تونس تترقّب إحياء استثمارات خليجية تفوق 35 مليار دولار

14 مايو 2015
ملف التشغيل أبرز التحديات أمام الحكومة (فرانس برس)
+ الخط -
بعد أكثر من أربعة أعوام، شهدت فيها تونس جموداً في الاستثمارات الأجنبية والخليجية بشكل خاص، تأمل الحكومة حالياً في إحياء استثمارات الخليج واستئناف المشاريع المعطلة التي تتجاوز قيمتها 35 مليار دولار، لإنعاش الاقتصاد العليل وتقليص معدلات البطالة التي كانت أحد أهم دوافع الثورة، التي أطاحت نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في ديسمبر/كانون الأول 2010.
وكانت الحكومة التونسية قد تعاقدت خلال السنوات الأخيرة مع مستثمرين أجانب لإنجاز عدد من المشاريع الكبرى على غرار المرفأ المالي لبيت التمويل الخليجي باستثمارات تقدر بنحو 5 مليارات دولار، وكذلك مشروع مدينة تونس الرياضية الذي تنجزه مجموعة "بوخاطر الإماراتية" بضفاف البحيرة لمدينة تونس باستثمارات 5 مليارات دولار، والذي شهد تنفيذ المراحل الأولى منه، ومشروع سما دبي، الذي تعطل تنفيذه، فيما تقدر استثماراته بـ 25 مليار دولار.
وتعول تونس على ما أسمته بمشاريع القرن، لتحسين واجهتها الاستثمارية وامتصاص بطالة تصل إلى نحو 800 ألف شخص، عبر إقناع المجموعات الاقتصادية العربية الكبرى باستئناف نشاطها المعطل منذ سنوات.
وشهد الاستثمار الأجنبي خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري 2015 زيادة ملحوظة، حيث كشفت بيانات حكومية ارتفاعه بنسبة 24% على أساس سنوي.

وبحسب وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي (مؤسسة عمومية تعنى بدعم الاستثمار)، فإن حجم الاستثمارات الأجنبية بلغ 396 مليون دينار تونسي (206 ملايين دولار) خلال الربع الأول من العام الحالي، مسجلاً أعلى مستوياته خلال ربع عام منذ 4 أعوام.
وقال حاتم السوسي، المسؤول في وكالة النهوض بالاستثمار، في تصريح لمراسل "العربي الجديد"، إن عودة تدفق الاستثمارات مرتبط برسائل الطمأنة التي تلقاها المستثمرون الأجانب، الذين عادوا لضخ استثمارات جديدة أو إحياء المشاريع التي تم التصريح بها في الماضية السنوات.
وأشار السوسي إلى أن استقرار الوضع السياسي عامل مهم جداً في عودة تدفق الاستثمارات، لافتاً إلى أن التحسن التدريجي للوضع الأمني سيحفّر المستثمرين أكثر إلى العودة إلى تونس.
وقال أنيس غديرة كاتب الدولة للإسكان (وزير الإسكان)، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن المفاوضات تتقدم مع المستثمرين من أجل إقناعهم بالعودة سريعاً إلى تونس، مؤكداً أن الحكومة تنوي إيجاد حل للمشاريع المعطلة.
وأوضح غديرة أن المستثمرين طالبوا بإعادة النظر في الاتفاقيات التي أبرموها ما قبل سقوط نظام بن علي، نظرا للمعطيات الاقتصادية والاجتماعية الجديدة في تونس، وهو ما وصفه بالأمر الطبيعي نظرا لتغير العديد من المعطيات وفق تعبيره.
وأكد أن قدوم استثمارات ضخمة إلى تونس سيساعد على جذب شركات الاستثمار في أفريقيا وأوروبا وسيساهم في جعل تونس مركزا للتكنولوجيا والمال والأعمال في المنطقة.
وبحسب وزير التنمية والتعاون الدولي، ياسين إبراهيم، فإن تعطل بعض المشاريع سابقا كان نتيجة الضبابية التي تحيط بمناخ الأعمال إلى جانب عدم وضوح الرؤية بالنسبة إلى بعض المستثمرين، وصعوبة الإجراءات الإدارية.

اقرأ أيضا: ضغوط دولية بإجراء إصلاحات اقتصادية.. تونس بين نارين

وتوقع إبراهيم، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن يشهد مناخ الأعمال في تونس انفراجا بعد مصادقة البرلمان على قوانين الاستثمارات التي ستمنح للمستثمرين الأجانب العديد من الحوافز التي تقدمها الدول المنافسة.
وقال إن تعقّد الإجراءات الإدارية وغياب الشفافية في مناخ الأعمال واحتقان الوضع الإجتماعي ساهما بشكل كبير في تعطل المشاريع المقررة في تونس وتراجع نوايا الاستثمار، معرباً عن ثقته في عودة الاستثمارات إلى نسقها الطبيعي تدريجياً بعد النتائج الإيجابية التي تحققت في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي.
وتوقع أن تسفر المفاوضات مع المجموعات الاقتصادية الخليجية الكبرى عن نتائج إيجابية تتوج باستئناف المشاريع المعطلة خاصة وأن بيت التمويل الخليجي أبدى جديته في مشروع مرفأ تونس المالي، الذي ستبلغ كلفة إنجاز بنيته التحتية فقط 400 مليون دينار (210 ملايين دولار) تقريباً.
وعلى الرغم من ارتدادات الثورة على النشاط الاقتصادي عامة، فإن وزارة الاستثمار والتعاون الدولي تؤكد أن الاقتصاد التونسي سيتعافى من الركود الذي لازمه لأكثر من 4 أعوام وسيكون قادراً على المنافسة دولياً.
وتعتزم تونس عقد مؤتمر اقتصادي في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، بهدف جذب استثمارات أجنبية بقيمة 10 مليارات دولار، كما تسعى إلى تحقيق نمو في حدود 3% العام الجاري، مقابل 2.5% خلال 2014، فيما تثير المشاريع الخليجية المعطلة جدلاً واسعاً حول مدى جديتها وانعكاسها على الاقتصاد التونسي.
وكان عدد من المستثمرين الخليجيين، أعلنوا في سبتمبر/أيلول 2014، اعتزامهم إقامة مدينة اقتصادية متكاملة شرق تونس، باستثمارات 50 مليار دولار، حيث يخطط أن يقام المشروع على عدة مراحل في منطقة النفيضة في محافظة سوسة، على مساحة 90 كيلومتراً مربعاً، وفق تصريحات للرئيس المؤسس للمشروع، رياض خليفة التوكابري آنذاك، مشيراً إلى أن أكثر من 50 شركة عالمية من أكثر من 30 دولة ستشارك في المشروع.
وسبق أن أكد الشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني، رئيس اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي، خلال المنتدى الاستثماري الخليجي التونسي في مايو/أيار 2014، أن إجمالي الاستثمارات الخليجية في تونس بلغ نحو 4.4 مليارات دولار، في وقت مازالت فيه المبادلات التجارية بين الجانبين محدودة نسبياً.
وتأمل الحكومة التونسية في استقطاب استثمارات لدفع النمو وتقليص معدلات البطالة، ويعتبر ملف التشغيل أبرز التحديات التي تواجه الحكومات التي تعاقبت على السلطة في تونس منذ 2011، وارتفعت نسبة العاطلين عن العمل إلى نحو 15%، وفق البيانات الرسمية.

اقرأ أيضا: البطالة في تونس..بركان على وشك الانفجار
المساهمون