أرباح التكنولوجيا تستفز وزارة العدل الأميركية

28 يوليو 2019
دعوات إلى كسر احتكار الشركات التكنولوجية (Getty)
+ الخط -
بعد أشهر من بدء حملات الهجوم على شركات التكنولوجيا العملاقة، قررت وزارة العدل الأميركية، الأسبوع الماضي، تولي مهام التحقيق، لكشف أي ممارسات احتكارية قامت بها تلك الشركات للحد من المنافسة وضمان السيطرة على الأسواق.

وجاء إعلان وزارة العدل الأميركية خلال الأسبوع ذاته الذي أعلنت فيه وزارة التجارة عن تباطؤ النمو الاقتصادي الأميركي، خلال الربع الثاني من العام الحالي، بعد أن نما الناتج المحلي الإجمالي بمعدل سنوي 2.1 في المائة، مقارنةً بمعدل 3.1 في المائة في الربع الأول، ومقارنةً بمعدل تجاوز 3 في المائة خلال عام 2018، بفعل انخفاض الإنفاق الاستثماري للشركات، على خلفية النزاعات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.

ورغم تباطؤ النمو الاقتصادي الأميركي خلال الربع الثاني من العام، وتزايد الهجوم من عدة جهات عليها بصورة غير مسبوقة، أعلنت أكبر شركات التكنولوجيا الأميركية الأسبوع الماضي تحقيقها معدلات ربحية مرتفعة، خلال الربع الثاني من العام الحالي، وهو ما يبدو أنه تسبب، كما نتائج أعمال الفترات السابقة، في إثارة حفيظة الإدارة الأميركية نحو تلك الشركات.

وبعد تحمّلها غرامة بمبلغ 5 مليارات دولار، منها مليارا دولار على الأقل تظهر في نتائج أعمال الربع المنتهي، على خلفية انتهاك خصوصية المستخدمين، أعلنت فيسبوك تحقيقها أرباحاً بلغت 2.6 مليار دولار خلال الربع الثاني من العام، وزيادة إيراداتها بنسبة 28 في المائة، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، رغم الضغوط الرقابية والتنظيمية. وبنهاية تعاملات الأسبوع، أظهر سهم الشركة ارتفاعاً بأكثر من 55 في المائة منذ بداية العام.

وفي الأسبوع ذاته أيضاً، أعلنت ألفابيت (غوغل) أن أرباحها، خلال الربع المنتهي، بلغت ثلاثة أضعاف ما تم تحقيقه خلال نفس الفترة من العام الماضي، وأن إيراداتها وصلت إلى 38.9 مليار دولار، مرتفعةً بنسبة 19 في المائة مقارنة بالعام الماضي.

ورغم تأثرها بارتفاع تكاليف الشحن، وبعض الخسائر في وحداتها خارج الولايات المتحدة، نمت أرباح أمازون بنسبة 3.6 في المائة، لتصل إلى 2.63 مليار دولار خلال الربع المنتهي، وارتفعت إيراداتها بنسبة 20 في المائة، لتصل إلى 63.4 مليار دولار. ومازال سهم الشركة مرتفعاً بنسبة تتجاوز 30 في المائة، مقارنةً بما كان عليه عند بداية العام.

وبعد أن تذرعت الشركات لسنوات بالعمل على زيادة رفاهية المستهلك، عن طريق تقديم أغلب خدماتها مجاناً، وهو ما وفر لها حماية من الجهات المختصة بمكافحة الاحتكار، جاء قرار وزارة العدل، رغم وجود تحقيقات مشابهة بواسطة الكونغرس ولجنة التجارة الفيدرالية، التي تشارك وزارة العدل مسؤولية مكافحة الاحتكار، ليسطر فصلاً جديداً في تعامل الحكومة الأميركية مع شركات أصبحت تعرف أكثر مما ينبغي عن أدق خصوصيات ملايين المستخدمين، وتؤثر في قراراتهم، في العديد من المجالات.

ورغم عدم تحديد شركات بعينها، إلا أن الوزارة قالت في بيان الثلاثاء إنها ستنظر في الشكاوى المتعددة التي تطرقت إلى شركات خاصة بمحركات البحث "غوغل" والتواصل الاجتماعي "فيسبوك" وخدمات التجزئة "أمازون وآبل".

ويأتي قرار وزارة العدل بتولي مهام التحقيق كاملةً بعد إعلان المفوضية الأوروبية نيتها فرض قيود صارمة على شركات التكنولوجيا العملاقة، للحد من تغولها، وهو ما لم يلق استحساناً من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي اعتبر أن السلطات الأميركية هي الأولى بالقيام بذلك الدور، كون أغلب تلك الشركات أميركيا.

وعلى نحوٍ متصل، لم تكتف لجنة التجارة الفيدرالية بتوقيع أكبر غرامة في تاريخها، بقيمة 5 مليارات دولار، على شركة فيسبوك، التي أساءت استخدام بيانات مستخدميها، وإنما فرضت على الشركة تغيير طريقة تعاملها مع بيانات المستخدمين، وإتاحة قدر أكبر من الشفافية فيما يخص ممارساتها بصفة عامة.

والثلاثاء، أصرت اللجنة على أن تتضمن أي تسوية مع الشركة، إلزام مارك زوكربرغ، مؤسس ورئيس فيسبوك، بالتعهد بنفسه باتخاذ خطوات للحفاظ على خصوصية المستخدمين، وهذا بالإضافة إلى توقيع غرامة على الشركة، تقدر بنحو مائة مليون دولار.

ولم يغب وزير العدل ويليام بار عن مشهد الهجوم على شركات التكنولوجيا، حيث قال في كلمةٍ له في مانهاتن بولاية نيويورك الأسبوع الماضي إن هذه الشركات "يجب أن تتوقف عن استخدام أدوات التشفير المتقدمة، وإجراءات تأمين اتصالات المستخدمين الأخرى، التي تحول الأجهزة المستخدمة إلى مناطق غير خاضعة للقانون"، في إشارة إلى أجهزة آبل التي يصعب اختراقها، حتى من الأجهزة الأمنية.

ويدخل العديد من المرشحين الديمقراطيين المحتملين لانتخابات الرئاسة في 2020 سباق الانتخابات بأجندات معادية لشركات التكنولوجيا، وكانت أشدهم عداوة أجندة المرشحة اليزابيث وارين، عضوة مجلس الشيوخ عن ولاية ماساتشوستس، البالغة من العمر سبعين عاماً، والتي اقترحت في العديد من المناسبات تفتيت شركات التكنولوجيا العملاقة، وتحديداً فيسبوك وغوغل وأمازون، من أجل "كسر الاحتكارات وتشجيع المنافسة في الأسواق".
المساهمون