صعوبات تواجه مسار العقوبات الأميركية على المعادن الإيرانية

13 مايو 2019
يوفر قطاع التعدين 200 ألف وظيفة بشكل مباشر(الأناضول)
+ الخط -


بعدما استهدفت مبيعات النفط الإيرانية، شددت الولايات المتحدة قيودها على اقتصاد طهران، عبر فرض عقوبات على صناعاتها المعدنية، لكن مصادر من هذا القطاع تشير إلى صعوبة تقييد العائدات الأجنبية التي يدرّها.

ويأتي التحرّك في ظل ارتفاع منسوب التوتر، بعد عام من انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، الذي أبرمته طهران مع دول كبرى في 2015. وتتجه قوّة بحرية أميركية إلى منطقة الخليج بينما تعهدت إيران بالتوقف عن تطبيق بعض أجزاء الاتفاق.

وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع الماضي، فرض عقوبات على أي جهة تعقد صفقات تجارية مع الجمهورية الإسلامية، مرتبطة بالحديد والصلب والألمنيوم والنحاس.

وجاء ذلك بعدما أعادت واشنطن في تشرين الثاني/ نوفمبر، فرض عقوبات استهدفت صادرات النفط الإيرانية، التي تعدّ مصدر تمويل رئيسياً بالنسبة للجمهورية الإسلامية.

وقد يكون استهداف قطاع الصلب والتعدين (ثاني أكبر مصدر للعائدات الأجنبية في إيران) أصعب. وخلافاً للنفط، تعدّ تجارة المعادن في إيران غير مركزية نسبياً، إذ تتم بمعظمها بين شركات أجنبية صغيرة ومتوسطة ودول مجاورة، ما يحدّ من قابليتها للتأثّر بالعقوبات، بحسب الخبراء.

وقال المحلل المتخصص في هذا المجال مجتبى فريدوني: "لا يمكن للولايات المتحدة وقف الصادرات بالكامل. لا مشكلة لدى بعض الدول والشركات غير المرتبطة بالولايات المتحدة بالتعامل مع إيران".

وأشار إلى أن "أسواق التصدير الرئيسية بالنسبة إلينا هم جيراننا - العراق وأفغانستان، ومؤخراً سورية وعُمان".

وأوضح أن شركات المعادن لم تتأثر نسبياً بالسلسلة الأولى من العقوبات، التي أعيد فرضها العام الماضي.

وقال: "في أغسطس/ آب، منع صانعو الصلب من استيراد الموادّ الخام الضرورية لأي تجارة في منتجات الصلب، لكن الصادرات ارتفعت" خلال العام.

وتظهر بيانات رسمية أن صادرات إيران من المعادن، ازدادت بنحو 20 بالمئة من سنة لسنة، فبلغت 6.2 مليارات دولار في الأشهر الـ12 حتى آذار/ مارس، بينما شكّل الصلب أكثر من ثلثي هذا الرقم.

وكان من المتوقع أن تبلغ عائدات إيران 30 مليار دولار من صادرات النفط الخام خلال العام المالي الحالي (آذار/ مارس 2018 - آذار/ مارس 2019)، وفق مشروع قانون الموازنة الذي أقرّة مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) مطلع آذار/ مارس، وكان هذا الرقم أقل بشكل طفيف مقارنة العام الماضي.

عوامل تحمي القطاع

ذكر المسؤول في القطاع أمير صبّاغ، أن شركات المعادن ستواجه تكاليف إضافية، إلا أنه سيكون "من الممكن التعامل معها"، في وقت أصبحت الصادرات مربحة أكثر مع تراجع قيمة العملة المحلية.

وخسر الريال الإيراني أكثر من 57 بالمئة من قيمته مقابل الدولار، في السوق السوداء العام الماضي.

وكتب صبّاغ المسؤول في شركة تعدين حكومية في موقع "تلغرام"، أنه "قد يكون التأثير الأساسي للعقوبات ارتفاع تكاليف الشحن البحري وتراجع قدرة المصدّرين على المساومة".
وقد يتضرر القطاع كذلك من جرّاء العقوبات، التي أعادت واشنطن فرضها في تشرين الثاني/نوفمبر، لعزل إيران عن النظام المالي العالمي.

وحذّر الخبير المتخصص بملف العقوبات الإيرانية لدى مجموعة "يوراسيا" للاستشارات، هنري روم، من أن ذلك قد يؤثر سلباً على المستوردين الذين يشترون معظم موادّهم الخام من دول خارج المنطقة، على غرار الصين وكوريا الجنوبية وكازاخستان وروسيا.

وقال إن "العقوبات المالية الأميركية ستخنق بعض هذه العلاقات على الأقل".

بدوره، أشار الخبير الاقتصادي في طهران إحسان سلطاني، إلى أن عائدات النقد الأجنبي من صادرات التعدين، وتحديداً تلك من الصلب، نادراً ما تصل إلى المنظومة المالية الإيرانية، وهو ما قد يخفف من تأثير العقوبات على صادرات التعدين. وبدلاً من ذلك، تبقى العائدات خارج البلاد لتستخدم في دفع تكاليف الموادّ المستوردة. 

وأكد مستشار وزير الاقتصاد حسين مير شجاعيان لوكالة الأنباء الطلابية شبه الرسمية (ايسنا)، أن ثلث صادرات إيران غير النفطية التي بلغت قيمتها 40 مليار دولار عادت إلى البلاد العام الماضي.

وأوضح سلطاني لوكالة "فرانس برس"، أن مصنّعي الصلب يقولون إنهم يبقون هذه الأموال خارج البلاد، ليتمكنوا من استخدامها لاستيراد الموادّ الخام، ويشيرون إلى أنه لا يمكنهم إعادتها إلى إيران في جميع الأحوال، نظراً للعقوبات المصرفية المفروضة.

وظائف في خطر

رغم هذه العوامل، يحذّر روم من أن أي إغلاق محتمل للمصانع المرتبطة بهذا القطاع سيفاقم الضغط على الحكومة.

ويوفر قطاع التعدين 200 ألف وظيفة بشكل مباشر، وآلاف الوظائف الأخرى بشكل غير مباشر، بحسب سلطاني. لكن فريدوني يرى أن احتفاظ الحكومة بحصص كبيرة في معظم الشركات الرئيسية بمقدوره أن يحمي الصناعة، بينما يمكن للشركات الأصغر المعنية بالمراحل النهائية للدورة الصناعية أن تفلت من الرادار الأميركي.

وقال إن "الشركات الكبرى لا تزال شبه حكومية، ولذا لا يمكنها إقالة موظفين مهما كانت الظروف".

وأضاف أنه في نهاية المطاف، فإن العقوبات "ليست جديدة" على صناعة التعدين في إيران. وأكّد: "لطالما تعرضنا لعقوبات. أحياناً أشد وأحيان أخرى أقلّ شدة". 

(فرانس برس)
المساهمون