نيران الحروب تلتهم حقوق عمال سورية والعراق وليبيا

30 ابريل 2018
تتغيّر وجود السياسيين ومعاناة العمال على حالها (فرانس برس)
+ الخط -


نال العمال في الدول التي تعاني من اضطرابات وحروب القسط الأكبر من المعاناة في المنطقة، إذ تم تخريب القطاعات الصناعية والزراعية والسياحية والتجارية وغيرها، ما فاقم البطالة بالإضافة إلى تعرضهم لقمع متزايد وأزمات معيشية متصاعدة.

وجاءت سورية في صدارة الدول التي شهدت تدهوراً حاداً في أوضاع العمالة، إذ ارتفعت نسبة البطالة بحسب تقارير دولية لنحو 80%، بالإضافة إلى تدهور الأجور وارتفاع قياسي للتضخم.

وأدى تهديم آلاف المنشآت الصناعية والخدمية خلال 7 سنوات من الحرب إلى إبعاد نحو 3.7 ملايين سوري عن مواقع العمل، حسب ما يقول المستشار السابق باتحاد العمال بسورية، عماد الدين المصبح لـ"العربي الجديد"، مضيفاً لن يشهد الأول من مايو/ أيار "عيد العمال" أي احتجاجات أو تظاهرات تطالب بحقوق العمال وتأمين فرص عمل، ببساطة، لأن اتحاد العمال بسورية الآن، هو تنظيم يتبع للدولة ويؤازرها بحربها.

ويؤكد المصبح أن الطبقة العاملة عانت قبل اندلاع الثورة عام 2011 من التهميش وبعدها من الفصل التعسفي من القطاع الحكومي بحجة الانتماء للثورة، أما القطاع الخاص فعانى من تهديم المنشآت وتراجع مستويات الأجور وغلاء المعيشة.
من جهته، يقول الاقتصادي السوري صلاح يوسف، لـ"العربي الجديد" كانت قوة العمل بسورية نحو 6 ملايين عام 2011، منها نحو 1.8 مليون عامل بالقطاع الحكومي، ولكن اليوم ورغم عدم وجود أي إحصاء رسمي "لا يزيد العمال بالقطاعين العام والخاص، عن مليون سوري حسب توقعاتي".

ويلفت الاقتصادي السوري إلى أن معظم العمالة الماهرة وأصحاب رؤوس الأموال، غادروا سورية خلال الحرب، وهذه من أكبر الخسائر التي ستلمسها سورية خلال إعادة الإعمار والبناء.

وما يتعلق بظروف العمال السوريين المعيشية، يؤكد يوسف أن من تبقى على رأس عمله، وهم قلة، يعانون ظروفا معيشية سيئة بواقع تواضع الأجور، والقفزة الكبيرة في أسعار السلع.
وفي العراق الغني بالنفط كان العمال في فوهة الحرب على تنظيم "داعش" التي دمرت العديد من المدن والقطاعات الإنتاجية.

وتعد شريحة العمال هي الأكثر فقراً وتهميشاً منذ عشرات السنين، فهم لا يتقاضون الأجور التي يستحقونها، وليس لديهم ضمان يحميهم إذا ما تعرض أحد منهم إلى مرض أو أي مخاطر.

ويشتكي العامل بإحدى المؤسسات الخاصة قاسم صمد، من قلة مرتبه الشهري، الذي لا يكفيه ولا يسد احتياجاته، الأمر الذي يقوده إلى الاقتراض من زملائه، أو يضطر إلى سحب نسبة من مرتبه للشهر المقبل الذي لا يتجاوز 250 دولاراً في الشهر.

ويقول إن "الأمل بترتيب أحوالي المادية أمر مستحيل، فما زلت لا أستطيع شراء ملابس جيدة".

ويشير صمد، في حديثه لـ "العربي الجديد" إلى أنه "لا يعرف معظم حقوقه التي ينص عليها قانون العمل بسبب عدم اطلاعه عليه".
في هذا السياق، يؤكد أستاذ القانون علي التميمي، أن "قانون العمل الذي أقره البرلمان العراقي عام 2015، والذي اعتبرته نقابات العمال في العراق، طفرة نوعية ومهمة، ما يزال بحاجة إلى لمسات حقيقية وعصرية، تجعله يواكب سوق العمل الحالي، لأنه يحتوي على مضامين لا تخدم العامل بالقدر الكافي".

وبيّن لـ"العربي الجديد"، أن "القانون ركز على أهمية نظام الضمان المالي بعد نهاية الخدمة، وهو ما يُعرف بالتقاعد، إلا أنه أهمل بشكل كبير الالتفات إلى تطوير القطاع الخاص، وتحسين مرتبات العمال الحاليين غير المتقاعدين".

ويضيف، أن "وضع العمال في العراق سيئ، وشريحة كبيرة منهم تتركز في مجالات متفرقة بأمور النظافة والخدمة وبمجال البناء وغير ذلك، لأن المصانع والمشروعات العراقية التي كانت رائدة في الثمانينيات من القرن الماضي، هجرها أصحابها خوفاً من الميليشيات والاضطرابات، فضلاً عن تردي الخدمات مثل الكهرباء والمواد الأولية للكثير من الصناعات".

من جانبه، يؤكد النائب في البرلمان العراقي عن "التحالف الوطني" الحاكم في البلاد، حسن سالم، أن "المحاصصة الطائفية والحزبية والنظام السياسي الرديء والانشغال بالغنائم والمناصب واللعب بأموال ومقدرات الدولة العراقية، جعلت غالبية المسؤولين في الحكومة لا ينتبهون لشريحة العمال المهمة، التي تعمل بمرتبات قليلة وساعات طويلة".

وأشار في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إلى أن "البرلمان العراقي والحكومة لم يقدما أي شيء يخدم مصلحة العمال العراقيين، وهو أمر مؤسف".
بدوره، يؤكد رئيس الاتحاد العام العراقي لنقابات العمال وليد نعمة، وجود 6 ملايين عامل غير منضمين لنقابات، لا يعرفون حقوقهم وما يجب أن يُقدّم لهم من قبل أرباب العمل والحكومة.

ويقول لـ"العربي الجديد"، إن "النقابات العمالية تعمل باستمرار ودون توقف على دعم المتظاهرين من العمال المطالبين بتحسين ظروفهم المعاشية وأجورهم في مناطق وسط وجنوب العراق".

ويضيف، أن "ما نقوم به في النقابات مقارنة بالفوضى التي تحصل بالبلد، هو إنجاز كبير"، لافتاً إلى أن "جهودنا استطاعت رفع معدل الأجر الشهر للعامل العراقي من 180 ألف دينار عراقي (130 دولاراً) إلى 300 ألف دينار عراقي (270 دولاراً)، ونسعى إلى زيادته".

ولم تكن ليبيا أفضل حالاً من العراق وسورية، إذ يعاني العمال من تداعيات الصراع العسكري بين الفرقاء والانقسامات التي دبت في مختلف مؤسسات الدولة. وقال رئيس اتحاد عمال النفط في ليبيا منير أبو السعود لـ"العربي الجديد" إن الاتحاد مقصوص الجناحين بسب الانقسام السياسي ومحاولة السلطات الحكومية السيطرة عليه ومنعه من القيام بعمله.

وأوضح أن المؤسسة الوطنية للنفط تقوم بمحاربة الاتحاد ولا توجد لديها آذان صاغية حول مطالب العمال من تأمين صحي وزيادة الرواتب ووقف القرارات التعسفية للفصل الإداري لبعض العمال.

وأكد أنه لجأ إلى اتحاد عمال ليبيا من أجل المساعدة لحلحة المشاكل دون استجابة بسب ضعف القوة العمالية للاتحادات العمالية.

ويوجد في ليبيا اتحادان للعمال، كل منهما يدعي الشرعية، أحدهما موجود بالعاصمة طرابلس وآخر في بنغازي، ولكل منهما نشاط ومقرات إدارية ولديه فروع في مختلف أنحاء البلاد.