بنوك غزة تعاني نقصاً في الدولار الأميركي

20 ابريل 2016
آلاف الموظفين يتقاضون أجورهم بالدولار الأميركي (فرانس برس)
+ الخط -
عادت أزمة نقص الدولار في البنوك العاملة في قطاع غزة إلى الظهور مجدداً بعد عامين من اختفائها، حيث يضطر الموظفون الذين يتلقون رواتبهم بالعملة الأميركية إلى تقاضيها بالشيكل الإسرائيلي، وبأقل من قيمته في السوق المتداولة محلياً.
وكشفت مصادر مصرفية، لـ "العربي الجديد"، أن البنوك تواجه عجزا كبيرا للغاية في السيولة الخاصة بالدولار الأميركي، نتيجة الشح الكبير من خزائنها خلال الأسبوعين الماضيين، ولجوء الكثير من هذه البنوك إلى محال الصرافة وبعض التجار لسد الأزمة ولو بشكل بسيط.
وتقول المصادر، التي رفضت الإفصاح عن هويتها، إن الأسباب الحقيقية وراء هذه الأزمة هي تحويل جزء كبير من عملة الدولار الموجودة في البنوك العاملة في قطاع غزة إلى الضفة الغربية خلال الفترة الماضية، دون العمل على سد حاجة المصارف الغزية.
وتشير إلى أن الأزمة شهدت ارتفاعاً كبيرا بسبب تسارع الكثير من المواطنين والتجار إلى سحب ودائعهم من البنوك في غزة، خشية من تفاقم الشحة الدولارية خلال الفترة المقبلة، إلا أن بعض المصارف رفضت صرفها لهم ولجأت إلى طرق بديلة.
وتوضح المصادر أن المصارف لجأت إلى خفض سعر الصرف الرسمي، المحدد من قبل سلطة النقد الفلسطينية، من أجل الحد من حركة سحب عملة الدولار، كونها إحدى أهم العملات الأجنبية المتداولة في القطاع.
في تلك الأثناء، يقول الخبير الاقتصادي، نهاد نشوان، إن أزمة السيولة الحالية تعتبر الأولى من نوعها، منذ أن توقفت حركة التجار بين مصر والقطاع عبر الأنفاق الأرضية جراء هدم الجيش المصري غالبية الأنفاق، التي شكلت شريان الحياة للاقتصاد الغزي.
ويوضح نشوان لـ "العربي الجديد" أن الحصار الإسرائيلي، المفروض على القطاع منذ عشر سنوات، لعب دوراً كبيراً في غياب السيولة الأجنبية من المصارف والبنوك العاملة في غزة، وهو ما أسهم في عدم دخول العملات عبر المعابر الرسمية.


ويؤكد الخبير الاقتصادي أن أصحاب الودائع والتجار والموظفين، الذين يتعاملون بالدولار الأميركي، هم الفئة الأكثر تضرراً من الأزمة الحالية بفعل غياب السيولة ومحاولة البنوك معالجتها بطرق بديلة أخرى لا تساهم في حل الأزمة.
ويشير نشوان إلى أنّ إقدام البنوك على صرف رواتب الموظفين، أو ودائع التجار، بالشيكل الإسرائيلي يساهم في تحقيقها أرباحاً مالياً، بسبب الفوارق المالية بين العملتين، فضلاً عن صرفها بسعر أقل مما هو معتمد من قبل سلطة النقد.
ويؤكد نشوان على ضرورة تدخل سلطة النقد والعمل على توفير عملات أجنبية، وعلى رأسها الدولار، للبنوك العاملة في غزة من أجل الحفاظ على القطاع المصرفي وضمان حقوق آلاف المواطنين المالية، والذين يتقاضون رواتبهم بهذه العملات.

وسبق أن تعرض القطاع، المحاصر إسرائيلياً منذ فوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية عام 2006، للعديد من الأزمات المرتبطة بالسيولة في العملات الأجنبية، وبشكل خاص الدولار بفعل قلة توريده إلى القطاع، نتيجة الرفض الإسرائيلي.
ويقول أستاذ علم الاقتصاد في جامعة الأزهر في غزة، معين رجب، إن الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع يسهم بشكل كبير في أزمة السيولة ونقص العملات، بسبب قلة حركة التوريد لغزة مقارنة مع حالة الانفتاح في الضفة الغربية.
ويؤكد رجب لـ"العربي الجديد" أنّ تأثيرات الأزمة المالية ونقص عملة الدولار من الأسواق الغزية يؤثر بشكل كبير على المواطنين والتجار المتعاملين بهذه العملة.
ويشدد أستاذ علم الاقتصاد على ضرورة تدخل السلطة الفلسطينية لدى البنك المركزي الإسرائيلي والضغط عليه، من أجل توريد كميات من العملات الأجنبية والسيولة إلى القطاع.
ويلفت إلى أن سلطة النقد، التي تعتبر بمثابة البنك المركزي الفلسطيني، لا بد من أن تتخذ سلسلة من الخطوات تعمل من خلالها على ربط البنوك الغزية ببعضها البعض، من أجل تبادل العملات الأجنبية الفائضة لدى البعض إلى من يعاني من عجز.
في هذه الأثناء، تعزو سلطة النقد الفلسطينية شح عملة الدولار في قطاع غزة إلى "الحصار الإسرائيلي المشدد"، مشيرة إلى أنّ الحصار المشدد والتحكم في المعابر وما هو مسموح بإدخاله من الجهات الإسرائيلية، وازدياد الطلب على العملة الأميركية، أمور تسببت في نقص العملة.
وتشير سلطة النقد، في تصريح حول أزمة الدولار، إلى أن الاحتياج المرتفع حاليا من العملة الأميركية، يعود لعوامل أساسها الحصار، إضافة الى أن معظم المؤسسات الدولية التي تعمل في غزة تدفع رواتب موظفيها بعملة الدولار، وكذلك يتم الدفع لمتضرري الحرب بعملة الدولار أيضا.

المساهمون