مصرف لبنان يحصر سداد التحويلات غير المصرفية بالليرة فقط

14 يناير 2019
من الاحتجاجات أمام "المركزي" الشهر الماضي (فرانس برس)
+ الخط -

أصدر حاكم مصرف لبنان (المركزي)، رياض سلامه، اليوم الإثنين، قراراً يتعلق بالعمليات المالية والمصرفية بالوسائل الإلكترونية، ألزم بموجبه المؤسسات غير المصرفية كافة التي تقوم بعمليات التحويلات النقدية بالوسائل الإلكترونية، أن تسدد قيمة التحاويل النقدية الإلكترونية الواردة إليها من الخارج بالليرة اللبنانية حصراً.

والمقصود مباشرة بهذا التدبير هي مؤسسات تحويل الأموال، وفي صدارتها "ويسترن يونيون" و"موني غرام" و"أو.إم.تي".

قرار مصرف لبنان أثار البلبلة اليوم لتضمّنه خطأ عمَد البنك إلى تصحيحه لاحقاً، باعتبار أن النسخة الأولى من قراره فرضت على "المؤسسات كافة"، ما أوحى بمنع تسليم التحاويل القادمة من الخارج بالدولار إلا بالليرة حتى لو كانت العملية تتم عبر القنوات المصرفية، إلا أن التوضيح اللاحق ألزم فقط "المؤسسات غير المصرفية كافة"، وهو ما هدأ الأوساط المالية والمصرفية في البلاد.

رئيس دائرة الأبحاث والتحاليل الاقتصادية في مجموعة "بنك بيبلوس"، نسيب غبريل، قال لـ"العربي الجديد"، أن الهدف الأساسي من القرار، بحسب معلومات مؤكدة، يرتبط مباشرة بالمعايير الدولية لمكافحة تبييض الأموال أكثر مما له علاقة بسيولة الدولار، في حين قالت مصادر مصرفية لـ"العربي الجديد" أن الهدف من خطوة مصرف لبنان "تخفيف الطلب على الدولار وتشجيع استخدام العملة الوطنية". لكنه أكد في الوقت ذاته 

المصادر إيّاها قالت لـ"العربي الجديد" إن قرار المصرف المركزي يطاول تحويلات المغتربين اللبنانيين في الخارج الواردة إلى لبنان عبر ويسترن يونيون وغيرها من مؤسسات تحويل الأموال، لكنها بطبيعة الحال لن تطاول تحويلات المغتربين الأجانب العاملين في لبنان لأنهم لا يستطيعون التحويل إلى الخارج إلا بالعملة الأجنبية".

كما قالت المصادر إن القرار الجديد يوحي بأن المصرف المركزي يريد من الكتلة الدولارية أن تكون في النظام المصرفي بشكل أساسي، لا أن تبقى في تداولات الأسواق، بما يخفف الطلب على العملة الأميركية لمصلحة الليرة اللبنانية، في وقت تتراجع كمية الدولارات القادمة من الخارج إلى لبنان.

وأوضحت المصادر المصرفية أيضاً أن "المركزي" يتجنّب زيادة الفوائد على الودائع المصرفية، لتشجيع استقدام الدولار من الخارج، وقد لجأ بدلاً من ذلك إلى قرار يخفف استعمال الدولار.

وتلفت المصادر إلى أن تراجع الدولارات القادمة من الخارج إلى لبنان، بموازاة لجوء العديد من رجال الأعمال اللبنانيين، إلى سحب الدولارات من السوق المحلية لاستثمارها في مشاريع خارج البلد، قد أدى إلى تخفيف السيولة الدولارية، مع أن الدافع للاستثمار في الخارج ناتج من مصلحة لرجال الأعمال وليس بدافع الخوف من الاستثمار داخل البلد.

ويُلاحظ منذ مدة أن المصارف ترفض تحويل ودائع الليرة إلى الدولار فوراً بناء لطلب المودعين، بل تقبل بالتحويل لكن بعد ثلاثة أشهر أو ستة أو غير ذلك بالاتفاق مع صاحب العلاقة، منعاً لإحداث نقص مفاجئ في السيولة الدولارية المُتاحة لديها.

والواقع أن البلبلة التي شهدها لبنان صباح اليوم نتيجة "الخطأ الفني" الوارد في الصيغة السابقة لقرار مصرف لبنان تأتي بعد أيام قليلة من حديث لوزير المالية علي حسن خليل عن نية "إعادة هيكلة الدين العام"، عرّضه لانتقادات حادة حتى من قبل المسؤولين اللبنانيين، قبل أن يضطر للتوضيح أن المقصود بتصريحه جملة إصلاحات مالية من بينها "إعادة جدولة الدين العام".

في السياق، أوضح غبريل الفارق بين الأمرين، بالقول إن إعادة الهيكلة تعني أن البلد لم يعُد قادراً على سداد ما يستحق عليه من أقساط الديون وخدمتها، وتُنبئ حاملي سندات الديون الحكومية بأنهم يجب أن يستعدوا لخسارة نسبة من الفائدة وقسم من رأس المال، في حين أن إعادة الجدولة تعني مجرّد تطويل آجال سداد أقساط الديون المستحقة من دون تغيير في الفوائد.

على صعيد آخر، حذر وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، دافيد هيل، اليوم الإثنين، من خطورة التأخير في تشكيل الحكومة اللبنانية على اقتصاد البلد الصغير بعد أكثر من 7 أشهر من المشاورات الصعبة.

وخلال لقائه رئيس الحكومة المكلف تشكيل حكومة جديدة، سعد الحريري، في بيروت، قال هيل إن "المجتمع الدولي يراقب عن كثب وضع الحكومة اللبنانية"، مشيراً إلى أن "هناك إصلاحات حاسمة تتراجع، فيما العوائق تثقل على الاقتصاد مما يعرض البلاد للخطر".

ودعا حكومة تصريف الأعمال برئاسة الحريري إلى "المضي قدماً حيث يمكنها، خاصة على صعيد الاقتصاد، لتجنّب مزيد من الضرر والحفاظ على الثقة الدولية".
المساهمون