عدن تنفض غبار الحرب والدمار وتبدأ الإعمار

08 اغسطس 2015
الدمار يخيم على عدن (أرشيف/Getty)
+ الخط -

بعد نحو 120 يوماً من الحصار والدمار وقطع الخدمات الأساسية، تتأهب مدينة عدن، جنوب اليمن، إلى نفض غبار الدمار وبدء مرحلة من الإعمار، بعد تحريرها من قبضة مليشيا الحوثي قبل نحو ثلاثة أسابيع، فيما قدر مسؤولون يمنيون حاجة المدينة إلى ما يتراوح بين 3 و4 مليارات دولار.

وأكد وزير الإدارة المحلية ورئيس لجنة الإغاثة في اليمن، عبد الرقيب فتح، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، بدء مرحلة إعادة الإعمار في المدينة.

وأشار إلى أن فرقا ميدانية شرعت في مسح الأضرار والتقييم المالي للخسائر وفي صدارتها الطرقات والمطار والميناء بالإضافة إلى منازل المواطنين، مضيفاً "خلال 48 ساعة سيكون لدينا خطة أولية لإعادة الإعمار".

وأوضح الوزير، الذي يتواجد في عدن رفقة وزير الأشغال العامة، أن إعادة الإعمار ستبدأ بإعادة تأهيل مطار عدن والبنية التحتية في المدينة، بالتعاون مع المملكة العربية السعودية والإمارات. ولفت إلى أن عدن ستصبح منطقة لاستقبال كل المساعدات الإغاثية، التي سيتم توزيعها بعد ذلك على كل المحافظات اليمنية.

وأضحى الوضع مأساوياً في عدن، التي تعد العاصمة الاقتصادية لليمن، مع تعطل خدمات المياه والكهرباء والوقود، بسبب الحرب التي شنتها مليشيا الحوثي في مناطق مختلفة من البلاد.
وذكر القيادي في المقاومة الشعبية بعدن، محمد صالح السعدي، أن حجم الدمار في عدن كبير وجميع المرافق الحكومية تعرضت لدمار وخسائر فادحة.

وقال السعدي، وهو مستشار في لجنة الإغاثة، لـ"العربي الجديد" : "جميع معدات ومباني وآليات وزارة الأشغال العامة بالمدينة تعرضت لأضرار الحرب، وبعضها تعرضت للنهب. الكهرباء مقطوعة عن بعض الأحياء والمياه مقطوعة عن أغلب مناطق المدينة، ونحتاج فقط إلى 8 ملايين دولار لإعادة تشغيل خدمة المياه".

وأشار إلى أن لجاناً وفرقاً هندسية فنية متخصصة شرعت بإجراء عمليات حصر للأضرار الشاملة والجزئية في المنازل والمباني السكنية والمنشآت العامة والخاصة المتضررة خلال مدة الحرب.

وكشف السعدي عن رصد 50 مليار ريال يمني (227 مليون دولار) للمرحلة الأولى من إعادة الإعمار، والتي تهدف إلى إعادة الخدمات للمدينة والتي تتراوح إجماليّاً ما بين 3 و4 مليارات دولار.

وأعلنت المقاومة الشعبية تحرير عدن من مليشيا الحوثي والقوات الموالية للرئيس المخلوع، علي عبدالله صالح، في 17 يوليو/تموز الماضي. ويقصف تحالف عربي، تقوده المملكة العربية السعودية، جماعة الحوثي التي تهيمن على البلاد منذ مارس/آذار الماضي، في مسعى لإعادة حكومة عبد ربه منصور هادي التي تعمل من الرياض.

وعقب التحرير وصل عدد من المسؤولين في حكومة هادي إلى عدن لترتيب الأوضاع الأمنية، وضمان الاستقرار قبل استئناف عمل مؤسسات الدولة.
ويقول محللون إن وجود الحكومة بشكلها المباشر في المدينة قد يلعب دوراً فاعلاً في تسريع عملية إعادة الإعمار، وتطبيع الحياة، وعودة النازحين إلى ديارهم.

وقال الناطق الرسمي لائتلاف عدن للإغاثة الشعبية، عدنان الكاف:"نأمل أن يكون للحكومة اليمنية الدور الأساسي في عملية الإعمار".

اقرأ أيضاً: الخطوط اليمنية تحول رحلاتها من صنعاء إلى عدن

ووفقا لمصادر في المقاومة، فإن دولة الإمارات تتولى عملية إعادة الإعمار في المدينة عبر الهلال الأحمر الإماراتي، وإن مركز سلمان للإغاثة الإنسانية سيتولى تمويل مرحلة الإعمار بالاشتراك مع الهلال الإماراتي، مشيرة إلى أن مصر ستشارك أيضا في إعادة الإعمار عبر شركات مصرية في مجالات متعددة.

وأكد المدير العام لمطار عدن الدولي، طارق عبده علي، أن فريقاً فنياً إماراتياً وصل إلى المدينة ويقوم بالوقوف على حجم الدمار الذي أصاب مطار عدن نتيجة الحرب.

وقال في تصريح خاص: "المطار تضرر بشكل كامل، بسبب حجم الدمار الكبير الذي طال البنية التحتية والمعدات والآليات ومحطات الطاقة الكهربائية وصالات الوصول والمغادرة الخاصة بالمسافرين، وبعض الأضرار في المدرج"، لافتا إلى أن المطار بحاجة إلى جهود وإمكانيات كبيرة لعودته إلى العمل بوضعه الطبيعي كما كان سابقاً.

وألحق المسلحون الحوثيون، ومعهم القوات الموالية للرئيس المخلوع، في حربهم ضد جنوب اليمن، دماراً هائلاً بمدينة عدن، كبرى مدن الجنوب والعاصمة المؤقتة للبلاد.

وأكد ناشطون وحقوقيون يمنيون أن الحوثيين قاموا باستهداف المدارس والمراكز الطبية والأحياء السكنية بالمدافع الثقيلة والدبابات.

وقال الناشط الميداني في عدن، عيدروس عقلان، لـ"العربي الجديد"، إن الحوثيين وقوات صالح استهدفوا أيضاً المجمعات الصحية، ولم يبق في عدن أي مستشفى يعمل بعد إغلاق المستشفى الرئيسي. وأوضح أن الحوثيين استخدموا المباني والمنشآت المدنية كمواقع ومراكز قتالية، وبين تلك المواقع المدنية المدارس والجامعات ومراكز التسوق والمحلات التجارية.

وأكد مواطنون أن عمليات القصف على أحياء سكنية ومواقع حكومية أسفرت عن تدمير العديد من المباني وتعرض المدارس والمنشآت الطبية والمنازل لأضرار كبيرة أو دمار كلي.

وبحسب الناشط الميداني عمار الحميقاني، فإن الإحصاءات الأولية تفيد أن عدد المنازل المدمرة يبلغ 1966 منزلاً، منها 702 دمرت بشكل كلي و1264 تعرضت لتدمير جزئي.

وقال الحميقاني لـ"العربي الجديد" إن عدد المحلات التجارية المنهوبة أو التي تم إحراقها بلغ 684 محلاً، منها ثلاثة مراكز تجارية كبرى.

وتفيد التقارير الحقوقية بأن عدد النازحين في عدن يصل إلى 800 ألف نازح، منهم نحو 550 ألفا نزحوا داخليا من أحياء داخل مديريات بالمدينة، بينما يبلغ عدد النازحين إلى المحافظات المجاورة حوالى 200 ألف، وإلى دول مجاورة منها جيبوتي والصومال 50 ألف مواطن.

وكان منسق الأمم لمتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، يوهانس فان دير كلو، قد ذكر في بيان، مؤخراً، أن الصراع على مدى الشهور الأربعة الماضية دمر المدينة وحياة شعبها.

وكان رجال أعمال سعوديون ومستثمرون قد تعهدوا بإعادة إعمار اليمن عبر ضخ 5 مليارات دولار كاستثمارات تنموية، وذلك بهدف إعادة إعمار الاقتصاد اليمني بعد انتهاء عاصفة الحزم.

وكان تقرير حديث، صادر عن الأمم المتحدة، قد ذكر أنّ 80% من سكان اليمن أي أكثر من 20 مليون شخص، يحتاجون إلى مساعدات إنسانية بشكل عاجل، بعد أن أدت الحرب إلى تفاقم الوضع في هذا البلد الفقير.

ويفيد تقرير للبنك دولي بأن الفقر في اليمن ارتفع إلى 54.5% من مجموع السكان البالغ عددهم نحو 25 مليون نسمة، مؤكداً أن البطالة بين صفوف الشباب ارتفعت إلى نحو 60%.


اقرأ أيضاً: ميناء عدن يستعيد دوره في إغاثة اليمنيين بعد تحريره

المساهمون