تعاني أسواق الذهب في الرياض المليئة بالمجوهرات من نقص في عدد البائعين بعد أمر حكومي باستبدال العمال الأجانب بالسعوديين، في إطار سياسة تهدف إلى مواجهة ارتفاع معدلات البطالة في البلاد.
ولطالما اعتمدت السعودية على العمالة الأجنبية في وظائف في قطاعي الخدمات والتجارة، لأسباب متعلقة بالمهارات والتكلفة، لكن عددا كبيرا من السعوديين الذين لطالما تمتعوا بنظام رعاية اجتماعية سخي، ينظرون إلى بعض هذه الوظائف على أنها لا تليق بهم.
في سوق طيبة، أغلقت بعض محال الذهب أبوابها، بينما تصارع أخرى للبقاء، وذلك بسبب نقص في عدد العمال السعوديين الماهرين بعد تطبيق الحكومة سياسة "سعودة 100%" منذ كانون الأول/ديسمبر الماضي.
ويقول فايز الهردي الذي يملك محلا واستقدم بعض أقاربه من الشبان مكان مجموعة من العمال اليمنيين الكفوئين الذين اضطر للاستغناء عن خدماتهم، إن السعوديين "جدد في هذا النوع من العمل وبحاجة لاكتساب الخبرة".
ويشير عدد من مالكي المحلات في طيبة وسوق ذهب آخر في الرياض زارته وكالة "فرانس برس"، إلى أنهم يواجهون صعوبات في توظيف سعوديين بسبب ميل هؤلاء إجمالا إلى الاعتقاد بأنهم يجب أن يتلقوا معاملة مميزة.
ولا يرغب عدد كبير من السعوديين بالعمل لساعات طويلة وفي أوقات مبكرة، ويطالب حتى الذين يفتقدون للخبرة اللازمة برواتب تصل إلى ضعفي رواتب العمال الأجانب الذين يتمتعون بالمهارات الملائمة.
ويقول صاحب محل آخر لبيع المجوهرات، وهو يشير إلى مجموعة من السير الذاتية لسعوديين تقدموا بطلبات عمل، إن أفضلهم بقي لمدة يومين فقط في عمله، مضيفا "هذا يقضي على تجارتنا". وتحاول محلات أخرى الاحتفاظ بعمالها الأجانب، وتواصل دفع رواتبهم من دون أن يأتوا الى مركز عملهم، آملين في أن تقوم الحكومة بالتراجع عن هذا القرار، ولكن ذلك مستبعد.
ويؤكد عامل يمني في أسواق طيبة أنه فصل من عمله السابق، مضيفا "عندما أذهب بحثا عن عمل، يقول لي أصحاب المحلات، إننا نرغب فقط بالسعوديين، السعوديين".
إعادة تشكيل الاقتصاد
وتأتي "سعودة" العمل في إطار سعي المملكة لإعادة هيكلة اقتصادها المرتهن للنفط، وإعادة إطلاق وظائف في القطاع الخاص من أجل التقليل من اعتماد المواطنين على الحكومة وخفض كلفة رواتب القطاع العام.
وتثني وسائل الإعلام السعودية باستمرار على جيل جديد من المواطنين الذين يعملون للمرة الأولى في وظائف مثل تصليح السيارات أو قيادة السيارات أو محطات الوقود، والتي كانت لوقت طويل تعتبر وظائف مخصصة للعمال الأجانب.
وتظهر استطلاعات حكومية أن نسبة البطالة بين الشباب تصل إلى نحو 40% في بلد يقل عمر نصف السكان فيه عن 25 عاما.
وتوظف الحكومة قرابة ثلثي السعوديين، وتمثل رواتب القطاع العام والمخصصات نصف الإنفاق العام، وتسعى السلطات الى تقليص العجز في ميزانيتها عبر "سعودة" قطاعات مختلفة.
وفي كانون الثاني/يناير الماضي، أضافت الحكومة قطاعات العمل في بيع قطع السيارات والأجهزة الإلكترونية والأدوات الطبية والمفروشات المنزلية إلى لائحة الوظائف المحصورة بالسعوديين.
وأوردت صحيفة "عكاظ" الموالية للحكومة أن العديد من محلات تأجير السيارات أغلقت أبوابها في الرياض مع بدء الحكومة تطبيق خطوة السعودة لهذا القطاع.
وشرعت المملكة أيضا في فرض ضريبة شهرية على عائلات المقيمين الأجانب الذين يعملون في القطاع الخاص وموظفيهم، ما دفع الكثير منهم لمغادرة المملكة التي كانت ملاذا خاليا من الضرائب.
وتظهر أرقام حكومية أن أكثر من 300 ألف من الأجانب من الطبقة العاملة خسروا وظائفهم في أول تسعة أشهر من عام 2017.
سعودة زائفة
وأثارت فكرة "السعودة" جدلا كبيرا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويطالب مؤيدو هذه السياسة بفرص متكافئة مع العمال غير السعوديين، منتقدين في الوقت ذاته إعلانات التوظيف التي تستهدف عمالا من آسيا وغيرها، ولكن المحاولات الحثيثة لـ"سعودة" العمل لم تؤد الى تخفيض نسبة البطالة بين المواطنين، بحسب خبراء، على الرغم من تأكيدات الحكومة أن هذه السياسة ستخلق الآلاف من فرص العمل.
وتقول كارين يونغ، الباحثة بمعهد دول الخليج العربي في واشنطن، إنّ "الأمر سيستغرق عقدا أو أكثر لتحقيق نقلة ثقافية في القوة العاملة السعودية ولتنبثق طبقة من السعوديين المستعدين للعمل في قطاع الخدمات والتجارة وأعمال البناء".
اقــرأ أيضاً
ويفرض نظام "نطاقات" الحكومي الطموح على الشركات تطبيق نسبة معينة من السعودة بين الموظفين مقابل الحصول على حوافز.
وتقوم بعض الشركات في مسعى منها لتلبية حصص السعودة، بتوظيف سعوديين مقابل رواتب متدنية للبقاء في المنزل، ما يعني خلق وظائف وهمية، بحسب خبراء وأصحاب أعمال.
(فرانس برس)
في سوق طيبة، أغلقت بعض محال الذهب أبوابها، بينما تصارع أخرى للبقاء، وذلك بسبب نقص في عدد العمال السعوديين الماهرين بعد تطبيق الحكومة سياسة "سعودة 100%" منذ كانون الأول/ديسمبر الماضي.
ويقول فايز الهردي الذي يملك محلا واستقدم بعض أقاربه من الشبان مكان مجموعة من العمال اليمنيين الكفوئين الذين اضطر للاستغناء عن خدماتهم، إن السعوديين "جدد في هذا النوع من العمل وبحاجة لاكتساب الخبرة".
ويشير عدد من مالكي المحلات في طيبة وسوق ذهب آخر في الرياض زارته وكالة "فرانس برس"، إلى أنهم يواجهون صعوبات في توظيف سعوديين بسبب ميل هؤلاء إجمالا إلى الاعتقاد بأنهم يجب أن يتلقوا معاملة مميزة.
ولا يرغب عدد كبير من السعوديين بالعمل لساعات طويلة وفي أوقات مبكرة، ويطالب حتى الذين يفتقدون للخبرة اللازمة برواتب تصل إلى ضعفي رواتب العمال الأجانب الذين يتمتعون بالمهارات الملائمة.
ويقول صاحب محل آخر لبيع المجوهرات، وهو يشير إلى مجموعة من السير الذاتية لسعوديين تقدموا بطلبات عمل، إن أفضلهم بقي لمدة يومين فقط في عمله، مضيفا "هذا يقضي على تجارتنا". وتحاول محلات أخرى الاحتفاظ بعمالها الأجانب، وتواصل دفع رواتبهم من دون أن يأتوا الى مركز عملهم، آملين في أن تقوم الحكومة بالتراجع عن هذا القرار، ولكن ذلك مستبعد.
ويؤكد عامل يمني في أسواق طيبة أنه فصل من عمله السابق، مضيفا "عندما أذهب بحثا عن عمل، يقول لي أصحاب المحلات، إننا نرغب فقط بالسعوديين، السعوديين".
إعادة تشكيل الاقتصاد
وتأتي "سعودة" العمل في إطار سعي المملكة لإعادة هيكلة اقتصادها المرتهن للنفط، وإعادة إطلاق وظائف في القطاع الخاص من أجل التقليل من اعتماد المواطنين على الحكومة وخفض كلفة رواتب القطاع العام.
وتثني وسائل الإعلام السعودية باستمرار على جيل جديد من المواطنين الذين يعملون للمرة الأولى في وظائف مثل تصليح السيارات أو قيادة السيارات أو محطات الوقود، والتي كانت لوقت طويل تعتبر وظائف مخصصة للعمال الأجانب.
وتظهر استطلاعات حكومية أن نسبة البطالة بين الشباب تصل إلى نحو 40% في بلد يقل عمر نصف السكان فيه عن 25 عاما.
وتوظف الحكومة قرابة ثلثي السعوديين، وتمثل رواتب القطاع العام والمخصصات نصف الإنفاق العام، وتسعى السلطات الى تقليص العجز في ميزانيتها عبر "سعودة" قطاعات مختلفة.
وفي كانون الثاني/يناير الماضي، أضافت الحكومة قطاعات العمل في بيع قطع السيارات والأجهزة الإلكترونية والأدوات الطبية والمفروشات المنزلية إلى لائحة الوظائف المحصورة بالسعوديين.
وأوردت صحيفة "عكاظ" الموالية للحكومة أن العديد من محلات تأجير السيارات أغلقت أبوابها في الرياض مع بدء الحكومة تطبيق خطوة السعودة لهذا القطاع.
وشرعت المملكة أيضا في فرض ضريبة شهرية على عائلات المقيمين الأجانب الذين يعملون في القطاع الخاص وموظفيهم، ما دفع الكثير منهم لمغادرة المملكة التي كانت ملاذا خاليا من الضرائب.
وتظهر أرقام حكومية أن أكثر من 300 ألف من الأجانب من الطبقة العاملة خسروا وظائفهم في أول تسعة أشهر من عام 2017.
سعودة زائفة
وأثارت فكرة "السعودة" جدلا كبيرا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويطالب مؤيدو هذه السياسة بفرص متكافئة مع العمال غير السعوديين، منتقدين في الوقت ذاته إعلانات التوظيف التي تستهدف عمالا من آسيا وغيرها، ولكن المحاولات الحثيثة لـ"سعودة" العمل لم تؤد الى تخفيض نسبة البطالة بين المواطنين، بحسب خبراء، على الرغم من تأكيدات الحكومة أن هذه السياسة ستخلق الآلاف من فرص العمل.
وتقول كارين يونغ، الباحثة بمعهد دول الخليج العربي في واشنطن، إنّ "الأمر سيستغرق عقدا أو أكثر لتحقيق نقلة ثقافية في القوة العاملة السعودية ولتنبثق طبقة من السعوديين المستعدين للعمل في قطاع الخدمات والتجارة وأعمال البناء".
ويفرض نظام "نطاقات" الحكومي الطموح على الشركات تطبيق نسبة معينة من السعودة بين الموظفين مقابل الحصول على حوافز.
(فرانس برس)