تونس: الديون تهدّد شركة الكهرباء وتوجه نحو الطاقة المتجدّدة

31 مارس 2019
ديون شركة الكهرباء تقترب من نصف مليار دولار(Getty)
+ الخط -

 

اتجهت تونس إلى الاستفادة من الطاقات المتجددة للحد من الأزمات المالية الحادة التي تعاني منها شركة الكهرباء والغاز الحكومية، بعدما بلغت ديونها لدى عملائها أرقاما قياسية فاقت 1.4 مليار دينار (نحو 466 مليون دولار)، الأمر الذي يهدّد بدخول الشركة في أزمة كبيرة خلال الفترة المقبلة.

وأكد مدير عام الكهرباء والطاقات المتجددة بوزارة الصناعة بلحسن شيبوب، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أهمية الطاقات المتجددة في خفض كلفة إنتاج الكهرباء مقارنة بالطرق التقليدية.

وأشار إلى أن شركات الطاقة التي حصلت أخيرا على تراخيص العمل عرضت على الدولة بيع سعر الكيلوواط من الكهرباء بـ 130 مليما، مقابل 180 مليما سعر الكهرباء المنتجة من مواد الطاقة التقليدية على مستوى المحطة (دون كلفة النقل والتوزيع).

وقال شيبوب إن تنويع مصادر إنتاج الكهرباء عبر طاقتي الشمس والرياح يمثل متنفسا لشركة الكهرباء الحكومية التي تعاني من صعوبات مالية، موضحا أن كل كميات الطاقة المنتجة من قبل القطاع الخاص ستقتنيها شركة الكهرباء والغاز الحكومية، وأنها ستعوّض جزءا من التيار المولّد من الغاز الطبيعي.

وأفاد بأنه لا نيةّ للحكومة في تفويت (بيع) قطاع الكهرباء، مؤكدا أن تونس فتحت منذ سنة 1996 منافذ لإنتاج الكهرباء عن طريق القطاع الخاص ولكنها تحتفظ بخدمتي النقل والتوزيع اللتين تؤمنهما الشركة الحكومية.

وأضاف شيبوب أن الدولة تدعم سعر الكهرباء المنزلي بنحو 30 بالمائة، مشيرا إلى أنه لا نية للحكومة لرفع الدعم عن الكهرباء المنزلية.

وأكد أن الحكومة ستواصل إسناد شركة الكهرباء الحكومية بهدف تحسين وضعها المالي، نافيا أي نية حاليا لزيادة سعر الكهرباء لعدم قدرة الطبقات الضعيفة والمتوسطة على تحمّل التعرفات في حال تطبيق "حقيقة التعرفات".

وأخيرا منحت وزارة الصناعة والطاقة الموافقة المبدئية لستة مشاريع لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية بقدرة 60 ميغاواط وذلك في إطار نظام التراخيص المعتمد.

وقال وزير الصناعة والطاقة سليم الفرياني، إن هذه المشاريع تندرج في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص والشراكة مع البلدان الأوروبية والآسيوية وأن قيمتها تقدر قيمتها بحوالي 125 مليون دينار، وستدخل حيز الإنتاج في سنة 2020 في 4 محافظات.

وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تقليص الطلب على الطاقة التقليدية بنسبة 30 بالمائة وزيادة حصة الطاقات المتجددة بالنسبة نفسها تقريباً، خلال الفترة المقبلة.

ويمثل خفض كلفة الإنتاج أحد أبرز الأهداف التي تشتغل عليها الشركة الحكومية بغاية الحفاظ على استقرار توازناتها المالية التي تأثرت بزيادة السعر العالمي للطاقة من جانب وارتفاع ديونها لدى العملاء من جانب آخر.

وتشكو الشركة الحكومية من ارتفاع ديونها لدى العملاء، وفق الكاتب العام للجامعة العامة للكهرباء والغاز عبد القادر الجلاصي، الذي قدر المبلغ الإجمالي للديون غير المستخلصة بأكثر من 1.4 مليار دينار.

وقال المسؤول النقابي إن الديون تهدّد بشكل جدي توازنات الشركة وأداءها، مؤكدا أنها تعمل على استعادة جزء من الديون لدى المؤسسات الحكومية (البلديات والمستشفيات والمدارس).

وأضاف الجلاصي لـ"العربي الجديد"، أن تعثر تحصيل الديون لفترات طويلة زاد من الصعوبات المالية للشركة، ما دفعها إلى اللجوء لقطع الكهرباء عن العملاء بكافة شرائحهم بما في ذلك المنشآت الحكومية والصناعيين، الذين هدّدوا في الآونة الأخيرة بالامتناع عن التسديد بسبب احتجاجهم على ارتفاع التعرفة.

بدورها، حذّرت شركة الكهرباء والغاز من أن بداية إبريل/ نيسان القادم سيكون آخر أجل إمهال لسداد فواتير الاستهلاك غير المسددة من طرف عملائها العموميين والخواص، قبل لجوء مصالحها بعد هذا التاريخ لاتخاذ الإجراءات اللازمة وقطع التيار.

وكشف تقرير للبنك الدولي صدر في شهر فبراير/ شباط الماضي، تقدم تونس من حيث مؤشرات الطاقة المستدامة، حيث وصلت إلى المرتبة الـ17 عالمياً، بين 132 دولة، منتزعة السبق العربي من الإمارات، التي جاءت في المرتبة الـ29 عالمياً، ومتفوقة على كثير من الدول المتقدمة، مثل النرويج والسويد واليابان.

وقال التقرير: لا تزال تونس هي البلد العربي الوحيد الذي تظهر مؤشراته أداءً قوياً في تعزيز كفاءة الطاقة منذ التقرير السابق، كما تدل على دعمه المتزايد للطاقة المتجددة.

وأشار أحدث إصدار من تقارير "المؤشرات التنظيمية للطاقة المستدامة" إلى حصول تقدم ملحوظ في سياسات قطاع الكهرباء في تونس، ما جعلها ضمن الدول العشرين الأفضل عالمياً.

وتقدر احتياجات البلاد من الكهرباء، بحسب آخر بيانات لوزارة الصناعة، بـ 18 ألف غيغاواط من الكهرباء، وتوزع هذه الاحتياجات بين الاستهلاك العائلي والاستهلاك الصناعي ذي الضغط العالي الذي لا يتمتع بأي دعم حكومي بعدما دعا صندوق النقد الدولي تونس إلى رفع هذا الصنف من الدعم عن الصناعيين في إطار خطة لخفض نفقات الطاقة.

المساهمون