من قلب البحر المتوسط، تطل جزيرة مالطا الملقبة بحسناء المتوسط. طبيعتها، مناخها، استقبال شعبها، جعلتها مقصد السياح، لكن ذلك ليس كل شيء، فالشعوب التي استوطنتها على مر الأزمنة، تركت آثاراً لا يستهان بها، وليس عجباً أن تضع منظمة الأونيسكو الكثير من أماكنها على لائحة التراث العالمي.
أضف إلى ذلك، التكاليف في البلاد ليست مرتفعة، وهي من الأماكن الساحرة لقضاء شهر العسل أيضاً. احزم الحقائب، وانطلق في جولة تاريخية لا تخلوها لحظات المغامرة والمرح.
الاستجمام على الشواطئ
في مالطا، يرحب كل من خليج ميليها، غاجن توفيها، وغولدن باي، بالزوار، حيث تتنوع النشاطات المائية هناك، من ركوب الطيران الشراعي، ركوب الأمواج والتزلج على الماء، وغيرها من النشاطات.
أما محبو الاسترخاء، فسينعمون بفرصة لا تنسى في أجمل شواطئ المتوسط. لا تخلو المياه في مالطا من العجائب، يقصد السياح نافذة أزور والتي تعد من أشهر المعالم السياحية في البلاد. وهي عبارة عن قوس ضخم من الحجر الجيري بالقرب من خليج دويرجا على الساحل الغربي لمدينة غوزو.
من الأماكن الرائعة للاستجمام والاسترخاء أيضاً، جزيرة بلو لاغون مالطا، أي البحيرة الزرقاء، والتي تعد محمية طبيعية، نظراً لاحتوائها على الكثير من الطيور والأسماك النادرة. كما تضم العديد من المرافق الترفيهية والأنشطة السياحية، وهي مكان مناسب للغوص.
مدينة أثرية
تكثر في مالطا الكاتدرائيات والكهوف القديمة التي تعود إلى القرون الوسطى. البداية من كاتدرائية القديس يوحنا الواقعة في العاصمة فاليتا، حيث تم بناؤها عام 1570.
تتميز بهندستها الداخلية المليئة بالزخرفة والقطع الأثرية. وتضم متحفاً يحوي مجموعة من أعمال الرسام الإيطالي الشهير كارافاجيو. كما يقصد السياح كنيسة القديس بولس والتي تم بناؤها في القرن السابع عشر. تمتاز الكنيسة بهندستها المعمارية، وأسلوب الرسم على جدرانها.
أيضاً وأيضاً، تنتظر كنيسة سان ماري الزوار. وهي تحفة فنية رائعة، تمتاز بقبتها الضخمة، والتي تعد ثالث أكبر قبة في أوروبا. وبعيداً من الكنائس، ما رأيكم بزيارة معبد غانتيجا، وهو مجمع للمعابد الصخرية بنيت في جزيرة غوزو نهاية العصر الحجري، وسراديب الموتى سانت بول والتي يعود تاريخها إلى القرن الرابع الميلادي؟
الثقافة في فاليتا
تتميز فاليتا بطابعها الفني الباروكي. وفن الباروكو يعني أن الرسام لا يتّبع القوانين والنسب، بل يصور كل شيء بحسب هواه. وقد اشتهر هذا الفن في القرن السابع عشر، وتجده بشكل واضح في القصور والمباني. تبدأ الجولة بزيارة كل من قصر كاسا روكا بيكولا، وقصر غراند ماستر، حيث يعود تاريخ بنائهما إلى القرن السادس عشر. يمثلان تحفة فنية نادرة.
كما يقصد السياح القلعة أو المتحف الوطني للحرب، يحتوى على مجموعة من المعدات العسكرية تعود إلى العصر البرونزي. ولا بد من زيارة المتحف الوطني للفنون الجميلة، والذي يضم مجموعة من القطع الفنية التي تعود إلى عهد القديس يوحنا. وأخيراً، تنتظركم خطوط فيكتوريا، وهي عبارة عن جدار من التحصينات مع أبراج دفاعية تعود لقرن التاسع عشر.
المدن القديمة
رغم صغر مساحة مالطا، إلا أن الأماكن التي يقصدها السياح متنوعة. في مدينة بيرجو، والتي تسمى بالمدينة القديمة، يندهش السائح من سحرها وجمال مبانيها. وهي من أول المدن التي أسسها فرسان القديس يوحنا. كما تمتاز بمناظرها الطبيعية الخلابة. وكثرة المواقع الأثرية، التي وضعت على قائمة التراث العالمي، ويمكن تخصيص يوم كامل لزيارتها.
كما لا بد أن يعرج السائح أيضاً إلى المدينة الصامتة، "Mdina" وهي تقع على بعد 7 أميال غرب مدينة. يمكن للزائر التمتع بزيارتها سيراً على الأقدام عبر الجسر المتحرك. تمتاز المدينة بطرازها الباروكي، وشوارعها الضيقة. ولا تفوتوا فرصة زيارة قرية Dingli الواقعة على الحافة الجنوبية الغربية للجزيرة، تتميز بمنحدراتها الرائعة، ومساحاتها الخضراء، وبساطة منازلها.
الأسواق الشعبية
ما يجعل زيارة الأسواق الشعبية في مالطا حدثا رائعا، هو التعرف إلى التاريخ والأصالة عند الشعب المالطي. تتنوع الأسواق الشعبية في البلاد، حيث تعرض المنتجات الزخرفية، الأواني الفخارية وغيرها.
عربات متراصة بجانب بعضها البعض، ومحال تجارية تعود إلى حقبات زمنية قديمة. أصوات باعة، والحفلات الموسيقية التي تقام في نهاية الأسبوع، والعروض الفنية، تجعل السائح يعيش أجواء الماضي والحاضر في آن معاً.
يقصد السائح الأسواق الشعبية، لشراء الهدايا التذكارية، وتناول المأكولات التقليدية التي تعكس حضارة الشعب المالطي الغنية. ومن أبرز المأكولات، فطيرة لامبوكي المكونة من السمك، والخبز المالطي الممزوج بزيت الزيتون الذي يقدم مع البندورة وسمك التونا، أيضاً لا تنسوا فرصة تذوق الحلويات الشعبية كحلوة الترك التي تعد من اللوز المطحون.
التكاليف اليومية في مالطا
تتميز مالطا بموقعها الجغرافي على البحر المتوسط، وهو ما انعكس على اقتصادها، حيث تعتمد البلاد على العائدات السياحية من جهة، والصيد البحري من جهة أخرى.
من يزُر مالطا، يعِ أن السلطات أولت اهتماماً كبيراً لتطوير المرافئ، وجعل البلاد محطة لرسو سفن البضائع العالمية، إضافة الى استقبال السياح عن طريق العبارات والسفن العالمية. تشكل السياحة، بحسب بيانات رسمية صادرة عن دائرة الإحصاء في مالطا، نحو ثلث الناتج المحلي الإجمالي.
جميع هذه المقومات تشكل عوامل جذب للسياح، ولكن يبقى السؤال الرئيسي: ما هي التكاليف التي يحتاجها السائح لقضاء إجازة في مالطا؟ إليك الأرقام: لحجز فندق للإقامة، يختار السائح بين الفنادق ذات خمس نجوم والتي تتراوح أسعارها ما بين 250 و350 دولاراً في الليلة الواحدة، وما بين الفنادق المصنفة كأربع نجوم أو ثلاث نجوم، والتي تتميز بخدماتها المميزة، إذ تتراوح الأسعار ما بين 50 و100 دولار في اليوم الواحد، وفق مواقع الحجز الإلكتروني.
أما بالنسبة إلى تكاليف المعيشة، فهي ليست بمتناول الجميع، ما عليك عزيزي السائح سوى الاختيار بما يناسب ميزانيتك. تبدأ أسعار الوجبات من 14 دولاراً وترتفع تدريجياً لكنها لا تتعدى 20 دولاراً، ويمكن تناول أطباق السمك بأسعار تتراوح بين 15 و25 دولاراً. أما بالنسبة إلى أسعار المشروبات الساخنة والمياه، والمثلجات، فهي لا تتعدى الدولارين.
وإن أردت عزيزي السائح التجول في المدينة، وحجز سيارة أجرة، فعليك دفع 2.34 دولار لكل كيلومتر تقطعه، أما بالنسبة إلى المواصلات العامة، فهي رخيصة لا يتعدى سعر التذكرة دولارا واحدا. ولذا، إن كنت قد وضعت مالطا على أجندتك السياحية هذا العام، فلن تحتاج أكثر من 800 دولار لقضاء 5 أيام استثنائية على الشواطئ الخلابة.