حصار المحتكرين... الاقتصاد الموازي أبرز تحديات محليات تونس

11 مايو 2018
دور مهم للمحليات في تحسين الأوضاع الاقتصادية(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
تحديات اقتصادية عديدة في انتظار مجالس الحكم المحلي الجديدة وأبرزها تفاقم السوق الموازي الذي ألحق أضراراً كبيرة بمختلف القطاعات. وتستعد تونس عقب انتخابات البلديات التي شهدتها البلاد في السادس من مايو/ أيار الجاري لتطبيق مقتضيات الحكم المحلي الجديدة التي أقرها القانون الأساسي الخاص بمجلة الجماعات المحلية (قانون تنظيم البلديات).

ويتوقع خبراء اقتصاد أن يساهم تنصيب مجالس بلدية جديدة عقب الانتخابات المحلية في الحد من جماح الاقتصاد الموازي والتقليص من تداول العملة خارج المسالك المنظمة، مطالبين بأن تتصدر المسألة الاقتصادية مهام المجالس الحكم المحلي.

وفي هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي رضا شكندالي لـ"العربي الجديد" إن ضعف الحكم المركزي في السنوات الماضية تسبب في انفلات كبير على مستوى الجهات، ما أدى إلى ارتفاع النشاط الاقتصادي الموازي بشكل لافت، مؤكدا أن النشاط الموازي يجد في تفكك أجهزة الدولة مركزيا ومحليا مناخا ملائما للتوسع.
واعتبر شكندالي أن مجالس الحكم المحلي مطالبة بمحاصرة المحتكرين ومسالك التجارة غير المنظمة، لافتاً إلى الخطة الحكومية الهادفة إلى النزول بنسبة الاقتصاد الموازي أكثر من 50 % من الناتج المحلي حاليا إلى 20 % سنة 2020 لا يمكن أن تتحقق دون مجهود مضاعف من المجالس البلدية (المحلية) التي تملك الأدوات القانونية لتعقب المخالفين.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن الطلب على العملة الصعبة من قبل المهربين وتجار السوق الموازية يفاقم في الانزلاق السريع والمتواصل للدينار التونسي، مشددا على ضرورة ضبط خطة موحدة لمقاومة الاقتصاد الموازي في المحافظات الداخلية ولا سيما منها المحافظات الحدودية التي تتفشى فيها كل أنشطة التجارة غير القانونية.

وتجاوز سعر صرف اليورو، أول أمس، حاجز الثلاثة دنانير في البنوك وذلك للمرة الثانية منذ بداية العام الحالي، حيث تجاوز الرقم السابق، ليبلغ 3.015 دنانير، فيما ارتفع سعر صرف الدولار كذلك عن مستوياته السابقة هذا الأسبوع ليبلغ 2.52 دينار. وجاء تسجيل هذا التراجع بعد إعلان النتائج الأولية للانتخابات البلدية، التي اكتسحت خلالها حركة النهضة 297 دائرة من أصل 350 دائرة بلدية.

وقال متعاملون وتجار للعملة الصعبة في السوق السوداء إن سعر صرف الدينار في السوق السوداء لا يتأثر بنتائج الانتخابات بقدر ما يتعلق بارتفاع الطلب لتأمين عمليات تجارية، مؤكدين أن الفترة التي تسبق شهر رمضان ومواسم الأعياد تتميز بحركية تجارية كبيرة في السوق الموازية ما يفسر الإقبال على العملات الأجنبية لتوريد سلع تسوق خارج المسالك المنظمة.

وتشير التقديرات إلى أن السوق السوداء تستحوذ على أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي لتونس، وهي تستنزف أكثر من 600 مليون دولار سنويا من خزينة الدولة، ما يعتبر أحد أهم العراقيل التي تعيق النمو الاقتصادي.

ويشكل إدماج القطاع الموازي في الدورة الاقتصادية الرسمية أحد أبرز مطالب النقابات في البلاد، وفي مقدمتها الاتحاد التونسي للتجارة والصناعة والصناعات التقليدية، من أجل وضع قدم للخروج من نفق الأزمة المزمنة.

بدوره أفاد الخبير المالي وجدي بالرجب، بأن مجالس الحكم المحلي ستكون في مواجهة مطالب اقتصادية متعددة غير أن مجلة الجماعات المحلية التي صادق عليها البرلمان مؤخراً مكنتها من الآليات التي تسمح لها باتخاذ قرارات لتوفير موارد مالية خاصة بها دون الموارد التي ترصدها لها الدولة.


وأكد بالرجب أنه يمكن لمجالس الحكم المحلي الاستفادة من تجارب مقارنة لدولة نجحت في هذه التجربة على غرار بلدية إسطنبول في تركيا والتي تمكنت من احتواء التجارة الموازية والاستفادة من منها عبر تقنين وهيكلة نشاط التجار المتنقلين الذي تمكنوا من الحصول على هويات تجارية تسمح بمتابعتهم والاستفادة من إيرادات الجباية التي يدفعونها للمجلس البلدي.

وأضاف الخبير المالي أن مجالس الحكم المحلي هي النواة الأولى للتنمية الاقتصادية في كل جهة، لافتا إلى أنها مطالبة بضبط مخططات تنمية نابعة من خصوصية كل جهة.
وتخصص تونس حالياً 4 % من موازنة البلاد المقدرة بـ15 مليار دولار للعمل البلدي وسط مطالب برفع هذه النسبة إلى 15 % في السنوات الخمس القادمة.

وتعاني تونس من مشكلات اقتصادية مختلفة ارتفعت حدتها خلال العام الماضي، وتتمثل في ارتفاع عجز التجارة الخارجية بنسبة 23 %، وهبوط أسعار صرف الدينار مقابل الدولار واليورو بنسبة وصلت إلى حوالي 20 % وارتفاع تاريخي لنسب التضخم التي واصلت تصاعدها لتصل إلى حدود 7.7 %، خلال شهر أبريل/ نيسان 2018، مقابل 7.6 % في شهر مارس/ آذار الماضي و6.9 % في يناير/ كانون الثاني الماضي، حسب بيانات حديثة نشرها المعهد الوطني للإحصاء الحكومي.
المساهمون