الحرب التجارية تهدد النمو الاقتصادي في أميركا

17 مايو 2019
الرئيس ترامب يراهن على كسب الحرب التجارية (Getty)
+ الخط -

أظهرت بعض البيانات الصادرة حديثاً في واشنطن أن رصاصات الحرب التجارية المتبادلة بين الولايات المتحدة والصين لن تمر برداً وسلاماً على الاقتصادين الأكبر في العالم، وأن الخسائر التي أصابت الطرفين تؤكد بالفعل أن لا أحد يخرج فائزاً في الحروب التجارية.

ويوم الأربعاء، قالت وزارة التجارة الأميركية إن مبيعات التجزئة انخفضت في شهر إبريل / نيسان المنتهي بنسبة 2% مقارنة بالشهر السابق، بعد استبعاد التأثيرات الموسمية، مخالفةً التوقعات التي أشارت إلى ارتفاع بنسبة 0.2%، وبعد أن ارتفعت بنسبة 1.7% في مارس / آذار، مسجلة أقوى ارتفاع لها في عامٍ ونصف.

وفي اليوم نفسه، أظهرت البيانات الصادرة عن بنك الاحتياط الفيدرالي انخفاض الإنتاج الصناعي الأميركي بنسبة 0.5% في شهر إبريل / نيسان، مقارنة بالشهر السابق، وهو ثالث انخفاض لها منذ بداية العام الحالي، الذي سجل ربعه الأول معدلاً سنوياً للانخفاض يقدر بـ 2.1%. ويعد انخفاض الشهر الحالي هو الأكبر منذ مايو / أيار من العام الماضي.

ويولي الاقتصاديون اهتماماً خاصاً لتقرير الإنتاج الصناعي، الصادر عن البنك الفيدرالي، باعتباره أحد أهم المؤشرات الأولية لمعدل التضخم المستقبلي، حيث يرى البنك أن ارتفاع الأسعار يعبر عن نفسه أولاً على المستوى الصناعي، حين تقل إمدادات المواد الأساسية المطلوبة للإنتاج، فترتفع التكلفة على المُصنعين وعلى الشركات المشترية للمنتجات المصنعة، وهو ما يتم تمريره لاحقاً إلى المستهلك النهائي، ويعبر عنه بمعدل التضخم.
واعتبر مركز الأبحاث كابيتال إيكونوميكس أن البيانات الصادرة تدعم توقعات المركز بتباطؤ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثاني من العام، وصولاً إلى معدل سنوي بين 1.5% - 2%، بفعل انحسار تأثير التحفيز المالي من زيادات الانفاق الحكومي، واستمرار تأثيرات رفع تكلفة الاقتراض، خلال العام الماضي، متوقعاً تباطؤا أكبر في النصف الثاني من العام. 

وقال أندرو هانتر، كبير الاقتصاديين المختصين بالشأن الأميركي في المركز، في مذكرةٍ أرسلها لعملائه بعد صدور البيانات إن "انخفاض الانتاج الصناعي يعني أن معدلات نمو الاقتصاد العالمي المحدودة لازالت تؤثر سلباً على المنتجين الأميركيين".
مشيراً إلى أن ارتفاع سعر الدولار أمام العملات الأخرى في الشهور الأخيرة لعب دوراً في الأرقام الصادرة.

وعلى حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، تساءل ديفيد روزنبيرغ، كبير الاقتصاديين بشركة غلوسكين شيف وشركاه الكندية لإدارة الثروات، إذا ما كان الركود قد بدأ بالفعل.

وأشار  إلى أن أركان الدورة الاقتصادية بلغت ذروتها قبل نهاية العام الماضي. وأكد روزنبيرغ أن ارتفاع مؤشرات الأسهم الأميركية (الذي حدث صباح الأربعاء رغم ضعف البيانات الصادرة) هو مجرد دليل إضافي على انفصام سوق الأسهم عن الاقتصاد الحقيقي.
وفي أكثر من مناسبة سابقة، اعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن ارتفاع مؤشرات الأسهم الأميركية، ووصولها إلى مستوياتها التاريخية، هو دليل على نجاح سياساته الاقتصادية منذ وصوله إلى البيت الأبيض. 

واعتبر بعض الاقتصاديين أن البيانات الصادرة يوم الأربعاء كانت نتيجة طبيعة لاستمرار النزاعات التجارية بين الاقتصادات الكبرى، وهو الأمر الذي حذر منه البنك الدولي وصندوق النقد الدولي مراراً، مؤكدين التأثيرات السلبية لفرض التعريفات على اقتصادات الدول المعنية، كما على الاقتصاد العالمي.

ويقول غريغوري داكو، كبير الاقتصاديين المختصين بالشأن الأميركي بمركز الأبحاث أكسفورد إيكونوميكس، "مع اختفاء تأثير الإعفاءات الضريبية وزيادة الإنفاق الفيدرالي، واستمرار التصعيد في النزاعات التجارية، سنواجه رياحاً معاكسة أقوى تعوق نمو انفاق المستهلكين".

و شهدت الأيام القليلة الماضية تصعيداً مفاجئاً، بعد أن قرر ترامب بدء تطبيق التعريفات الجديدة، بنسبة 25% بدلاً من 10%، على ما قيمته 200 مليار دولار، يوم الجمعة الماضي، مع التهديد بفرض تعرفات جديدة، بنسبة 25%، على ما قيمته 325 مليار دولار أخرى، من المنتجات الصينية الواردة إلى بلاده.
المساهمون