تركيا تستثمر انخفاض عملتها لزيادة الصادرات

07 يونيو 2020
تركيا تعوِّل على السياحة لزيادة النقد الأجنبي (Getty)
+ الخط -
توقع خبراء اقتصاد أن تسجل الليرة التركية استقراراً خلال الفترة المقبلة، بدعم تماسك الاقتصاد رغم تداعيات تفشي فيروس كورونا الجديد، الذي أضرّ بالكثير من الاقتصادات العالمية خلال الأشهر الأخيرة، مشيرين إلى أن الانخفاض الذي شهدته العملة في الفترة الأخيرة يمكن استثماره على صعيد زيادة الصادرات.

وتعرضت الليرة للكثير من التذبذب، منذ هزّتها الكبرى خلال الانقلاب الفاشل منتصف عام 2016، وكذلك عند حدوث توترات سياسية مع الولايات المتحدة قبل نحو عامين، ليرى محللون اقتصاديون أن الاستهداف الخارجي للعملة هو الأكثر تأثيراً في تذبذبها وتراجع سعرها، وهو ما أشار إليه رئيس هيئة التنظيم والرقابة المصرفية محمد علي أقبن أخيراً، كاشفاً عن أن ثلاثة بنوك مقرّها لندن تستهدف الليرة عبر شراء الدولار من السوق لزيادة الخلل بالعرض والطلب.

لكن أستاذ المالية في جامعة باشاك شهير التركية، فراس شعبو، يقول لـ"العربي الجديد" إن هناك أسباباً أخرى دفعت الليرة نحو التقلب، مشيراً إلى زيادة تدخل الدولة في السياسة النقدية وسعر الفائدة على وجه التحديد الذي جرى خفضه خلال عام من 24 في المائة إلى 8.25 في المائة، معتبراً أن تدخل الساسة في الاقتصاد غير محمود ولا يمنح الرساميل طمأنة.

ويضيف شعبو أن ثمة استهدافاً بلا شك للعملة، استغلته دول إقليمية كالإمارات وأوروبية وفي مقدمتها بريطانيا، لكن هناك عوامل أخرى منها توقف السياحة في ظل جائحة كورونا، وهو قطاع حيوي تعتمد عليه تركيا في جذب النقد الأجنبي.

وفي مقابل القلق من تداعيات تذبذب سعر الصرف، يرى مختصون في الشأن الاقتصادي أنه يمكن تركيا أن تستفيد من تراجع سعر الليرة عبر زيادة الصادرات وزيادة الجذب السياحي.

ويقول المحلل الاقتصادي التركي، يوسف كاتب أوغلو، إن تذبذب العملة التركية طبيعي، لأنها تعتمد على الاقتصاد الحر، وتعرضت تجارتها وسياحتها لضائقة خلال الأشهر الأخيرة، لكن وصول سعر الليرة مقابل الدولار إلى أكثر من 7 ليرات قبل نحو أسبوعين، كان بسبب مضاربات مباشرة من مؤسسات مالية غربية، ما دفع تركيا، ممثلة بهيئة الرقابة المصرفية، إلى إلغاء تراخيص لمصارف تلاعبت في السوق، وبمجرد إلغاء التراخيص وبعض الإجراءات، تحسنت العملة وعادت إلى ما دون 7 ليرات للدولار.

ويرى كاتب أوغلو في حديث لـ"العربي الجديد" أن بلاده ستستثمر تراجع سعر الصرف عبر زيادة الصادرات، خاصة أنها كانت الأقل تأثراً بين مجموعة العشرين خلال وباء كورونا، وذلك بدليل النمو الاقتصادي الذي تعدى 4.5 في المائة، فيما سجلت الدول الصناعية انكماشاً.

وتوقع أن تستقر الليرة عند نحو 6.5 ليرات للدولار، خاصة بعد المعاملات التجارية مع الدول الصديقة بالعملات المحلية وتوقعات عودة السياحة والصادرات خلال النصف الثاني من العام الجاري.

ووصل سعر صرف الليرة في نهاية تعاملات يوم الجمعة الماضي إلى نحو 6.75 ليرات للدولار. 

كان البنك المركزي التركي قد أعلن نهاية مايو/ أيار الماضي أنه زاد حجم اتفاق مبادلة عملة مع قطر لثلاثة أمثاله، إلى ما يعادل 15 مليار دولار من عملتي البلدين، مقابل 5 مليارات دولار قبل نحو عامين.

وتدعو تركيا منذ أعوام إلى إجراء التبادلات التجارية بالعملات المحلية، إذ أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2017 أن تركيا وإيران قررتا التعامل بالعملات المحلية في علاقاتهما الاقتصادية بهدف التخلص من ضغوط العملات الأجنبية، ليوسع دعوته لمجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية "تركيا وإيران وباكستان وبنغلادش وماليزيا وإندونيسيا ومصر ونيجيريا" إلى استخدام العملات المحلية في التبادلات التجارية. 

وعادت تركيا في الأول من يوليو/ تموز الجاري، تدريجاً إلى الحياة الطبيعية، بعد تراجع الإصابات والوفيات بفيروس كورونا، وإغلاق لنحو شهرين، لمنشآتها السياحية ومراكز التسوّق الكبرى وفرض قيود على حظر التجول والتنقل بين الولايات.

ووفق مصادر رسمية، فإن إيرادات السياحة تراجعت بنسبة 11.4 في المائة خلال الربع الأول من العام الحالي إلى 4.1 مليارات دولار، بسبب الإغلاقات العالمية والمحلية، بينما تعوّل الدولة على استقطاب 52 مليون سائح هذا العام، ضمن خطتها التصاعدية لجذب 75 مليون سائح وإيرادات بنحو 65 مليار دولار عام 2023.

وقال الرئيس التركي خلال افتتاحه مشفى في إسطنبول، الأحد الماضي، إن لبلاده الأفضلية في أخذ مكانة متقدمة عالمياً، بعد إعادة هيكلة الاقتصاد العالمي، في الفترة التي تلي وباء كورونا.

وأشار رئيس غرفة تجارة إسطنبول، شكيب أوداغيتش، خلال لقاء تلفزيوني، أمس، إلى أن بلاده مقبلة على مرحلة جديدة تُكثَّف فيها التحفيزات من أجل زيادة الإنتاج المحلي وحجم الصادرات.

المساهمون