ألقى بياطرة مغاربة بحجر ثقيل في بركة مجازر اللحوم الحمراء الراكدة، بعدما قرروا الإضراب عن إجازة خروج اللحوم من العديد من تلك المجازر التي لا تستوفي الشروط اللازمة لذبح الأغنام والأبقار.
وقرر البياطرة التابعون للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، المعتمدون بالمجازر، تعليق المراقبة الصحية للحوم، التي يرون أنها لا تتوفر فيها الشروط الضرورية.
وذهبوا في القرار، الذي جاء استجابة لتوجيهات من المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية التابع لوزارة الفلاحة والصيد البحري، إلى أن ثمانية مجازر معتمدة فقط، هي التي تتوافر فيها الشروط الضرورية التي تسهل لهم أداء مهام، سواء على مستوى البنيات أو التجهيزات أو النظافة.
ويحوي المغرب حوالي 890 مجزرة للحوم الحمراء، من بين أكثر من 189 مجزرة بلدية وأربع مجازر خاصة، و715 من المذابح المنتشرة في الأرياف، خاصة في الأسواق الأسبوعية.
ودأب البياطرة على منح تراخيص للحوم المتأتية من المجازر غير المعتمدة، وهو تدبير يقوم به أولئك البياطرة بعد تلقيهم رسالة من مدير المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية.
غير أن قراراً اتخذ منذ شهر يناير/كانون الثاني 2016، بالسماح بتقييم اللحوم المتأتية فقط من المجازر المعتمدة، أو تلك المرخص لها مؤقتا من قبل المكتب، الذي يعود له الحرص على احترام المعايير التي تحمي صحة المستهلكين.
وكانت وزارتا الفلاحة والصيد البحري والداخلية، بعثا بمذكرة إلى السلطات المحلية، التي يعود لها توفير المجازر في مناطقها، بتأهيل تلك المتوفرة بما يوافق المعايير الصحية.
وعمد المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، في العامين الماضي والحالي، إلى زيارة العديد من المجازر من أجل تقييمها، حيث حدد آجالاً لتلك التي لا تحترم المعايير الواجبة، كي يتم تأهيلها، غير أنه تجلى أن الوضع ظل على ما هو عليه.
ويشير الطبيب البيطري بوعزة الخراطي، الذي يرأس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، إلى أن تعليق البياطرة نشاطهم، مبرر بسبب الوضعية الكارثية للعديد من المجازر.
ويشدد على أن التوقف عن وضع الأختام على اللحوم التي لا تتوافر فيها الشروط الصحية الضرورية، كان مطلبا نادت به جمعيات حماية المستهلك منذ سنوات، مؤكدا على أن حماية المستهلك تقتضي من ذلك التدبير.
وتوصل تقرير للمجلس الأعلى للحسابات إلى أن المجازر تعرف العديد من الخروقات الناجمة عن عدم احترام القوانين الجاري بها العمل سواء على مستوى النظافة أو المعايير الصحية أو الجوانب التدبيرية.
ويتضح عند استقراء ملاحظات قضاة المجلس الأعلى للحسابات، عدم احترام شروظ النظافة عند تنقل العاملين في المجازر والمهنيين، بين مختلف المصالح، حيث لاتتخذ التدابير التي يفرضها التعقيم، في الوقت نفسه، يتجل من مجازر غياب الربط بالماء الصالح للشرب والكهرباء والتطهير.
ويسجل القضاة التابعون للمجلس، الذين زاروا على مدى ثلاثة أعوام سبعين مجزرة، عدم توفر شاحنات نقل اللحوم على مبردات وغير خاضعة في بعض الأحيان للمراقبة الفنية والصحية، كما أن بعض المجازر لا توجد فيها غرف للتبريد، خاصة في الأرياف.
ويذهب المجلس إلى تلك الخروقات، تضر بجودة اللحوم الحمراء، وتشكل عائقا أساسيا أمام تحديث نشاط إنتاج وتوزيع اللحوم.
وقد نبه التقرير إلى أن السوق المغربية استقبلت في العام 2016 حوالي 550 ألف طن من اللحوم الحمراء المنتجة محلياً، من بينها 250 ألف طن لم تجر مراقبتها من قبل البياطرة.
ويتجلى من هذا أن 45 في المائة من اللحوم المنتجة، لم تخرج من المجازر المتعمدة أو المرخص لها مؤقتا، كما لم تخضع لأي مراقبة، ما يهدد صحة المستهلكين، غير أن الثابت أن جزءا مهما من اللحوم المستهلكة بالمغرب، تأتي عبر قنوات سرية، وهو ما يفسر بتعدد الرسوم المفروض بالمجازر المعتمدة، وعدم كفاية الخدمات المقدمة، حسب مصادر من الجزارين.
يحدث ذلك رغم المراهنة على تأهيل قطاع المجازر في اتفاقيتين تغطيان الفترة بين 2009 و2014 والفترة بين 2014 و2020، بين الدولة وفيدرالية المهنيين الفاعلين في قطاع اللحوم الحمراء، حيث نصت تلك الاتفاقيتين على تأهيل المجازر من قبل الجماعات المحلية، كي تستجيب للمعايير الواجبة.