المغرب .. إضراب عمالي للتنديد بـ "طحن الأرزاق"

30 أكتوبر 2016
مطالب حزبية بحل مشاكل الباعة المتجولين (Getty)
+ الخط -

 

تسارعت ردود الفعل الغاضبة على مقتل بائع سمك "طحنته" شاحنة نفايات في مدينة الحسيمة شمالي المغرب، خلال محاولته منع عناصر أمنية من مصادرة بضاعته بحجة أنها "مخالفة"، ليضرب عمال ميناء الحسيمة عن العمل، وتتعالى المطالب بإيجاد حل سريع لمعضلة الباعة المتجولين، والحرمان من الحق في الشغل، والتوزيع غير العادل للثروة.

وتداول نشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يُظهر مصادرة رجال الأمن، يوم الجمعة الماضي، كمية من الأسماك، بينما يحاول البائع، محسن فكري، إخراج بضاعته من شاحنة النفايات التي تم إلقاء البضاعة بها، للحيلولة دون إتلافها، غير أنه تم تشغيل آلة الضغط بالشاحنة، مما أدى إلى طحن البائع.

وأوقف عمال ميناء الحسيمة العمل اليوم ، حداداً على مقتل بائع السمك، منددين في بيان لجمعية تجار السمك للتنمية والتضامن (غير حكومية)، بالأوضاع العامة التي تعرفها المدينة وميناؤها.

وربطت جمعية تجار السمك للتنمية والتضامن بين مقتل بائع السمك "والطريقة السلبية التي تتعامل بها الإدارة العمومية مع المواطنين".

كما دعا الحزب المغربي الليبرالي (معارض)، في بيان له، حكومة بلاده لإيجاد حل سريع لحل معضلة الباعة المتجولين، قائلا: "للمغاربة أفراداً وجماعات الحق في البحث عن مصدر رزق لسد حاجياتهم، وعلى الإدارة المحلية والمركزية تقديم كافة أشكال المساعدة للسماح لهم للخروج من حالة الفقر".

وأضاف الحزب أن مصادرة بضائع الباعة المتجولين بحجة أنها مخالفة للقواعد المنظمة للتجارة "هو أمر غير مقبول، ولا يمكن أن يتم إلا بناء على حكم قضائي".

وشهدت بعض مدن البلاد احتجاجات على مقتل بائع السمك. وتسارعت الدعوات التي تحشد الناس من أجل التضامن، في الوقت الذي توالت فيه المبادرات في المقابل من أجل احتواء الوضع.

ودانت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أكبر المنظمات الحقوقية بالمملكة، ما وصفته بـ "الطريقة البشعة التي أزهقت بها روح فكري"، متهمة السلطات الأمنية بكونها استهترت بالحق في حياة مواطن، داعية إلى "فتح تحقيق نزيه وموضوعي يفضي إلى كشف واضح لكل المتورطين في هذه الجريمة".

وكان نشطاء قد تداولوا أنباء حول أن أحد رجال الشرطة هو من أعطى تعليماته لسائق شاحنة النفايات بتشغيل آلة الضغط على النفايات، مما أدى إلى طحن البائع الذي كان يحاول إنقاذ بضاعته.

لكن المديرية العامة للأمن الوطني ذكرت أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية "شرعت في إجراء بحث دقيق وشامل في النازلة (الحادثة) تحت إشراف النيابة العامة المختصة، وذلك لتحديد جميع ظروف وملابسات القضية".

وقالت إن ما ينسب لموظف شرطة من إعطاء الأمر لسائق الشاحنة بتشغيل آلة الضغط على النفايات المتصلة بالمقطورة، "تبقى مجرد ادعاءات غير صحيحة، على اعتبار أن زر التحكم في هذه الآلة الضاغطة يوجد في آخر الشاحنة من جهة اليمين، وأنه يستحيل على السائق التحكم فيها، وهي المهمة التي يضطلع بها عادة مستخدمون آخرون وليس السائق".

ودعا عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المكلف، في وقت متأخر من مساء السبت، إلى عدم الاستجابة، بأي شكل من الأشكال، لأي احتجاج، فيما جوبهت دعوة بنكيران بالكثير من الانتقاد من قبل رواد وسائل التواصل الاجتماعي، بينما يجري الحشد في المغرب تحت شعار "طحن مو"، الذي يندد بما يطلق عليه المغاربة "الحكرة"، التي تعني التهميش والمعاناة في اكتساب الحقوق.

وتواجه السلطات المغربية مشكلة في استيعاب الباعة المتجولين، الذين تشير دراسة أنجزتها وزارة الصناعة والتجارة مؤخراً، إلى أن عددهم، يصل إلى 276 ألف بائع، يتحملون مسؤولية أسر يصل عدد أفرادها إلى 1.3 مليون شخص.

وكانت السلطات العمومية قد عمدت، العام الماضي 2015، إلى شن حملة لإخلاء الشوارع الرئيسية من الباعة المتجولين الذين يفترشون أرصفتها منذ سنوات، فيما طُرحت في ذات الوقت فكرة الأسواق النموذجية، التي يمكن أن تؤدي إلى تنظيم الباعة.

وتشير البيانات الرسمية إلى أن معدل البطالة يصل إلى نحو 10% من إجمالي القوى العاملة في المملكة، غير أن هذه النسبة تصل إلى 42% بين الشباب و24% وسط خريجي الجامعات، لتبدو البطالة من المعضلات التي تواجهها الحكومة المنتظرة.

وكانت الأحزاب السياسية المختلفة قد حاولت استمالة الطبقات العاملة قبيل إجراء الانتخابات التشريعية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، من خلال وعود اقتصادية تشمل إيجاد حلول للبطالة والفقر وزيادة الأجور.


المساهمون