وزير التشغيل: تونس تكثّف الجهود لمكافحة البطالة

13 ابريل 2018
أزمة البطالة سبب أساسي في الاضطرابات الاجتماعية (Getty)
+ الخط -


تحدث وزير التشغيل والتكوين في تونس فوزي عبدالرحمن عن حلول قريبة ستطرحها الحكومة في شكل استراتيجية وطنية للتشغيل تتضمن حزمة من الآليات الجديدة، أهمها تنشيط الاقتصاد التضامني الذي سيكون رافداً ثالثاً خالقاً لفرص العمل بالإضافة إلى القطاعين الحكومي والخاص.
ويرى وزير التشغيل والتكوين المهني أن استعادة القطاع الحكومي لقدرته التشغيلية رهين تحقيق نسبة نمو لا تقل عن 5 بالمائة، معتبراً أن التوقيت قد حان لإعادة النظر في قوانين العمل وأقلمتها مع الواقع الاقتصادي والاجتماعي الجديد في البلاد.
وفي ما يلي أهم ما جاء في الحوار مع وزير التشغيل والتكوين المهني:
- التشغيل هو أحد أبرز مطالب الثورة إن لم نقل أبرزها على الإطلاق، اليوم وبعد 7 سنوات لا يزال عدد العاطلين عن العمل مرتفعاً (650 ألف طالب شغل) فلماذا أخفقت تونس في خفض هذا العدد؟
لا يمكن أن نصف الأمر بالإخفاق لأن البطالة في تونس مشكلة هيكلية وهي وليدة تراكمات عقود طويلة ومنوال تنمية مختل أنتج فوارق كبيرة في التنمية بين المحافظات، والدليل على ذلك أن هناك محافظات لا تزيد فيها نسبة البطالة عن 6 بالمائة مقابل نسبة بطالة تفوق الـ 30 بالمائة في محافظات أخرى، وهي أساساً المحافظات الغربية التي انطلقت منها الثورة.
- هذا التشخيص تفطنت إليه السلطة منذ سنة 2008 وخاصة المتعلق بأقلمة المناهج الدراسية وسوق العمل ومع ذلك لا تزال المؤسسات التعليمية تدفع سنوياً بخريجين جدد إلى البطالة، فهل تكتفي وزارتكم بالتشخيص وتترك البحث عن حلول لأطراف أخرى؟
التشخيص متفق عليه من قبل كل الحكومات قبل الثورة وبعدها ومعدل الوافدين الجدد على سوق العمل خلال السنوات العشر الماضية في حدود 45 ألف وافد، وهذه الحكومة والحكومات السابقة لم تكتف بالتشخيص وبحثت حلولاً، منها مختلف آليات التشغيل على غرار تربصات الأعداد للحياة المهنية التي مكنت من تشغيل أكثر 36 بالمائة ممن حصلوا على هذا التربص، كما فتحت آليات أخرى على غرار عقود الكرامة باب التشغيل أمام آلاف العاطلين.
وقد قمنا بتقييم لمختلف الآليات التشغيلية المعمول بها حالياً وسنبقي على الآليات الناجحة ونعزز أخرى، ونلغي التي لم تثبت نجاعتها. هدفنا خلق فرص عمل مستدامة.


- ولكن ألا تعتقدون أن 7 سنوات بعد ثورة يناير/ كانون الثاني كانت كافية على الأقل لتحقيق بعض المطالب والنزول بنسبة البطالة التي تشارف على 15,5 بالمائة حالياً؟
أسلفت الذكر أن المسألة هيكلية وترتبط بنموذج اقتصادي جديد وتشريعات جديدة تمكّن من خلق الثروة لأن كل نقطة نمو توفر نحو 16 ألف فرصة عمل وعلى مدى السنوات التي تلت الثورة شهدت البلاد هزات سياسية واقتصادية عديدة، منها أزمات الفوسفات وضربات متتالية لقطاع السياحة أخرت تحقيق النهضة الاقتصادية، ولكن هذا لا يمنع القول أن نسبة البطالة لم ترتفع وهي مستقرة في حدود الـ15 بالمائة.
كما شهدت طلبات الشغل تغييراً مهماً على مستوى التركيبة، حيث انحصرت طلبات العاطلين عن العمل من حاملي الشهادات الجامعية في حدود الـ 40 بالمائة مدفوعة بجملة الآليات التشجيعية التي توفرها الحكومة للمؤسسات الخاصة والحكومية لتوظيف هذا الصنف من الشباب.
- وكأننا نفهم من إجابتكم رضىً عن النتائج المحققة؟
قطعاً لا الطريق أمامنا طويل خفض نسبة البطالة والحكومة رسمت أهدافاً بالنزول بهذه النسبة من 15,5 بالمائة حالياً إلى 12 بالمائة سنة 2020.
- ماهي الأدوات أو الوصفات التي أعددتموها لتحقيق هذا الهدف؟
هي وصفة متعددة الجوانب وستعرض قريباً على مجلس وزراء تضم دعم التشريعات بقوانين جديدة لتسهيل إحداث المؤسسات الخاصة عبر قانون المبادرة الذاتية الذي سيسمح للشبان بإنشاء شركات بإجراءات مبسطة وتسهل النشاط الاقتصادي وكذلك قانون آخر للاقتصاد التضامني الذي يشمل التعاونيات والتكتلات الاقتصادية، وهذا نموذج اقتصادي جديد سكون رافداً للقطاعين الحكومي والخاص وهو نموذج اقتصادي يستجيب لطبيعة الاقتصاد التونسي في المناطق الداخلية التي لا يتوفر فيها نسيج اقتصادي.
فضلاً عن قانون المؤسسات الناشئة الذي أقره البرلمان مؤخراً، وبرأيي فإن التشريعات الجديدة ستساهم بشكل إيجابي في حلحلة أزمة البطالة في تونس.
كما تعمل الحكومة على برامج تسمح بتدخل الدولة عبر السياسات النشيطة للتشغيل وتحسين القدرة التشغيلية لطالبي الشغل وتحفيز المؤسسات الاقتصادية لتشغيل حاملي الشهادات العليا بشكل خاص لأنهم يمثلون النسبة الأكبر من حجم البطالة التونسية وبرامج أخرى تسهم في تأسيس اقتصاد اجتماعي تضامني تعمل الدولة على دعمه وزيادة مخصصاته.



- على ذكر المبادرات الفردية تشير أغلب الإحصاءات أن نسبة نجاح مشاريع الشباب لا تتجاوز الـ 30 بالمائة وهذه النسبة تظل ضعيفة في اقتصاد يراهن على المبادرة الفردية، فهل هناك خطة لمساعدة الباعثين الشبان على إيجاد أسواق ومرافقة مشاريعهم في السنوات الأولى؟
مخاطر إخفاق المؤسسات الجديدة ليست خصوصية تونسية كل المؤسسات الناشئة في دول العالم تواجه خطر الفشل ووزارة التشغيل تسعى إلى وضع مرافقين ومرشدين على ذمة الباعثين الشبان لتجاوز صعوبات السنوات الأولى التي تكون فيها نسبة الإخفاق مرتفعة.
- كنتم مؤخراً في زيارة إلى دولة قطر وصفتها وفق تصريحك لوكالة الأنباء القطرية "قنا" بالناجحة دون ذكر الكثير من التفاصيل، فهل توفقتم في الحصول على وعود تشغيلية مهمة للشبان التونسيين في قطر؟
فعلاً زيارتنا مؤخراً لدولة قطر كانت ايجابية وقد حظينا بحسن الضيافة من السلطات القطرية وكانت لنا لقاءات عمل مهمة مع كل من معالي الشيخ عبد الله بن ناصر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية وسعادة الدكتور عيسى بن سعد الجفالي وزير التنمية الإدارية والعمل والشؤون الإجتماعية، وتباحثنا مطولاً إمكانيات تطوير العمل الثنائي في ميادين التدريب المهني وفتح باب التشغيل للتونسيين في قطر.
ولم نجد من أشقائنا القطريين إلا التجاوب وقد تم تشكيل لجان عمل مشتركة لبحث فرص التشغيل للتونسيين في الدوحة عبر عقود عمل في اختصاصات متنوعة.
ودولة قطر بها قوانين عمل متطورة وتحمي حقوق العمالة الأجنبية الموجودة على أراضيها وحقوقها ونحن نتطلع عقب هذه الزيارة إلى رفع عدد التونسيين العاملين فيها بشكل كبير، خاصة أن دولة قطر تنجز مشاريع اقتصادية عملاقة تحتاج إلى عمالة كبيرة.

دلالات
المساهمون