مع تفشي فيروس كورونا حول العالم، وإعلان تسجيل أول حالة في اليمن لمحافظة حضرموت الجنوبية، في 10 إبريل/ نيسان، اتخذت السلطات الحكومية الشرعية، وحكومة الإنقاذ التابعة للحوثيين في صنعاء، إجراءات وقائية ضد انتشار الوباء، فجاء منع الحفلات الثقافية والفنية وحفلات الأعراس، تفادياً للتجمعات التي تدخل في إطار الحظر الوقائي.
إلا أن تلك التدابير ضاعفت من معاناة المواطنين، حيث توقفت غالبية الأعمال ما انعكس سلباً على مصوّرات الأفراح في صنعاء وأجبرهن على المكوث في المنازل، خصوصاً أن معظمهن يعتمدن على التصوير كمصدر وحيد لإعالة أسرهن، الأمر الذي يفاقم دائرة البطالة بعد 5 سنوات من حرب أجبرت الكثير من الأسر اليمنية على النزوح بحثاً عن ملجأ آمن.
المصورة شذى محمد تقول، لـ"العربي الجديد"، إنها تعمل في تصوير السيدات في حفلات الزفاف والجلسات الخاصة، وهذا مصدر دخلها الوحيد الذي ساعدها على مواصلة دراستها وتخفيف الأعباء عن أسرتها، "لكن كورونا قضى على كل شيء، فتوقف الحفلات يعني انعدام مصادر الدخل ويجعلنا أمام معضلة صعبة، فالكثير ممن كانوا قد حددوا مواعيد زفافهم واحتفالاتهم ألغوا المواعيد، فيما أرجأ البعض الآخر مناسباتهم ما ألزمهم بإعادة العربون إلى أصحابه".
والعربون مبلغ يدفع سلفاً بعد الاتفاق على العمل، وهو مبلغ دفعته عروس لشذى محمد من أجل تأكيد الحجز، لكن المصورة وقعت في حرج شديد عندما أُلغيت المناسبة لأنها كانت قد صرفت المال وعجزت عن سداده، فاضطرت للاقتراض من إحدى زميلاتها، وتكررت هذه الحالة مع عدد الزبائن.
في السياق عينه، تقول المصورة نرمين عارف، لـ"العربي الجديد"، إنه مع استمرار المعارك المسلحة واستهداف الأحياء السكنية وقصف طيران التحالف السعودي - الإماراتي المنزل المجاور لبيتها، اضطرت إلى النزوح من الحُديدة إلى العاصمة صنعاء لتبدأ العمل بالتصوير لإعالة أسرتها، خصوصاً بعد انقطاع راتب أبيها، لكن تفشي فيروس كورونا وإغلاق صالات الأعراس جعلها تلتزم بيتها فحُرمت من رزقها.
وتشير نرمين إلى أن "تأثير قرارات إغلاق صالات الأعراس والاحتفالات ظهر جلياً علينا في الأسبوع الأول من الإجراءات، وإذا مُدّدت القرارات أكثر فستفقدنا دخلنا الوحيد".
وفضلاً عن الحرب المستمرة في بلادهم منذ نحو خمس سنوات، يواجه اليمنيون شبحاً آخر بدأ يجردهم مما تبقى من مصادر رزق، في ظل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة اليمنية أو الحوثيون في المناطق الخاضعة لسيطرتهم لمكافحة انتشار فيروس كورونا، وشملت تعطيل العمل في مختلف الأنشطة مع استثناءات محدودة.
ودفعت هذه الإجراءات عدداً من الموظفين والعمال إلى رصيف البطالة والبقاء في المنازل في ظروف معيشية صعبة، بسبب عدو مجهول عجزت جميع دول العالم عن مكافحته ومواجهته.
وفاقمت الحرب التي دخلت عامها السادس أعداد الفقراء، الذين وصلت نسبتهم وفق تقرير صادر عن الأمم المتحدة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إلى 75% من السكان، مقارنة بنحو 47% قبل بدء الحرب.