لصوصهم ولصوصنا

17 يناير 2017
تحقيق مع رئيس وزراء كندا (Getty)
+ الخط -
فتحت كندا، اليوم، تحقيقاً في "تمضية" رئيس الوزراء، جاستن ترودو، عطلة رأس السنة بضيافة الملياردير، شاه كريم الحسيني، بل وسارعت مفوضة الأخلاقيات في البلاد، ماري داوسون، لتعلن فتح التحقيق في هذه العزومة.

وفي بلادنا يسرق حاكم عربي، هو المخلوع علي عبد الله صالح، 60 مليار دولار، خلال الثلاثة عقود، التي حكم فيها اليمن عن طريق الفساد والرشى والعمولات، فلا يحاسب ولا يعاقب، ولا تنصب له حتى محكمة صورية، ولا يكتفي الحاكم المعزول فقط بالسطو على هذه الأموال المنهوبة، بل يوجه جزءاً منها لشراء سلاح حتى يقتل شعبه الفقير ويتحالف مع الحوثيين الانقلابيين ضد أبناء وطنه.

يحصل وزير التنمية الاقتصادية الروسي، ألكسي أوليوكايف، على رشوة قيمتها لا تتجاوز مليوني دولار، فيتم إقالته من منصبه والقبض عليه وفتح قضية جنائية ضده وتهديده بالسجن 15 عاماً بتهمة الحصول على رشوة كبيرة، يحدث ذلك على الرغم من أن الرشوة قد لا تغطي تكلفة حفلة عيد ميلاد لأحد أبناء حكام العالم الثالث أو تكلفة حفل زفاف ابنته.

يضع معمر القذافي، مخلوع ليبيا، ثروات البلاد التي تجاوزت 200 مليار دولار في حسابه الشخصي ببنوك سويسرية وبريطانية وجزر البهاما وعقارات باريس، ولا أحد يحاسبه على تبديد المليارات منها على برنامج نووي وهمي، وزعامات فارغة صنعها بكتابه الأخضر، وتقديم رشى لملوك ورؤساء أفريقيا حتى يتم انتخابه إماماً للمسلمين وملك ملوك القارة السمراء.

عندما يتلقى رؤساء أميركا هدايا بسيطة أو حتى ثمينة مثل الياقوت الأحمر والألماس وعقد من اللؤلؤ من حكام دول العالم الثالث فإنهم يسارعون بالكشف عنها للرأي العام والجهات الرقابية، بل ويتم إدراجها ضمن سجلات البيت الأبيض، وعندما يتلقى حكام الدول النامية والمتخلفة هدايا ثمينة من شعوبهم وعمولات من مستثمرين أجانب فإنها توجه مباشرة لحسابات هؤلاء الحكام في المصارف الغربية.

بل وأحيانا تحدث حالة اندماج وتزاوج غريبة بين أموال هؤلاء الحكام الشخصية وأموال الدولة، لدرجة أنك لا تعرف الفارق بين العام والخاص، أو في أي المسارات تتجه الأموال، أم يختلط العام بالخاص وتصب في النهاية نحو مصارف الخارج والحسابات السرية ببنوك زيورخ.

في السر يسرق حكام بالدول النامية مليارات الدولارات من أموال شعوبهم، وينهبون المال العام ويهربونه لبنوك سويسرا، وفي العلن يطلق هؤلاء حملات رسمية عنوانها مكافحة الفساد ونهب المال العام، وإمعاناً في الحبكة يطلقون على هذه الحملات اسم التطهير والكشف عن قضية الفساد الكبرى، وبدء حرب شاملة ضد تركة الفساد، إلى أخر هذه الشعارات الجوفاء التي نعيشها يوميا.

في الغرب يحاكمون الحكام على "عزومة" قد لا تتجاوز تكلفتها ألف دولار وربما أقل، وفي بلادنا توجه محاكم تهماً لشركات نافذة وقريب أصحابها من السلطة ودوائر صنع القرار بالتهرب الضريبي بمليارات الدولارات، فتشكل الحكومة لجنة تبرئهم من التهمة وتضرب عرض الحائط بأحكام القضاء.

الآن، هل عرفتم، لماذا هم يتقدمون ونحن نتأخر ويزداد تخلفنا تخلفاً، ولماذا هم ينعمون بالاستقرار السياسي والأمني ونحن ننعم بالحروب والقلاقل السياسية والأمنية، وقديما قالوا "حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر".

المساهمون