنك المركزي اشترى فقط 96 طناً بقيمة 8 مليارات دولار.
وقال إن الوزارة توقعت أن يكون احتياطي البلاد من الذهب 1550 طنا، ما يضعنا في المركز الثاني أفريقياً.
وحسب الجمارك، فقد تم تصدير 46 طنا بواسطة تجار الذهب بين عامي 2009 و2011، إذ كان الاستكشاف في ذلك الوقت بطرق بدائية. ولكن بعد مرور عشر سنوات تطورت طرق الاستخلاص وزاد عدد الشركات، ما يدل على أن الإنتاج قد يتخطى حاجز المائتي طن.
ورغم زيادة معدلات إنتاج الذهب في السودان، لا تزال الأحوال المعيشية في تدهور ولم يتحسن الاقتصاد.
وعلى نحو مفاجئ، أصبح الذهب يشكل العنصر الأهم والأكثر بريقاً في الموازنة المالية للحكومة. وارتفع الإنتاج خلال 2018، إلى أكثر من 100 ألف طن، ليحتل السودان بذلك المركز التاسع عالميا، والثاني أفريقيا في إنتاج المعدن النفيس، وبلغ عدد الشركات العاملة في هذا المجال أكثر من 450 شركة محلية وعالمية.
ثمة معضلة كما يبدو، إذ ظنّت الحكومة أن ارتفاع إنتاج الذهب سوف يعوّض فقدان الموارد البترولية، لكن سرعان ما خفت ذلك الشعور المتفائل، مع احتكار بنك السودان شراء الذهب من المواطنين والشركات بالعملة المحلية، وهو الدافع الأساسي تقريباً الذي جعل غالبية التجار يلجؤون إلى تهريب الذهب إلى دبي والهند، لجني أرباح أكبر.
والمثير في الأمر أن تهريب الذهب السوداني لم يعد حكراً على السودانيين فقط، وإنما دخلت الصين على خط استنزاف الاقتصاد، وفوجئت السلطات المحلية في ولاية كسلا شرق السودان، إبان فترة النظام السابق، باختفاء جبل سراريت من الوجود وتركت الشركة الصينية التي كانت تعمل بالقرب من الجبل، معدات بملايين الدولارات وراءها، ما يعني أنها حصلت على كنز كبير.
وتشير تقارير صحافية إلى أن السودان لم يستهلك بعد سوى 1% من احتياطاته من الذهب والمعادن الأخرى، والتي تقدر، وفقاً لوزير التعدين الأسبق هاشم علي سالم، بنحو 1500 طن من الذهب، و1.5 مليار طن من الحديد، ومخزون لنحو 40 معدناً آخر، علاوة على الأحجار الكريمة والنادرة.