طغت الأوضاع السياسة التي تعيشها الجزائر منذ أشهر، واستمرار الحراك الشعبي لشهر الثامن، على جلسات مناقشة مشروع قانون موازنة 2020، على مستوى البرلمان الجزائري، إذ رفضت أحزاب المعارضة الموازنة بحجة صياغتها من حكومة فاقدة للشرعية، فيما تتمسّك الأحزاب التي دعمت الحكومة في عهد بوتفليقة بضرورة تمرير الموازنة لتسيير شؤون البلاد حتى انتخاب رئيس جديد.
وعرض وزير المالية الجزائري محمد لوكال مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2020، صباح يوم الأربعاء، إذ أكد أن "إعداد مشروع موازنة 2020 كان صعباً في ظل الوضع الاقتصادي الكارثي المتأثر بعدم استقرار أسعار النفط في السوق الدولية، ما يوجب تنويع مصادر التمويل خارج المحروقات".
وشدد لوكال على ضرورة "إصلاح النظام الجبائي بما يحقق تمويل النفقات العامة ومسايرة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية".
وأفاد الوزير الجزائري بأن "الإسراع في إصلاح السياسة المالية وإعادة النظر في نمط تصريف الميزانية العامة من خلال الانتقال من النمط الحالي إلى وضع الميزانية بالأهداف أصبح حتمية".
وستخصص نسبة 70 بالمائة من تلك العائدات لصالح ميزانية الدولة و30 بالمائة المتبقية توجه لصندوق التضامن للبلديات.
وأرجعت الحكومة، حسب مشروع القانون الذي تحوز "العربي الجديد" نسخة منه، سبب اتخاذها هذا القرار إلى رغبتها في "حماية البيئة من التداعيات السلبية على الصحة العامة، والبحث عن ثغرات ضريبية تسمح من جانب بتقليل استهلاك الطاقة التي يتم دعم أسعارها من ميزانية الدولة، ومن ناحية أخرى لضمان إيرادات الضرائب لميزانية الدولة بهدف توزيع أفضل للموارد".
كذلك سيكون لزاماً على أفراد الجالية الجزائرية المقيمين بالمهجر والأجانب دفع رسوم تقدر قيمتها بـ 6 آلاف دينار (53 دولاراً) مقابل السماح لهم بإدخال مركباتهم بصفة مؤقتة، اعتباراً من سنة 2020، اعتبرتها الحكومة حقوقاً مقابل استفادتهم من مواد مدعمة، في إشارة منها إلى الوقود وكذلك استعمال الهياكل القاعدية المتمثلة في الطرقات من دون دفع أي ضرائب أو قسيمة للسيارات.
وتدفع هذه الرسوم على مستوى مصالح الجمارك الجزائرية، وسيشكل هذا الرسم مصدراً إضافياً للخزينة العمومية من جهة وتعويضاً عن الإعانة.
ومن المنتظر أن تشهد أسعار التبغ ارتفاعا بدءا من سنة 2020، بعد اقتراح الحكومة رفع "الرسم الداخلي على الاستهلاك" من 11 ديناراً إلى 17 ديناراً، ستوجه منها 6 دنانير لتمويل الصندوق الخاص بالاستعجالات الطبية، ودينار واحد لصندوق التضامن الجزائري و8 دنانير لفائدة الصندوق الوطني للتأمين الاجتماعي، وديناران يخصصان لدعم صندوق مكافحة السرطان.
وتعد هذه المرة الثانية التي ترفع فيها الحكومة الجزائرية أسعار التبغ، في 24 شهرا، إذ سبق أن رفعت "الرسم الداخلي على الاستهلاك" نهاية سنة 2018 بـ 10 بالمائة، أدت إلى صعود أسعار التبغ المحلي من 150 دينارا (1.3) إلى 170 دينارا (1.5 دولار)، كما زادت أسعار التبغ المستورد بنحو 40 ديناراً لتباع عبوة "مارلبورو" بنحو 290 ديناراً (2.8 دولار)، و"إل إم" بحوالي 260 ديناراً.
ويقدر حجم الاستهلاك السنوي للتبغ، حسب أرقام الديوان الجزائري للإحصاء (حكومي)، بقرابة 1.2 مليار سيجارة، أكبر جزء منها يتداول خارج الأطر القانونية.
كذلك سيمس التوسع الضريبي الذي ستنتهجه الجزائر السنة المقبلة المزارعين ومربي الماشية، الذين ستفرض عليهم رسوماً ضريبية تتراوح قيمتها ما بين 1500 و2000 دينار عن كل محل ذي استعمال سكني، وما بين 4000 و14000 دينار على المحلات ذات الاستعمال المهني أو التجاري أو الحرفي.
وبالنظر إلى حجم الضرائب التي حملتها موازنة 2020، طالب العديد من النواب بضرورة تأجيل المصادقة على قانون المالية، وحسب النائب سليمان سعداوي عن جبهة التحرير الوطني (أغلبية المقاعد) فإن "القانون صاغته حكومة تصريف الأعمال، من صاغ الموازنة هم بشر ويخطئون، من نحاسب بعد ذهاب الحكومة الحالية".
وأضاف نفس المتحدث لـ "العربي الجديد" أن "الأولى هو التريث لحين انتخاب رئيس، ما يمكن من الاكتفاء بوضع موازنة تحمل ميزانيات الوزارات لضمان سير البلاد، دون الدخول في إضافات مثل اقرار ضرائب جديدة أو غير ذلك من الإجراءات التي لا يتحملها جيب المواطن".
من جانبه، أكد النائب عن الاتحاد من النهضة والعدالة والبناء (التيار الاسلامي)، لخضر بن خلاف، "مقاطعة مجموعته البرلمانية لعرض وزير المالية محمد لوكال، لقانون المالية 2020 بحجة عدم شرعية الحكومة".
وقال بن خلاف في حديث مع "العربي الجديد" إن "أعضاء الحكومة الحالية غير شرعيين وعرضهم لمثل هكذا قوانين غير شرعي، لهذا مقاطعتنا لعرض الوزير لوكال منتظر لا سيما أن رحيل الحكومة يعد من مطالب الشعب الجزائري".