مؤشر داو جونز الأميركي يتجاوز 24 ألف نقطة بدعم من الإصلاح الضريبي

01 ديسمبر 2017
داو جونز يحتفل بالكريسماس والارتفاع القياسي (Getty)
+ الخط -
بعيداً عن قرع طبول الحرب، سواء مع كوريا الشمالية أو إيران، وبينما أغلب الدول العربية مشغولة في صراعات، إما داخلية أو إقليمية أو طائفية، ودول أوروبا تحاول الوصول لأفضل صفقة لانفصال بريطانيا عنها، واصل مؤشر" داو جونز" للأسهم الأميركية ارتفاعه، ليتجاوز 24000 نقطة لأول مرة في تاريخه خلال الساعات الأولى من تعاملات الخميس.
وأغلق المؤشر، الذي استخدم أول مرة قبل 132 سنةً، والذي يشمل 30 من أهم وأكبر الشركات الأميركية، تعاملات الخميس بارتفاع يقدر بـ 308 نقط تقريباً أو 1.29%، ليصل إلى مستوى 24.272.
كما ارتفع مؤشر "إس آند بي 500" بحوالى 21 نقطة (0.82%)، ليصل إلى مستوى 2.467، بينما ارتفع مؤشر ناسداك بحوالى 47 نقطة (0.7%)، ليصل إلى مستوى 6872 نقطة.

وقال توم مارتن، كبير مديري المحافظ في "غلوبال إنفستمنتس" في الوقت الحالي، يدفع عاملان الأسواق إلى أعلى. بيانات اقتصادية جيدة، والتطورات على صعيد مشروع قانون الإصلاح الضريبي.
وكانت وزارة العمل الأميركية قد أصدرت قبل يومين بيانات توضح زيادة إنفاق المستهلكين في شهر أكتوبر/تشرين الأول بمقدار 0.3%، بينما زادت رواتبهم بمقدار 0.4%، وفي ذلك إشارة إلى قوة دفع الاقتصاد في الربع الرابع من العام.

كما أشار تقرير آخر إلى انخفاض أعداد طالبي معونات البطالة، وهو ما يوضح قوة سوق العمل الأميركية.
وفي نفس الوقت زادت التكهنات يوم الخميس بتحقيق تقدم على صعيد تمرير قانون الإصلاح الضريبي الجديد، خاصة بعد إعلان النائب الجمهوري، جون ماكين، تأييده لمشروع القانون، وهو ما زاد من احتمالات تمريره داخل مجلس الشيوخ.
وجاء الارتفاع الأخير للمؤشر، مدفوعاً بقطاع الطاقة على خلفية وصول دول أوبك إلى اتفاق مبدئي لمد صفقة خفض إنتاج النفط الخام. وارتفع سهم إكسون موبيل الخميس بمقدار 1.25% ليصل إلى 83.29 دولاراً، بينما ارتفع سهم شيفرون بمقدار 1.55%، ليصل إلى 118.99 دولاراً.

كما ارتفعت أسهم البنوك مع الاقتراب من موعد اجتماع لجنة السوق المفتوحة FOMC في 12-13 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، والذي يتوقع فيه على نطاق واسع رفع سعر الفائدة على الدولار بمقدار 25 نقطة أساس على الأقل. وعادة ما يؤدي رفع أسعار الفائدة إلى زيادة أرباح البنوك، حيث تستطيع تحقيق عوائد أعلى على القروض الممنوحة للعملاء في الحال، بينما تتباطأ في رفع أسعار الفائدة المدفوعة للمودعين.
وقد ارتفع سهم مجموعة "غولدمان ساكس" بنهاية تعاملات الخميس بمقدار 2.6% ليصل إلى 247.64 دولاراً، ما جعله من أهم المساهمين في ارتفاع قيمة المؤشر.
وقال مايكل تومسون، الرئيس التنفيذي لشركة "إس آند بي غلوبال ماركت إنتلجنس": " أعتقد أن تقييمات الأسهم يمكن أن تذهب أعلى من ذلك، وأي تصحيح سيكون تبادل أدوار بين القطاعات المختلفة، إلى أن تتغير العوائد فيها".

وساعدت وعود الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بتخفيض الضرائب على أرباح الشركات، بالإضافة إلى إصلاحات أخرى في صالح تحسين بيئة عمل الشركات الأميركية، على وصول مؤشرات الأسهم الأميركية إلى مستويات قياسية بصورة متكررة خلال عام 2017.
وارتفع مؤشر داو جونز بما يقرب من ستة آلاف نقطة منذ انتخاب ترامب، أي حوالى 30% من قيمة المؤشر، وتحقق ما يزيد عن الألف نقطة الأخيرة في شهر نوفمبر/تشرين الثاني وحده، وهو الشهر الذي زادت فيه التكهنات بإمكانية إقرار قانون الإصلاح الضريبي الجديد قبل نهاية العام، وجاء هذا القانون على رأس وعوده الانتخابية قبل الوصول للبيت الأبيض.

وغرد ترامب على تويتر قائلاً إنه "لو فاز الديمقراطيون في الانتخابات الرئاسية، لكانت السوق أقل بخمسين بالمائة من المستويات الحالية".
وقبل أيام، توقع بعض المحللين الاستراتيجيين في بنك "مورغان ستانلي" في ورقة بحثية، أعدها مايكل ويلسون، آدام فيجادامو، وتود كوستانيو، أنه "في المجمل، فإن تخفيض الضرائب على الشركات لتصبح 25%، سيؤدي إلى زيادة 3% في توقعات أرباح تلك الشركات".

ويقول جي جي كيناهان، كبير محللي استراتيجيات الأسواق في شركة "تي دي أمريتريد"، "إن مشروع قانون الإصلاح الضريبي هذا لا يتعلق فقط بتخفيض محتمل للضرائب، لكنه أيضاً عامل نفسي يؤكد أن الكونغرس يمكنه إنجاز بعض الأشياء".
أما غاري شيلينج، رئيس شركة "غاري شيلينج وشركاه" للاستشارات، فيقول إن "أسهم البنوك أيضاً استفادت من اتجاه الإدارة الأميركية الحالية لتخفيف القيود على البنوك، وأيضاً من إلغائها المكتب الذي كان يمكن العملاء من مقاضاة البنوك".

ويتوقع كثير من المحللين أن تمتد مكاسب مؤشرات الأسهم خلال عام 2018، حيث يقول سام ستوفال، كبير استراتيجيي الاستثمار في شركة "سي إف آر إيه" للأبحاث: "يشعر المستثمرون بأن أمامهم فرصة ذهبية". ويضيف "حتى تظهر دلائل تشير إلى أن هذا الاقتصاد من المرجح أن يموت، فإن شراء الأسهم سيبقى هو القرار السليم".
لكن بنك مورغان ستانلي لا يتوقع أن تستمر المكاسب بنفس القوة خلال العام القادم، حيث قال البنك في تقرير صدر مؤخراً إنه "في حين حقق المستثمرون عوائد استثنائية في عام 2017، فمن المرجح أن تنخفض هذه الوتيرة في 2018، مع وصول الأرباح لذروتها في الوقت الحالي". وتوقع بنك الاستثمار أن يؤدي التباطؤ في الأرباح "حتماً إلى جلب بعض الحرقة للمستثمرين".

وأيد محللو بنك الاستثمار "غولدمان ساكس" هذا الاتجاه، حيث كتبوا في مذكرة لعملائهم مؤخراً أن "كل الأشياء السعيدة يكون لها نهاية". لكن ستوفال يقول إن "الأسواق الصاعدة لا تموت من الشيخوخة، لكنها تموت من الخوف، وأهم ما يخشون الآن هو الركود".
وينحاز المحللون في شركات الاستثمار والبنوك غالباً إلى صعود الأسواق. وتاريخياً، ومنذ عام 1999، لم يتنبأوا أبداً - وفقاً لتحليل صادر مؤخراً عن وكالة بلومبيرغ - بتراجع سوق الأسهم في الولايات المتحدة، وبدلاً من ذلك توقعوا تحقيق مكسب سنوي متوسط قدره 9٪ خلال هذه الفترة.

ولم تتحقق تلك التوقعات بالطبع في كل السنوات، وكانت هناك حالة سيئة جداً في عام 2008، عندما انخفض مؤشر "ستاندرد آند بورز 500 " بنسبة 39٪، بينما كان متوسط التوقعات وقتها هو تحقيق مكسب بنسبة 11٪.
ومن ضمن 35 مؤشراً لأكبر أسواق الأسهم حول العالم، حققت مؤشرات 50% منها على الأقل خلال العام الجاري 2017 مستويات تاريخية لم يتم الوصول إليها من قبل. ويمثل أداء العام الجاري أفضل صعود جماعي لمؤشرات البورصات العالمية منذ عام 2007.

ولكن، وحسب رويترز، سجلت أسهم القطاع المالي الأوروبي أداء ضعيفاً في التعاملات المبكرة أمس، بعدما أدى تأجيل تصويت على إصلاح ضريبي في الولايات المتحدة إلى تقويض موجة صعود في القطاع، مما دفع المؤشرات الرئيسية في المنطقة للانخفاض في مستهل تعاملات ديسمبر/كانون الأول.
ونزل مؤشر أسهم منطقة اليورو 0.6% بينما تراجع مؤشر "فايننشال تايمز 100" البريطاني، الذي عانى من قوة الإسترليني هذا الأسبوع،الذي ارتفع بنسبة 0.1%.

وشكلت أسهم القطاع المالي أكبر ضغط على السوق الأوروبية. وكان المستثمرون يتوقعون ارتفاع قطاع البنوك الأوروبية في حال إجازة مشروع قانون الضرائب في أميركا.


المساهمون