معرض الجزائر الدولي مهدّد بالفشل: إحجام الأجانب

21 يونيو 2019
سعي لتنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط (بلال بن سالم/Getty)
+ الخط -

ألقت الأوضاع السياسية التي تعيشها البلاد منذ بداية الحراك الشعبي قبل أربعة أشهر، بظلالها على معرض الجزائر الدولي، أكبر وأهم موعد اقتصادي وتجاري في أجندة المعارض بالدولة، حيث تراجع عدد المشاركين فيه خاصة الأجانب، ما يعد ضربة موجعة للاقتصاد الجزائري.

وشهدت مشاركة الأجانب تراجعا كبيرا ومخيبا للآمال، بعدما قرر العديد من شركاء الجزائر التجاريين مقاطعة المعرض في نسخته الثانية والخمسين في العام الجاري، والتي انطلقت يوم الثلاثاء الماضي ومستمرة حتى بعد غد الأحد.

وجاء هذا الأداء المخيب رغم حرص السلطات الجزائرية على التسويق للمعرض جيدا من خلال افتتاحه هذه السنة من طرف رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، وذلك لأول مرة منذ 2012، آخر مرة افتتح الصالون من طرف رئيس الدولة، وذلك قبل مرض الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

وإلى ذلك، يكشف مدير الشركة الجزائرية للتصدير والمعارض المنظمة لمعرض الجزائر الدولي الطيب زيتوني لـ "العربي الجديد" أن "عدد المشاركين في نسخة 2019 بلغ 500 مشارك مقابل 704 في 2018 و810 سنة 2017".
وأضاف نفس المتحدث أن "عدد المشاركين الأجانب بلغ 140 عارضا أو شركة تمثل 15 دولة، موزعين على مساحة 22 ألف متر مربع، وهو رقم قليل مقارنة بالنسخات السابقة من معرض الجزائر الدولي.

وحسب بيانات رسمية، بلغ عدد الشركات الأجنبية في معرض السنة الماضية 296 شركة تمثل 25 دولة، وفي 2017 بلغت 494 شركة أجنبية تمثل 34 دولة، وقبلها بسنة في 2016 كان عدد المشاركين الأجانب 405 يمثلون 33 دولة.

وقال زيتوني: "بالتأكيد الأوضاع التي تعيشها الجزائر أثرت على حجم المشاركة الأجنبية في المعرض الذي حرصت السلطات على إقامته وعدم تأجيله، كونه موعدا اقتصاديا مهما للشركات الجزائرية وحتى للشعب الذي تعود على زيارته، ففي السنة الماضية بلغ عدد الزائرين 1.6 مليون شخص في ظرف 10 أيام".

في أروقة معرض الجزائر الدولي، في نسخته الأولى بعد 20 سنة من حكم بوتفليقة، كل الأحاديث تدور حول الحراك الشعبي، وغموض المشهد السياسي في البلاد، الذي أثر على المعرض هذا العام والذي جاء تحت شعار "تنويع الاقتصاد".

يقول مدير المبيعات لإحدى الشركات الجزائرية المشاركة في المعرض محمد شعبان، إن "نسخة 2019 جاءت "باردة" إن صح التعبير، حيث لم يسبقها ترويج كبير، وكانت قاب قوسين من التأجيل أو الإلغاء، بسبب غموض المشهد الذي أثر على عدد الأجانب والجزائريين المشاركين".
وأضاف نفس المتحدث لـ "العربي الجديد" أن "الكثير من الشركاء التجاريين الأجانب تخوفوا من التنقل إلى الجزائر، ليس خوفا فقط من الأوضاع الأمنية فقط، رغم استقرارها منذ بداية الحراك، ولكن تخوفهم يكمن من فشل المعرض الذي يكلفهم خسارة في تكاليف النقل والشحن وأحيانا تلف السلع، في ظل عدم تحمس الجزائريين لمعرض هذه السنة".

من جانبه، قال ممثل شركة فرنسية مختصة في إنتاج الأعلاف جون باتريك سيزار لـ"العربي الجديد" إن "العديد من الشركات الفرنسية قاطعت نسخة هذه السنة وهو ما فاجأه، فالكثير من الشركات التي غابت كانت من بين الأوائل في السابق للتسجيل في المعرض، الأكيد أن الأوضاع في الجزائر ليست كما يتخيلها الكثير في الخارج، الأمور تسير بطريقة عادية، رغم وجود جو من الغموض المُقلق، وهو ما لمسناه في حديثنا مع المشاركين والسلطات الرسمية الجزائرية".

وإذا كان من السابق لأوانه الحكم بفشل نسخة 2019 من معرض الجزائر الدولي حسب المشاركين فيها، إلا أن خبراء اقتصاد يرون أن الأرقام وحجم الدول المشاركة ينبئان بطبعة غير مسبوقة سلبياً، من حيث تركيبة المشاركين وعدد الزائرين.

والى ذلك يقول الخبير الاقتصادي فرحات علي لـ"العربي الجديد" إن "معرض الجزائر الدولي جاء باهتا بسبب الانسداد السياسي الذي تعيشه البلاد، وتواصل الحراك الشعبي للأسبوع التاسع عشر".

وأضاف أن أبرز دليل على تراجع المعرض هو عدم وجود دولة "ضيف شرف" لأول مرة منذ بدايته عام 1986، كما نلاحظ غياب شركاء الجزائر التجاريين التقليديين، خاصة من القارة الأوروبية التي اقتصرت المشاركة فيها على دولتين فقط هما فرنسا وألمانيا، يضاف إليها الصين والولايات المتحدة الأميركية، ما عدا ذلك باقي الدول هي ضعيفة اقتصاديا، أولا تربطها بالجزائر علاقات تجارية كبيرة، واقتصرت مشاركتها على شركات صغيرة خدماتية".
وتتعرض الجزائر لضغوط مالية بسبب هبوط أسعار النفط العالمية منذ منتصف 2014، وفشلت الحكومة في تنويع موارد اقتصادها المعتمد على النفط والغاز اللذين يساهمان بنسبة 60 في المائة من ميزانيتها و94 في المائة من إجمالي الصادرات.

وحسب تقارير وزارة المالية، نما اقتصاد الجزائر 2.3 في المائة في 2018 بفضل ارتفاع أسعار النفط مقارنة مع 1.4 في المائة في العام السابق، لكن المعدل يظل أقل من أربعة في المائة التي توقعتها الحكومة.

وبدأت الحكومة العام الماضي بتنفيذ تغييرات تسمح للبنك المركزي بإقراض الخزانة مباشرة لتمويل الدين العام الداخلي، ومن المتوقع أن يسجل عجز الميزانية 9.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في العام الجاري ارتفاعا من تسعة في المائة في 2018.
المساهمون