صراع على الطاقة: تركيا تتمسك بالتنقيب في "شرق المتوسط"... وأوروبا ومصر تحذران

06 مايو 2019
تركيا تسعى للتوسع في مشروعات الغاز(أدم ألتان/ فرانس برس)
+ الخط -

 


طفا الصراع مجدّداً على ثروات الطاقة في شرق البحر المتوسط، إذ أعلنت تركيا عن مواصلتها التنقيب عن النفط والغاز في مياهها الإقليمية، رغم الاعتراضات الأوروبية وتهديد مصر بالتدخل في حال إصرار أنقرة على موقفها.

وفي أحدث رد فعل تركي على تحذيرات الاتحاد الأوروبي ومصر واليونان، أكدت وزارة الدفاع التركية، أمس الأحد، عزمها حماية حقوق تركيا في بحر إيجه وشرق المتوسط.

وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إن بلاده مصممة على حماية حقوقها النابعة من القانون الدولي في شرق البحر المتوسط وبحر إيجه، والدفاع عن حقوق القبارصة الأتراك بصفتها دولة ضامنة وعدم السماح بفرض أمر واقع.

ودعا أكار في تصريحات لوكالة "الأناضول" أمس، الجانب اليوناني إلى التحلي بالحكمة والتعاون مع جارتها تركيا، لافتاً إلى أن مصادر الطاقة الموجودة في إيجه وشرق المتوسط، ينبغي أن تكون جسراً للسلام والحوار والاستخدام المشترك.

وشدد على أن رسم حدود الصلاحيات البحرية بين الدول المتشاطئة ينبغي أن يتم بالتوافق، مؤكدا أن تركيا لن تغض الطرف حيال محاولات اغتصاب الحقوق في المنطقة.

استهداف الاقتصاد التركي

من جانبه، لم يستبعد ياسين أقطاي، مستشار الرئيس أردوغان، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن يكون تحرك بعض الدول الآن متزامناً مع محاولات النيل من الاقتصاد التركي وزعزعة استقراره، قائلاً: "إنهم واهمون، لأن تركيا دولة من الصعب على أحد تحييدها أو ابتلاعها، أو حتى مد اليد على حقوقها، وفي الوقت نفسه، تحفظ حقوق الجميع وتحترم المواثيق والمعاهدات الدولية".

وحول تجدد التصريحات والخلافات التركية المصرية حول "غاز شرق المتوسط" يقول مستشار الرئيس التركي: "أنقرة ترفض الاتفاقية الثنائية التي وقعتها مصر وقبرص الرومية (اليونانية) عام 2013 بعد الانقلاب على الرئيس الشرعي محمد مرسي، لأن تلك الاتفاقية أغفلت حقوق بلادنا وقبرص الشمالية"، على حد تعبيره.

تحذير مصري

وفي المقابل، وجهت القاهرة تهديدا مباشرا لتركيا، بشأن خطط أنقرة البدء في أنشطة الحفر في منطقة بحرية تقع غرب قبرص، وفقا لبيان صادر، أول من أمس، عن وزارة الخارجية المصرية، قالت فيه إن مصر "تتابع باهتمام وقلق التطورات الجارية حول ما أُعلن بشأن نوايا تركيا البدء في أنشطة حفر في منطقة بحرية تقع غرب قبرص".


وحذرت القاهرة من "انعكاس أية إجراءات أحادية على الأمن والاستقرار في منطقة شرق المتوسط"، مؤكدة على "ضرورة التزام أي تصرفات لدول المنطقة بقواعد القانون الدولي وأحكامه"، وفقا للبيان.

وتشير تقديرات دولية إلى أن شرق البحر المتوسط يحتوي على ثالث أكبر تجمع للغاز في العالم، بعد الخليج وبحر قزوين.

ويعود الخلاف إلى عام 2013 بعد الانقلاب العسكري في مصر ورفض تركيا الاعتراف بإطاحة مرسي، إذ بادرت السلطات المصرية تحت سيطرة الجيش آنذاك إلى ترسيم الحدود البحرية مع قبرص واليونان بمنأى عن تركيا وقبرص الشمالية. كما قامت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014 بعقد قمة مع رؤساء حكومتي قبرص واليونان، والتوقيع على الاتفاقية الإطارية المتعلقة بترسيم الحدود البحرية بينهم من دون تركيا.

قلق الاتحاد الأوروبي

ودخل الاتحاد الأوروبي على خط الصراع، إذ أعربت مسؤولة العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني عن "قلق بالغ" لدى الكتلة إزاء اعتزام تركيا الحفر داخل منطقة اقتصادية خاصة قبرصية.

وقالت إن الاتحاد الأوروبي يدعو تركيا إلى القيام على نحو السرعة بضبط النفس، واحترام حقوق قبرص السيادية، والامتناع عن أي عمل غير قانوني قد يضطر الكتلة إلى "الرد بشكل ملائم في تضامن كامل" مع قبرص.

وقالت وزارة الخارجية القبرصية (اليونانية) إن مسعى تركيا للتنقيب عن الغاز الطبيعي في المياه التي تتمتع فيها قبرص بحقوق اقتصادية حصرية يشكل "انتهاكاً صارخاً" للسيادة بموجب القانون الدولي. وذكرت الوزارة في بيان، أول من أمس، أن قبرص العضو في الاتحاد الأوروبي تتخذ "كل ما يلزم من إجراءات" للتعامل مع هذا الوضع.


وسبق لوزارة الخارجية التركية أن أعربت عن رفضها تصريحات موغيريني حول أنشطة أنقرة للبحث عن النفط والغاز في شرقي البحر المتوسط، مبينة أن "أنشطة تركيا المتعلقة بالنفط والغاز في شرق المتوسط هي حق شرعي منبثق من القانون الدولي".

وشددت أنقرة على حماية حقوقها ومصالحها في جرفها القاري، ومعها الحقوق الأصيلة لجمهورية شمال قبرص التركية، باعتبارها تمتلك أطول شاطئ في منطقة شرق المتوسط، متهمة إدارة قبرص اليونانية بتعريض أمن واستقرار شرقي المتوسط للخطر، وتجاهل الحقوق الأصيلة في الموارد الطبيعية للقبارصة الأتراك الشركاء في ملكية الجزيرة.


استمرار التنقيب

ويقول المحلل الاقتصادي التركي يوسف كاتب أوغلو إن بلاده لاعب أساسي في التنقيب عن الغاز شرقي المتوسط، وبدأت عام 2019 في أنشطتها بهذا المجال عبر إرسال سفينتين تركيتين للمواقع المستهدفة.

وأضاف كاتب أوغلو: "تركيا لن تتنازل عن حقوقها الاقتصادية، ولا يمكن تطبيق أي اتفاق دون تركيا وقبرص الشمالية، ولن تسمح بتنفيذ أي اتفاق تم خارج مشاركتها.

وفي رده على سؤال لـ"العربي الجديد"، "لماذا لا تقبل تركيا باتفاق ترسيم الحدود الذي حدث عام 2013؟"، أجاب قائلاً: تلك الاتفاقية تمت بين مصر وقبرص الرومية، بعيدا عن حضور ومشاركة تركيا وقبرص الشمالية، كما أنها قفزت على حقوق تركيا بما يسمى "الجرف القاري التركي" عند خطوط الطول 32، 16، 18 درجة، رغم أن لتركيا سواحل مطلة على شرق المتوسط وهي صاحبة السيادة عليها وفق القانون الدولي والاتفاقات الموقعة بعد عام 1923، كما أن لدى أنقرة اتفاقات مع بريطانيا التي كانت تسيطر على قبرص عام 1953.

ويضيف كاتب أوغلو أن بلاده بعد إطلاق سفينة الفاتح محلية الصنع، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، للقيام بأول عملية تنقيب عن الغاز الطبيعي بالمياه الإقليمية التابعة لها ولقبرص الشمالية، أطلقت سفينة "ديبسي ميترو-1" للتنقيب في المياه العميقة، وأشار إلى أن حجم الاستثمارات النفطية في هذا المجال سيبلغ 10 مليارات دولار بحلول 2023، ويتوقع أن تصل إلى نحو 30 مليار دولار في العام 2033.

المساهمون