قال مصدر مصرفي مسؤول إن البنك المركزي التونسي يخطط لسحب الأوراق النقدية من فئة الخمسين ديناراً على مراحل، في إطار خطة لاستيعاب السوق السوداء وإعادة الأموال المتداولة خارج الجهاز المصرفي إلى البنوك.
وأكد المصدر لـ"العربي الجديد" أن المركزي أعطى تعليمات للبنوك بسحب أكبر قدر ممكن من هذا الصنف من الأوراق النقدية، مع مراعاة توفر السيولة الكافية للعمليات المالية بالمصارف، في انتظار استصدار قرار بالسحب النهائي للأوراق النقدية من فئة الخمسين ديناراً.
وأضاف المسؤول المصرفي أن البنك المركزي بصدد ضخ أوراق نقدية جديدة من فئة العشرين ديناراً، لتوفير السيولة الكافية للمصارف، وتسهيل عملية سحب الأوراق من فئة الخمسين ديناراً.
ولم يوجه البنك المركزي التونسي أي تعميم رسمي للمصارف بشأن سحب الورقة النقدية، مكتفياً بتوصيات للمصارف بالانخراط في هذه الخطة.
وتعد الأوراق النقدية من فئة الخمسين ديناراً أكبر ورقة نقدية متداولة في العملة التونسية، وهي أيضا الأكثر تداولاً في سوق الصرف الموازية، ويتم استعمالها بكثافة من قبل المهربين وفي المعاملات المالية "الكاش" لأنشطة السوق السوداء.
ويسعى البنك المركزي، في إطار خطة لمحاصرة الكتلة النقدية خارج المصارف، إلى جلب الأموال المتداولة في السوق السوداء إلى الاقتصاد المنظم. وقدّر محافظ المركزي التونسي مروان العباسي، في إبريل/نسيان الماضي، حجم الأموال المتداولة في السوق الموازية بنحو 4 مليارات دينار، ما يعادل نحو 1.33 مليار دولار.
في وقت سابق، طالبت أحزاب سياسية (آفاق تونس) وخبراء اقتصاد، بتغيير العملة وسحب الأوراق المالية المتداولة، لإجبار المهربين على إيداع الأموال التي يكنزونها في المصارف. غير أن المركزي لم يستجب لهذا الطلب، بسبب الكلفة العالية لتغيير الأوراق النقدية، مفضلاً التدرج في سحب "عملة المهربين" من فئة الخمسين ديناراً.
ورأى الخبير الاقتصادي محمد منصف الشريف أن التدرج في سحب الأوراق النقدية الكبيرة سيساهم في خفض قيمة التعامل بها في السوق السوداء، وسيدفع المهربين نحو ضخها في الاقتصاد المنظم بطريقة ما، لتجنب الخسائر في حال سحبها نهائيا.
وقال الشريف، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن مشروع قانون العفو عن جرائم الصرف المودع لدى البرلمان كان بإمكانه تسهيل مهمة السلطات المالية في جلب أموال السوق السوداء إلى الاقتصاد المنظم من دون الوقوع في مخاطر شح السيولة الذي قد يزيد لجوء القطاع البنكي إلى إعادة التمويل من البنك المركزي.
ووصف الخبير الاقتصادي خطة المركزي بالسحب التدريجي والسلس للأوراق النقدية من فئة الخمسين دينارا بالصائب، معتبرا أن نجاح الخطة يتوقف على مدى انخراط المصارف فيها وقدرتها على تغطية الطلب وتوفير السيولة الكافية للعملاء.
ولا يزال احتواء السوق السوداء لصرف العملات الأجنبية متعثراً في تونس، رغم الجهود التي تبذلها الحكومة والبنك المركزي من أجل الحد من نشاط هذه السوق، التي أضحت تستحوذ على نسبة كبيرة من التعاملات، وفق البيانات الرسمية.