تصاعد معركة استرداد الأموال المنهوبة في تونس

29 ابريل 2016
الرأي العام التونسي منقسم حول المصالحة مع النظام السابق(الأناضول)
+ الخط -
تفاقمت حدة الخلافات الحزبية داخل تونس، مؤخراً، عقب إطلاق مشروع المصالحة الاقتصادية واسترداد أموال الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي ورموز نظامه الذي أطاحته الثورة منذ 5 سنوات، حيث شنت الجبهة الشعبية (اليسار العمالي) انتقادات حادة لخطة المصالحة، في الوقت الذي تؤيد فيه حركة النهضة الخطوة، بهدف إنقاذ اقتصاد البلاد.
ويأتي موقف الجبهة الشعبية رداً على مبادرة المصالحة التي أعلن عنها رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، إثر مقابلته الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، في وقت سابق.
وقال رئيس كتلة الجبهة الشعبية في البرلمان، أحمد الصديق، لـ"العربي الجديد"، إن مبادرة المصالحة التي أعلن عنها رئيس حركة النهضة بطي صفحة الماضي لن تتم إلا بتفعيل العدالة الانتقالية، عبر تأسيس هيئة بعيدة عن المحاصصة الحزبية، معتبرا أن المصالحة بهذه الصورة لا تستقيم في دولة تحترم نفسها.
وأشار الصديق إلى شبهة صفقة في ملف المصالحة، موضحاً أن الجبهة الشعبية ستتصدى بكل الوسائل المدنية والسياسية لهذه الخطة، حيث لا يمكن التغاضي عن التركة الثقيلة للنظام السابق والتجاوزات التي ترتقي إلى مرتبة الجرائم.
ويتأهب البرلمان، الأيام المقبلة، إلى إعادة مناقشة مشروع المصالحة الاقتصادية الذي تقدمت به مؤسسة رئاسة الجمهورية في وقت سابق، وسط توقعات بتمرير القانون بمباركة من حركتي النهضة ونداء تونس.
وتسعى الأغلبية الحزبية في البرلمان (النهضة والنداء) إلى الدفع نحو إجراء مصالحة وطنية شاملة لتحسين مناخ الأعمال في البلاد، وتشجيع رجال الأعمال الممنوعين من السفر ومن عليهم قضايا من النظام السابق، إلى ضخ أموالهم في الاقتصاد مقابل تسوية أوضاعهم.
وتواجه مبادرة حركة النهضة، انتقادات عديدة من أحزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدني عبرت عن رفضها للمصالحة أو ما أسمته بسياسة "عفى الله عما سلف"، معتبرين أن تمرير هذا القانون سيفتح الباب على مصراعيه للفساد ولمزيد من ثراء "الفاسدين" بغطاء قانوني ومباركة حكومية.



في المقابل، يشدّد مراقبون للشأن الاقتصادي على أهمية هذه الخطوة في حلحلة الوضع المتأزم وخلق مناخ من الثقة في الاستثمارات المحلية، إلى جانب طمأنة المستثمرين الأجانب.
ويحتاج الاقتصاد التونسي إلى تمويلات في حدود 1.5 مليار دولار هذا العام لتغطية عجز الموازنة، فيما تواجه خزينة الدولة صعوبات في تحصيل الجباية لمواجهة نفقات الرواتب والاستثمارات العمومية، ما دفعها إلى التحرك للحصول على قروض من المؤسسات المالية الدولية.
ويعتبر الرئيس الشرفي لهيئة الخبراء المحاسبين، عياض اللومي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن المصالحة المالية والاقتصادية ضرورية، غير أن آليات إجراء هذه التسوية تتطلب الفصل بين الملفات والأشخاص المعنيين بالمصالحة، حسب قوله.

ويعتقد اللومي، أن رجال الأعمال سيتضررون من طي صفحة الماضي مع النظام السابق، قائلاً إن "المصالحة ستضعف ثقتهم في الحكومة، ولا سيما بالنسبة للاستثمار الداخلي، ما قد يؤدي إلى تعطيل عجلة الاقتصاد".
ويحتاج الاقتصاد التونسي، وفق اللومي، إلى ثورة تشريعية لقوانين الأعمال والجباية والصرف والجمارك قبل إجراء مصالحة مع رجال الأعمال التي يمكن أن تأتي في مرحلة ثانية.
ويرى الخبير الاقتصادي معز الجودي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن مشروع المصالحة شرط أساسي لإنعاش الاستثمار في تونس، إذ سيساهم في ضخ أموال لخزينة الدولة، مشيرا إلى أن هذا القانون سيمكن تونس، بحسب الدراسات، من استعادة فورية لمبلغ 500 مليون دينار، أي نحو 250 مليون دولار، ما سيتيح تحسين مناخ الأعمال المتدهور حالياً.
وكان الجودي قال، في تصريحات سابقة، إن ما يتم ترويجه بأن المشروع هو "عملية تطبيع"، على حد تعبيره، غير صحيح ومحاولة للالتفاف على الرأي العام، لافتا إلى أن مشروع قانون المصالحة قابل للتحسن إذا ما تم الاتفاق عليه مبدئياً.
وتتداول وسائل إعلام محلية هذه الأيام تصريحات لصهر الرئيس المخلوع، صخر الماطري، عبر فيها عن موقفه من مبادرة المصالحة الوطنية التي اقترحها رئيس حركة النهضة.
وقال الماطري، إنه سيفكر في العودة إلى تونس إن توفرت ظروف العودة، "على أن تكون الأمور جاهزة وملائمة بمناخ عام ملائم أيضا، فمن لا يريد العودة إلى بلاده؟" على حد تعبيره.
وأضاف الماطري، أنه يرحب بمبادرة العفو الوطني العام أو المصالحة الوطنية الشاملة التي طرحتها حركة النهضة، قائلا "اتهمونا بنهب الأموال وقاموا بمصادرة أموالنا بدون القيام بأي إجراءات تذكر، لم يبادروا للاستعانة بمركز تدقيق دولي جاد".
وأضاف "قد أكون أخطأت حين اقتنيت أرضا بسعر رمزي أو تحصلت على امتياز، لكني لم أنهب، وهناك فرق كبير بين من ينهب ومن يستفيد من موقع".

المساهمون