3 مليارات دولار مكاسب متوقعة لروسيا من المونديال رغم التكاليف الباهظة

21 فبراير 2018
توقعات بنتائج إيجابية للسياحة بزيادة الوافدين (فرانس برس)
+ الخط -


رجّح مسؤولون في مراكز بحثية اقتصادية ومؤسسات للتصنيف الائتماني الروسية، أن تحقق العديد من القطاعات، على رأسها السياحة والاستهلاك، مكاسب من جراء استضافة بطولة العالم لكرة القدم، في يونيو/حزيران ويوليو/تموز 2018، لتسجل عوائد مباشرة تقدّر بنحو 3 مليارات دولار، ما يثير تساؤلات حول الاستفادة التي ستجنيها روسيا من المونديال.

فقد أظهرت دراسة متخصصة أن الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" سيكون هو الرابح الأكبر نتيجة بيع حقوق البث والحصول على نسبة من قيمة تذاكر حضور المباريات، التي تصل إلى 6.4 مليارات دولار، بينما تتخطى تكاليف التنظيم من جانب روسيا 13 مليار دولار، والتي توصف بأنها الأعلى، مقارنة مع ما سجلته البطولات الماضية.

ويُقدر سيرغي دروبيشيفسكي، مسؤول البحوث في معهد "غايدار" للسياسات الاقتصادية في موسكو، العوائد المباشرة للاقتصاد الروسي من تنظيم المونديال بنحو ثلاثة مليارات دولار، أو نمو اقتصادي إضافي بنسبة 0.2% على أساس سنوي، في الربعين الثاني والثالث من العام الجاري 2018.

ويقول دروبيشيفسكي، في تصريح لـ "العربي الجديد": "سيزداد الناتج المحلي الإجمالي بفضل ارتفاع مجموع الطلب على السلع الاستهلاكية والخدمات، وزيادة الأسعار في قطاعي الفنادق والمطاعم، مما سيؤدي إلى نمو صافي أرباح الشركات، يمكن تشبيه مفعول ذلك بالارتفاع قصير المدى لأسعار النفط".

ويرجح الخبير الاقتصادي الروسي أن يتم استخدام الملاعب التي بُنيت تمهيداً للمونديال، بشكل نشيط حتى بعد انتهائه، لاسيما في مدن نوادي الدوري الممتاز الروسي، مثل موسكو وسانت بطرسبورغ وروستوف على الدون وفولغوغراد.

ويقلل دروبيشيفسكي من زيادة الاستثمار في روسيا نتيجة للمونديال، على المدى البعيد، قائلا: "سابقة أولمبياد سوتشي عام 2014 تؤكد أن مفعول إقامة منشآت البنية التحتية على ديناميكية إجمالي الاستثمار ينتهي قبل البطولة بنصف عام".

وبحسب أرقام هيئة الإحصاء الروسية "روس ستات"، فإن الاستثمارات في قطاع الثقافة والرياضة والترفيه ارتفعت خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الماضي 2017 بنسبة 29.6%، مقارنة بنفس الفترة من 2016، لتبلغ 121 مليار روبل (2.2 مليار دولار).

ومع بقاء أشهر معدودة على انطلاق المونديال، تنتهي روسيا من إنشاء الملاعب والبنية التحتية اللازمة، التي تقدر تكلفتها بنحو 13 مليار دولار، وفقا لمتوسط سعر الصرف السائد في أعوام 2013-2017، وبذلك سيكون مونديال روسيا هو الأغلى في تاريخ البطولة، إذ أنفقت جنوب أفريقيا على الاستعدادات لمونديال 2010 نحو 6 مليارات دولار، مقابل 11 مليار دولار أنفقتها البرازيل تمهيدا لمونديال 2014، وفق أرقام أوردتها صحيفة "إر بي كا" الروسية.

ومع ذلك، فإن الرقم القياسي الذي سجلته روسيا لن يدوم طويلا، إذ تعتزم قطر استثمار 200 مليار دولار في بناء الملاعب والطرق وغيرها من عناصر البنية التحتية، تمهيدا للمونديال الذي ستستضيفه عام 2022.

ولا تقتصر الاستعدادات للمونديال في روسيا على بناء الملاعب والمنشآت الرياضية، بل تشمل أيضا تطوير البنية التحتية للنقل، بما في ذلك بناء مبنى جديد للطيران الداخلي بمطار "شيريميتييفو" في ضواحي موسكو، ليبدأ باستقبال أولى الرحلات في مايو/أيار المقبل.

وعلى الرغم من هذه الاستثمارات الباهظة التي يقوم بها البلد المضيف، إلا أن الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" سيكون هو الرابح الأكبر نتيجة بيع حقوق البث والحصول على نسبة من قيمة تذاكر حضور المباريات، إذ بلغ صافي أرباحه عن دورة المونديال 2014 في البرازيل 2.6 مليار دولار، بينما سجل الاقتصاد البرازيلي، في ذلك العام، نمواً بلغت نسبته 1.07% فقط، وفق تقديرات وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني.

وبحسب دراسة أجرتها شركة Swiss Appraisal المتخصصة في تقييم الأعمال والمشاريع الاستثمارية مؤخرا، فإن مجموع أرباح "فيفا" عن تنظيم كأس القارات والمونديال 2018 في روسيا سيبلغ نحو 6.4 مليارات دولار.

وقدرت الدراسة المجموع المتوقع لمبيعات تذاكر مونديال روسيا بـ782 مليون دولار، مرجحة أن يحضر المباريات حوالي 3.35 ملايين مشجع، نحو 1.5 مليون منهم أجانب، بمن فيهم مشجعون من دول عربية، في ظل تأهل كل من مصر والسعودية وتونس والمغرب للمونديال.

وعلاوة على ذلك، تسعى روسيا إلى تحفيز المشجعين على التسوق أثناء وجودهم في روسيا، وذلك من خلال محاكاة الدول الأوروبية في نظام الإعفاء الضريبي Tax Free الذي سيتيح للمتسوقين الأجانب عند المغادرة، استرداد ضريبة القيمة المضافة البالغة 18% من أسعار المشتريات.

واعتبارا من مايو/أيار المقبل، سيعمل هذا النظام في جميع المدن المضيفة للمونديال، على أن يبدأ تطبيقه في كافة أنحاء البلاد بحلول أكتوبر/تشرين الأول 2018.

ومع ذلك، يرجح دميتري كوليكوف، الخبير في وحدة البحوث والتوقعات بمجموعة "أكرا" للتصنيفات الائتمانية، أن يكون تأثير استضافة المونديال على الاقتصاد الروسي ضئيلاً، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن عناصر البنية التحتية التي تم بناؤها تمهيدا للبطولة، ستؤثر إيجابا على جودة حياة السكان بشكل عام.

ويقول كوليكوف لـ "العربي الجديد": "زيادة فرص العمل وتوسع قطاع الخدمات من جراء تدفق المشجعين، من النتائج المؤقتة التي ستتلاشى فور انتهاء المونديال، قد يشكل إجراء البطولة دفعة إيجابية لإنتاجية العمل في قطاع الخدمات، أي الفنادق والمطاعم".

وتتأهب فنادق المدن التي ستجري فيها مباريات المونديال من الآن، لجني أرباح فائقة من جراء استضافة المشجعين القادمين من مختلف أنحاء العالم. ويظهر البحث على موقع "بوكينغ.كوم" لحجز الفنادق أن تكلفة الإقامة في العاصمة الشمالية الروسية سانت بطرسبورغ، مثلا، خلال المونديال ستكون أعلى بمقدار الضعف تقريبا مقارنة بالأوقات العادية.

وحول دور عناصر البنية التحتية التي أنشئت ضمن الاستعدادات للمونديال في مستقبل اقتصاد البلاد، يضيف كوليكوف: "لن تساهم عناصر البنية التحتية بشكل إيجابي في النمو الاقتصادي، على المدى البعيد، إلا في حال استخدمت بنشاط، تتعلق الآمال بالدرجة الأولى بالبنية التحتية للنقل، إذ ستقلص الطرق والمطارات التي بنيت من الأعباء على قطاع الأعمال في المناطق المضيفة للمباريات لعقود طويلة، وستزيد من جودة حياة سكانها".

ولتسهيل سفر المشجعين، قررت روسيا إعفاء حاملي بطاقات المشجع من الحصول على تأشيرة مسبقة خلال فترة المونديال، كما أنها تسمح لأول مرة لشركات الطيران الأجنبية بتنفيذ رحلات داخلية أثناء البطولة، وفق ما أعلنه وزير النقل الروسي، مكسيم سوكولوف، مؤخرا. ومن المنتظر أيضا أن يخفف استئناف رحلات الطيران المباشر بين موسكو والقاهرة، من متاعب السفر عن المشجعين المصريين.

كانت وكالة التنصيف العالمية "موديز"، قد حسنت من توقعاتها لتصنيف روسيا الائتماني من "مستقرة" إلى "إيجابية"، وفق تقرير صادر في يناير/كانون الثاني الماضي.

وأرجعت "موديز" قرارها، بحسب ما نقلته وكالة "بلومبرغ" الاقتصادية آنذاك، عن كريستين ليندو، المحللة في الوكالة، إلى الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في مواجهة الأزمة التي عصفت بالاقتصاد الروسي، خلال العامين الماضيين، معتبرة أن "السلطات الروسية اتبعت سياسة نقدية ومالية براغماتية لمواجهة الأزمة الأخيرة".

كما أشارت الوكالة إلى تزايد القوة التنظيمية، التي سمحت للاقتصاد الروسي بمواجهة صدمة هبوط أسعار النفط والعقوبات المفروضة، لافتة أيضا إلى اتفاق خفض إنتاج النفط العالمي، والذي قد يساعد الاقتصاد الروسي خلال عام 2018 في الحفاظ على وتيرة النمو.

ونجحت روسيا في 2017 في الخروج من مصيدة الركود الاقتصادي، وتتوقع وزارة التنمية الاقتصادية الروسية نمو الاقتصاد الوطني، خلال العامين القادمين، ما بين 3% و3.5%.



المساهمون