تصاعدت في المغرب دعوات للتخفف من توصيات صندوق النقد الدولي، في ظل تداعيات أزمة كورونا، التي تفرض على الدولة التدخل أكثر من أجل الإنفاق على القطاعات الاجتماعية المتضررة.
وقال أحمد الحليمي، المندوب السامي في التخطيط، إنه بسبب الجفاف الناجم عن انحباس الأمطار وفيروس كورونا، سيعرف المغرب أسوأ عام له منذ 1999، الذي شهدت فيه المملكة نمواً سالباً (انكماشاً)، غير أنه أكد في تصريحات صحافية أن المهم ليس النمو، بل آثار الركود العالمي، وكيفية تدبير الأمور، عبر التفكير في كيفية دعم الطلب والاستهلاك واستهداف الفئات الأكثر هشاشة.
وأضاف الحليمي: "أتحدى صندوق النقد الدولي وأطلب من مسؤوليه أن يقولوا لي إن وصفاتهم وبرامجهم، التي لم يكفوا عن توصية البلدان السائرة في طريق التنمية بها، ما زالت صالحة اليوم".
هذا التحدي جاء من المندوب السامي في التخطيط، الذي يُشرف على أهم مؤسسة للتوقعات في المملكة، والذي لم يكف في الأعوام الأخيرة عن انتفاد سياسات صندوق النقد الدولي.
وقال الحليمي: "عقب التداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا، الجميع منشغل بالأوضاع في الولايات المتحدة وأوروبا، لكن لا أحد في العالم يفكر في البلدان السائرة في طريق النمو (النامية)، فإذا لم نفكر لنا، لا أحد سيفكر بدلاً منا، ويجب أن نتولى أمورنا بأنفسنا".
وتابع "عندما يقول صندوق النقد الدولي إنه يجب تحرير صرف الدرهم من أجل مواجهة الأزمات الخارجية وتداعياتها على مالية المغرب، نسأله هل معدل الصرف هو الذي يمكن أن يحمينا من الأزمة التي نعيشها حاليا؟ لكن لا تتوفر لديه الإجابات".
ووفق محمد الشيكر، الخبير الاقتصادي المغربي، فإن "صندوق النقد، فشل في السياسات التي يدعو إليها والتي لا يعيد فيها النظر، ضاربا مثلا بطريقة معالجته الأزمة اليونانية، وكيفية تعاطيه مع الصعوبات التي تواجهها الأرجنتين".
وقال الشيكر لـ"العربي الجديد" إنه في حالة المغرب شرع منذ نهاية برنامج التقويم الهيكلي في 1993، في الاسترشاد بتوصيات صندوق النقد الدولي وتحرير الاقتصاد، ما جعل المملكة تفتقر إلى استراتيجية شاملة في سياستها الاقتصادية.
بدوره، قال محمد الرهج، الخبير في المالية العمومية، إنه يتوجب على الدولة أن تعود إلى ممارسة وظائفها الرئيسية، من قبيل التعليم والصحة، بالإضافة إلى المهام الأخرى المتمثلة في الدفاع والأمن والصحة.
وأثارت حالة الشلل الاقتصادي التي تسبب بها فيروس كورونا مخاوف متزايدة لدى كثير من الأسر، لا سيما التي يعولها أشخاص من ذوي المهن في المشروعات الصغيرة والمتوسطة والطبقات محدودة الدخل .
ويعاني العديد من الأجراء (العمال) من عدم التمتع بمظلة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بحيث يفتقرون إلى التغطية الصحية. ولا يحظى أكثر من 59 في المائة من القوى العاملة في المملكة بعقود عمل نظامية، حسب المندوبية السامية للتخطيط، التي توضح أن 9.79 في المائة من هؤلاء العاملين موجودون في المناطق الريفية، مقابل 1.52 في المائة في المدن. وترتفع نسبة الذين لا يرتبطون بعقود عمل إلى 8.48 في المائة بين النساء و1.62 في المائة بين الرجال.