مخاوف من مفاجآت جيوسياسية تحدث قفزة بأسعار النفط

13 مايو 2019
مضيق هرمز حيث تصدر 17 مليون برميل يومياً (Getty)
+ الخط -


تجاهلت أسواق النفط، حتى الآن، إلغاء الإعفاءات التي كانت ممنوحة لمستوردي النفط الإيراني، ضمن محاولة إدارة الرئيس دونالد ترامب تصفير صادرات النفط الإيراني، أي حرمان طهران كاملاً من مداخيل النفط. 

ويلاحظ مراقبون أن أسعار النفط انخفضت بنسبة 2.0% من المستويات التي كانت عليها قبل إلغاء الإعفاءات والبالغة 75 دولاراً بدلاً من أن ترتفع، والسبب في ذلك يعود إلى أن تجار النفط باتوا يمنحون اهتماماً أكبر لحجم مخزونات النفط الأميركي ومعدلات إنتاجه وتوجهات النزاع التجاري بين واشنطن وبكين، كموجهات لأسعار الخامات، أكثر من اهتمامهم بحظر النفط الإيراني.

ويأتي ذلك على أساس أن قضية تغطية نقص السوق من النفط الإيراني باتت مسألة شبه محسومة، ما دام إنتاج النفط الأميركي يواصل الارتفاع، وما دامت السعودية تكفلت بتغطية ما خسرته الأسواق من صادرات النفط الإيرانية.

صحيح أن النزاع التجاري بين عملاقي التجارة والاقتصاد (أميركا والصين) يخفض الطلب العالمي على النفط وربما يدفعه إلى أقل من مستوى 100 مليون برميل يومياً حالياً، ولكن التوتر العسكري وما يترتب عليه من تداعيات يمكن أن يفرز مفاجآت تعرقل انسياب الإمدادات النفطية من المنطقة الخليجية للأسواق العالمية.

في هذا الصدد، يحذر خبراء في الطاقة، الإدارة الأميركية، من المفاجآت الجيوسياسية وتداعيات التوتر السالبة التي ربما ستقود إلى قفزة كبرى وغير متوقعة في سعر النفط. 

وتحذّر الخبيرة الأميركية في شؤون الطاقة، عضو "مجلس العلاقات الخارجيةـ سي أف آر"، آمي ماير جافي، الإدارة الأميركية، من الاستخدام المكثف لآليات الحظر النفطي، كما تحذّر من مخاطر وقوع مفاجآت تحدث ضربة كبرى للإمدادات العالمية من النفط وترفع الأسعار بمستويات كبيرة، تكون لها تداعيات خطيرة على النمو العالمي.

وتقول جافي، في تعليقات على موقع مجلس العلاقات الخارجية: "لا شك أن زيادة إنتاج النفط الأميركي تدعم سياسة الحظر النفطي على طهران، ولكن يساورني القلق من الركون أكثر للنفط الأميركي وتناسي المفاجآت"، مشيرة إلى احتمال حدوث اضطرابات جيوسياسية أو أعاصير مدمرة أو أعطال في حقول نفط رئيسية تخلق انقطاعاً في الإمدادات، تكون نتيجتها ارتفاع أسعار النفط بمعدلات كبيرة ومضرة بالاقتصاد العالمي.

من بين المفاجآت التي رفعت أسعار النفط، أمس الإثنين، تعرّض ناقلات نفط لهجمات، إذ قالت السعودية، أمس، إن ناقلتي نفط سعوديتين كانتا من بين سفن استهدفتها "أعمال تخريبية" قبالة ساحل دولة الإمارات، ونددت بتلك الهجمات، بوصفها محاولة لتقويض أمن إمدادات النفط العالمية.
وقال رئيس التحليلات لدى "إنترفاكس إنرجي" في لندن، أبهيشك كومار، إن تصاعد التوترات الجيوسياسية في المنطقة، إلى جانب الانخفاض الحاد في إمدادات النفط من فنزويلا وإيران، سيظلان يدفعان الأسعار إلى الصعود".

وبلغت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 71 دولاراً للبرميل، مرتفعة 38 سنتاً أو 0.5%، مقارنة مع سعر الإغلاق السابق. كما بلغت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 61.73 دولارا للبرميل، مرتفعة سبعة سنتات أو 0.1%، مقارنة مع سعر التسوية السابقة.

ويرى خبراء في نشرة "أويل برايس"، أن الحروب بالوكالة في منطقة الشرق الأوسط، يمكن أن تكون لها تداعيات خطيرة ومدمرة على أسواق الطاقة العالمية، لأن أي اضطراب من خارج المنطقة يمكن تعويضه بسهولة.

وما بعد الحظر على صادرات النفط الإيراني، فإن أي اضطرابات في إمدادات النفط الخليجية سيكون من الصعب تعويضها بواسطة النفط الصخري أو زيادة الإنتاج من دول "أوبك"، ذلك ببساطة لأنه لا توجد طاقة فائضة تذكر لدى هذه الدول.

وتقدر وكالة الطاقة الدولية، في تقرير لها صدر قبل شهرين، حجم الطاقة الفائضة المتوفرة لدى الدول الأعضاء بمنظمة "أوبك" بحوالي 3.3 ملايين برميل يومياً، من بينها 2.2 مليون برميل في السعودية.

وبالتالي لا يستبعد خبراء في تحليل نشرته "أويل برايس" اليوم الاثنين، أن ترتفع أسعار النفط فوق 80 دولاراً، في حال حدوث أي اضطراب في إمدادات النفط من المنطقة. 

وحتى الآن، تمكنت الإدارة الأميركية من الإمساك بخيوط تأمين إمدادات الطاقة للأسواق العالمية، وهي في وضع أفضل مما كانت عليه أثناء حربي الخليج الأولى والثانية، لأنها تدخل هذه المعركة وهي دولة نفطية كبرى يفوق إنتاجها 12 مليون برميل يومياً.

وتمكنت العديد من الدول المستوردة للنفط الإيراني من إيجاد بدائل، إذ قال رئيس شركة "جيه.اكس.تي.جي هولدنغز"، عملاق النفط والمعادن في اليابان، إنها أمّنت إمدادات نفط من دول أخرى مثل السعودية، لتحل محل شحنات النفط الإيراني التي تضاءلت بسبب العقوبات الأميركية.

ولدى سؤاله عن تأثير انقطاع إمدادات النفط الإيراني، قال تسوتومو سوجيموري، رئيس "جيه.اكس.تي.جي هولدنغز": لا نستورد نفطاً إيرانياً منذ بداية مايو الجاري، لكن ليس هناك تأثير كبير، على حد تعبيره.


وترى حكومات أوروبية ضرورة عدم التضييق على إيران، وتطالب بترك نافذة تجارية مفتوحة، ومن بين هذه الدول ألمانيا وبريطانيا.

وتكتب صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، أن التضييق الاقتصادي والمالي الشديد على إيران، وسط حدة التوتر العسكري، ربما يقود إلى أخطاء قاتلة ليست في حساب أي من جانبي الصراع.
المساهمون