كشف مسح أجرته رويترز أن إنتاج أوبك النفطي انخفض لأدنى مستوى في خمس سنوات، إذ لم تعوض زيادة في الإمدادات السعودية الفاقد في إنتاج إيران وفنزويلا بسبب العقوبات الأميركية وتعطل الإنتاج في دول أخرى بالمنظمة.
ويُظهر المسح أن دول منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) البالغ عددها 14 ضخّت 29.60 مليون برميل يومياً في الشهر الماضي، بانخفاض قدره 170 ألف برميل يوميا مقارنة مع الرقم المعدل لإنتاج مايو/ أيار وبما يمثل أدنى مستوى لإجمالي إنتاج أوبك منذ 2014.
ويشير مسح رويترز إلى أنه على الرغم من أن السعودية تعزز الإنتاج بعد ضغوط مارسها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لخفض الأسعار، فإن المملكة ما زالت تضخ على نحو طوعي إمدادات أقل مما يسمح به اتفاق الإنتاج بقيادة أوبك لها. وجددت أوبك اتفاق الإمدادات في اجتماعات عقدتها الأسبوع الجاري.
ورغم انخفاض الإمدادات، تراجع سعر النفط الخام بعدما بلغ أعلى مستوى في 6 أشهر في إبريل/ نيسان عند ما يربو على 75 دولاراً للبرميل إلى ما دون 63 دولاراً اليوم، وذلك بفعل ضغوط تتعلق بالمخاوف بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي.
وكانت أوبك وروسيا ودول أخرى غير أعضاء في المنظمة، المجموعة المعروفة باسم "أوبك+"، قد اتفقت في ديسمبر/ كانون الأول على تقليص الإمدادات بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا بدءاً من أول يناير/ كانون الثاني هذا العام.
وتبلغ حصة أوبك من ذلك الخفض 800 ألف برميل يوميا، ويطبق التخفيضات 11 عضواً بالمنظمة وهم جميع الأعضاء باستثناء إيران وليبيا وفنزويلا. واتفقت الدول المنتجة في اجتماعات هذا الأسبوع في فيينا على تمديد الاتفاق حتى مارس/ آذار 2020.
وفي يونيو/ حزيران، كشف المسح أن الدول الإحدى عشرة الأعضاء في أوبك المقيدة بالاتفاق حققت 156% من التخفيضات المتعهد بها، بما يمثل ارتفاعا مقارنة مع مايو/ أيار بسبب تراجع الإنتاج في العراق والكويت وأنغولا. كما ضخت الدول الثلاث المعفاة من الاتفاق نفطا أقل.
وأعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات على إيران في نوفمبر/ تشرين الثاني بعد انسحابها من الاتفاق النووي المُبرم عام 2015 بين طهران وست قوى عالمية. وبهدف خفض صادرات الخام الإيراني إلى الصفر، أنهت واشنطن هذا الشهر إعفاءات من العقوبات كانت ممنوحة لمستوردي النفط الإيراني.
وانخفضت صادرت نفط إيران إلى ما يقل عن 400 ألف برميل يوميا من ما يربو على 2.5 مليون برميل يوميا في إبريل/ نيسان 2018. وفي فنزويلا، انخفضت الإمدادات على نحو طفيف في يونيو/ حزيران تحت وطأة العقوبات الأميركية المفروضة على بي.دي.في.إس.إيه الحكومية للنفط وتراجع طويل الأجل للإنتاج، بحسب المسح.
وقالت فنزويلا اليوم إن العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة تسببت في وقف عمليات إعادة تمويل الديون الخارجية وعرقلة واردات حيوية من الأغذية والأدوية وكلفتها مليارات الدولارات على صورة خسارة أصول نفطية.
وخلص المسح إلى أن من بين الدول التي ضخت المزيد من النفط، عززت السعودية الإمدادات بمقدار 100 ألف برميل يوميا إلى 9.8 ملايين برميل يوميا مقارنة مع رقم معدل لشهر مايو/أيار، ليظل إنتاج المملكة دون حصتها بموجب اتفاق أوبك البالغة 10.311 ملايين برميل يوميا.
وأظهر مسح رويترز أن إنتاج يونيو/ حزيران كان الأقل لمنظمة أوبك منذ إبريل/ نيسان 2014، مع استثناء التغييرات التي طرأت على عضوية المنظمة منذ ذلك الوقت.
ويهدف المسح إلى تتبع الإمدادات التي يجرى ضخها في السوق، ويستند إلى بيانات ملاحية تقدمها مصادر خارجية وبيانات التدفقات من "رفينيتيف أيكون" ومعلومات تقدمها مصادر في شركات النفط وأوبك وشركات استشارات.
تباين أسعار برنت والخام الأميركي
إلى ذلك، انخفضت أسعار النفط الخام القياسي الأميركي بفعل مؤشرات اقتصادية ضعيفة اليوم الجمعة، بينما صعد خام برنت بدعم من توترات بشأن إيران وقرار اتخذته أوبك وحلفاؤها هذا الأسبوع بتمديد اتفاق لخفض الإمدادات حتى العام المقبل.
وبحلول الساعة 10:13 بتوقيت غرينتش، هبط سعر برميل العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 0.48 دولار إلى 56.86 دولارا، فيما لم يكن هناك سعر للتسوية أمس بسبب عطلة عيد الاستقلال في الولايات المتحدة. وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت لشهر أقرب استحقاق أكثر من دولار إلى 64.42 دولارا.
ويتجه الخام الأميركي وخام برنت صوب تسجيل أكبر انخفاض أسبوعي في 5 أسابيع.
وفي الحرب التجارية المستمرة منذ فترة طويلة بين الولايات المتحدة والصين والتي قلصت آفاق النمو الاقتصادي العالمي والطلب على النفط، يستأنف ممثلون عن البلدين محادثات الأسبوع المقبل لإنهاء المأزق الذي وصلت إليه المفاوضات.
وفي الولايات المتحدة، أظهرت بيانات حكومية يوم الأربعاء انخفاض الطلبيات الجديدة لسلع المصانع الأميركية للشهر الثاني على التوالي في مايو/ أيار، ما يؤجج مخاوف اقتصادية.
وأعلنت إدارة معلومات الطاقة الأميركية يوم الأربعاء عن انخفاض أسبوعي لمخزونات الخام قدره 1.1 مليون برميل، وهو ما يقل كثيرا عن تراجع قدره 5 ملايين برميل أعلنه معهد البترول الأميركي في وقت سابق من الأسبوع ويأتي دون توقعات المحللين.
وتتلقى الأسعار الدعم من التزام كبار مصدري النفط في العالم هذا الأسبوع بخفض الإنتاج، فيما يُقدم التوتر المستمر في الشرق الأوسط دعماً محدوداً للأسعار، لا سيما بعدما احتجز مشاة البحرية الملكية البريطانية ناقلة نفط إيرانية عملاقة في جبل طارق أمس الخميس لمحاولتها شحن النفط إلى سورية، في انتهاك لعقوبات الاتحاد الأوروبي، وهي خطوة أثارت غضب طهران وقد تصعد المواجهة بينها وبين الغرب.
(رويترز)