وثائق جديدة تربط "هواوي" بشركتين في إيران وسورية

09 يناير 2019
أثار القبض على المديرة المالية لهواوي ضجة (فرانس برس)
+ الخط -
تتركز الاتهامات الأميركية الموجهة للمديرة المالية لشركة هواوي تكنولوجيز الصينية، التي ألقت السلطات القبض عليها في كندا الشهر الماضي، على صلات يشتبه بأنها تربط الشركة بشركتين غير معروفتين.

وتتخصص الشركة الأولى في بيع معدّات الاتصالات وتعمل في طهران، في حين تعدّ الشركة الثانية والمالكة لها، شركة قابضة مسجلة في موريشيوس.

وتقول السلطات الأميركية إن المديرة المالية منغ وان تشو احتالت على بنوك دولية وجعلتها تسوّي معاملات مع إيران، زاعمة أن الشركتين مستقلتان عن هواوي، رغم أن الشركة الصينية تسيطر عليهما في حقيقة الأمر.

وتصرّ هواوي على أن الشركتين مستقلتان، وهما "سكايكوم تك المحدودة" لبيع معدّات الاتصالات وشركة "كانيكولا القابضة المحدودة"، غير أن مستندات رسمية موجهة من الشركة لسلطات الأوراق المالية، ومستندات أخرى توصلت إليها وكالة "رويترز" في إيران وسورية، تبين أن الصلات بين هواوي، أكبر شركة موردة لمعدات شبكات الاتصالات في العالم، والشركتين أوثق مما كان معروفاً من قبل.

وتكشف الوثائق أن مسؤولاً تنفيذياً كبيراً في هواوي قام بتعيين مدير شركة سكايكوم في إيران، وتوضح أن ثلاثة أفراد على الأقل بأسماء صينية، كان لهم حق التوقيع في ما يتعلق بالحسابات المصرفية لشركتي "هواوي" و"سكايكوم" في إيران، واكتشفت الوكالة أيضاً أن محامياً من الشرق الأوسط قال إن هواوي أدارت عمليات في سورية، من خلال شركة كانيكولا.

وربما يكون للصلات التي لم يسبق نشر شيء عنها بين هواوي وهاتين الشركتين، أثرها في الاتهامات الأميركية الموجهة لمنغ، ابنة مؤسس شركة هواوي رين تشينغ في، وذلك من خلال تقويض مزاعم هواوي بأن سكايكوم مجرد شريكة أعمال تعمل بشكل مستقل.


وتؤكد السلطات الأميركية أن هواوي احتفظت بالسيطرة على سكايكوم، واستخدمتها في بيع معدات اتصالات إلى إيران وتحويل الأموال من خلال النظام المصرفي العالمي، موضحة أن البنوك قامت نتيجة لهذا الخداع بتسوية معاملات بمئات ملايين الدولارات، غير مدركة أنها ربما تنطوي على مخالفة للعقوبات، التي كانت واشنطن تفرضها في ذلك الوقت على التعاملات مع إيران.

ولم تردّ منغ على طلب من "رويترز" بالتعليق، وامتنعت هواوي عن الرد على استفسارات خاصة بهذا التقرير، ولم يتسنّ الاتصال بمقر شركة كانيكولا، وامتنعت متحدثة باسم وزارة العدل في واشنطن عن التعليق.

وأخلت السلطات سبيل منغ في 11 ديسمبر/ كانون الأول، بكفالة قدرها عشرة ملايين دولار كندي (7.5 ملايين دولار أميركي)، وهي لا تزال في فانكوفر ريثما "تحاول" واشنطن تسلمها.

وفي حالة تسليمها للولايات المتحدة، ستوجه لها اتهامات بالتآمر للاحتيال على مؤسسات مالية متعددة، وتصل العقوبة القصوى عن كل تهمة إلى السجن 30 عاماً، ولم تُعلن الاتهامات على وجه الدقة.

وفي الشهر الماضي، قالت هواوي إنها لم تتلق معلومات تذكر عن الاتهامات الأميركية "ولا علم لها بأي خطأ ارتكبته السيدة منغ"، ووصفت هواوي علاقتها بشركة سكايكوم بأنها "شراكة أعمال عادية". وقالت إنها تلتزم التزاماً كاملاً بكل القوانين واللوائح، وتشترط أن تلتزم بها سكايكوم أيضاً.

وأثار القبض على منغ، بناءً على أمر أميركي باحتجازها، ضجة في الصين، إذ يأتي في وقت يشهد توترات متصاعدة على الصعيدين التجاري والعسكري بين واشنطن وبكين ووسط مخاوف من جانب المخابرات الأميركية من أن معدات الاتصالات التي تنتجها هواوي تحتوي على "أبواب خلفية" للتجسس لحساب الصين، ونفت الشركة مراراً هذه الاتهامات.

ومع ذلك، فقد منعت أستراليا ونيوزيلندا في الآونة الأخيرة هواوي من بناء شبكات الهواتف المحمولة من الجيل التالي في البلدين، كما أبدت السلطات البريطانية مخاوف في هذا الصدد.

عرض لإيران

تسهب الدعوى الأميركية بحق منغ في الاستشهاد بتقارير، نشرتها "رويترز" في 2012 و2013 عن هواوي وسكايكوم ومنغ نفسها، إذ نشرت الوكالة أن سكايكوم عرضت بيع معدات كمبيوتر محظورة من هيوليت باكارد لا تقل قيمتها عن 1.3 مليون يورو، لأكبر شركة لاتصالات الهواتف المحمولة في إيران عام 2010.

وكان ما لا يقل عن 13 صفحة من العرض موسومة بعبارة "سري لهواوي"، وتحمل شعار الشركة، وقالت هواوي إن الأمر انتهى إلا أنها لم تقدم هي أو سكايكوم المعدّات الأميركية.

كما أشارت "رويترز" إلى صلات عديدة تربط هواوي بسكايكوم، من خلال معاملات مالية وأفراد من العاملين بالشركتين، من بينها أن منغ كانت عضواً في مجلس إدارة سكايكوم في الفترة من فبراير/ شباط 2008 إلى إبريل/ نيسان 2009.

وأظهرت وثائق قضائية قدّمتها السلطات الكندية، بناءً على طلب من الولايات المتحدة، في الجلسة التي نظرت فيها المحكمة طلب الإفراج عن منغ بكفالة في فانكوفر الشهر الماضي، أن عدة بنوك استفسرت من هواوي عن تقارير "رويترز".

وتبين الوثائق أن السلطات الأميركية تدّعي أن منغ وموظفين آخرين في هواوي "كذبوا مراراً" في ردودهم على البنوك، التي لم يُذكر اسم أي منها عن علاقة الشركة بسكايكوم، ولم يكشفوا أن "سكايكوم تخضع بالكامل لسيطرة هواوي".

وتدعي السلطات الأميركية أيضاً أن منغ قالت في لقاء خاص مع مدير تنفيذي بأحد البنوك في أغسطس/ آب 2013 أو نحو ذلك إن هواوي باعت أسهمها في سكايكوم لكنها لم تكشف أن المشتري كان "شركة تسيطر عليها هواوي".

وتقول الوثائق القضائية إن هواوي أبلغت ذلك البنك أن الشركة الصينية باعت أسهمها في سكايكوم في 2009 وهو العام التي تنحت فيه منغ عن عضوية مجلس إدارة سكايكوم.

ولم يُكشف عن هوية المشتري في الوثائق، غير أن مستندات سكايكوم المقدمة للسلطات في هونغ كونغ حيث جرى تسجيل الشركة تبين أن ملكية أسهمها نُقلت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2007 إلى شركة كانيكولا.

وتوضح سجلات سكايكوم أن كانيكولا المسجلة في موريشيوس في 2006 ظلت تحتفظ بأسهم سكايكوم لنحو عشر سنوات. وجاء في "ملخص الحقائق" الذي قدمته السلطات الأميركية في جلسة المحكمة الكندية للنظر في الإفراج بكفالة عن منغ أن "الوثائق وسجلات البريد الإلكتروني تظهر أن أشخاصاً وصفوا بأنهم أعضاء مجلس إدارة منتدبون في سكايكوم كانوا موظفين في هواوي"، ولم يرد ذكر لاسم أي من هؤلاء الأفراد.

وتقول وثيقة من شركة سكايكوم قُدمت في إيران ودخلت السجلات الإيرانية في ديسمبر/ كانون الأول 2011، إن "شي ياو هونغ" انتخب مديرا لفرع سكايكوم في إيران لمدة عامين.

ويعمل في هواوي مدير تنفيذي اسمه شي ياو هونغ، ويظهر من خلال بياناته على موقع "لينكد إن" الإلكتروني أنه كان يعمل في هواوي "رئيسا لمنطقة الشرق الأوسط" في يونيو/ حزيران 2012.

وقالت وكالة أنباء الإمارات في نوفمبر/ تشرين الثاني 2010، إنه المسؤول في هواوي عن تعاملات رئيسية مع شركة اتصالات تعد من شركات الاتصالات الكبرى في الشرق الأوسط وشريكة لهواوي. وأغلق شي، الرئيس الحالي لوحدة البرمجيات التابعة لهواوي، الهاتف عندما سألته "رويترز" عن علاقته بشركة سكايكوم.

وتتضمن وثائق عديدة قدمتها سكايكوم للسلطات في إيران أسماء من لهم حق التوقيع على حساباتها المصرفية في البلاد، ومعظم هذه الأسماء صينية.

وكان ثلاثة أفراد على الأقل لهم حق التوقيع على الحسابات المصرفية لشركتي سكايكوم وهواوي. (وورد اسم أحد الأفراد في السجلات الإيرانية بشكلين مختلفين اختلافا طفيفا غير أن رقم جواز السفر الخاص بالاسمين كان واحدا).

وتقول السلطات الأميركية في الوثائق القضائية المقدمة في كندا إن موظفين في هواوي كانوا يوقعون على الحسابات المصرفية لشركة سكايكوم في الفترة من 2007 إلى 2013.
وتبين سجلات في هونغ كونغ أنه جرت تصفية شركة سكايكوم اختياريا في يونيو/ حزيران 2017 وأن كانيكولا حصلت على 132 ألف دولار في إطار التسوية.

وامتنع المصفي تشان ليونغ لي، من شركة "بي.دي.أو" المحدودة في هونغ كونغ، عن التعليق. وامتنعت هيئة الخدمات المالية في موريشيوس التي لا تزال كانيكولا مسجلة فيها، عن الكشف عن أي من سجلاتها لـ"رويترز" قائلة إنها سرية.

الحلقة السورية

حتى عامين مضيا كان لكانيكولا مكتب في سورية التي تخضغ أيضا لعقوبات يفرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

وفي مايو/ أيار 2014 نشر موقع الاقتصادي لأخبار المال والأعمال في الشرق الأوسط مقالا موجزا عن حل شركة تابعة لهواوي في سورية متخصصة في معدات آلات الصراف الآلي.


وكتب المحامي أسامة قرواني، الذي وصف نفسه بأنه المصفي، رسالة طلب فيها تصحيحا، موضحا أن المقال تسبب في "ضرر كبير" لشركة هواوي.

وقال في رسالته إن التقرير أشار إلى أن شركة هواوي للاتصالات نفسها تم حلها وليس شركة "هواوي لحلول الاتصالات المتكاملة المحدودة المسؤولية... المتخصصة بآلات الصراف الآلي".

وقال المحامي "نوضح لكم بأن شركة هواوي لم يتم حلها مطلقا"، وأضاف أن "شركة هواوي كانت وما زالت تمارس عملها في سورية من خلال عدة شركات، وهي هواوي تكنولوجيز المحدودة المسؤولية وشركة كانيكولا هولدينجز ليمتد المسجلة بسجل الفروع والمكاتب والوكالات الأجنبية لدى مديرية التجارة الخارجية في سورية".

وشركة هواوي تكنولوجيز واحدة من الشركات الرئيسية العاملة في هواوي، ولم يرد قرواني على استفسارات أرسلتها له "رويترز" بالبريد الإلكتروني عن شركة كانيكولا.

وقال شخص مطلع على التحقيق إن المحققين الأميركيين على علم بصلة كانيكولا بسورية، وقال آخر إن كانيكولا كان لها مكتب في دمشق وتعمل في سورية لحساب هواوي.

وقال ذلك الشخص إن من بين زبائن كانيكولا في سورية ثلاث شركات كبرى للاتصالات، إحدى هذه الشركات هي "ام.تي.ان" سورية، التي تسيطر عليها مجموعة "ام.تي.ان" المحدودة في جنوب أفريقيا ولها أنشطة في مجال الهاتف المحمول في كل من سورية وإيران.

ولشركة "ام.تي.ان" مشروع مشترك في إيران باسم "ام.تي.ان إيرانسل"، وهو أيضا من زبائن هواوي. وقال مصدر آخر مطلع إن "ام.تي.ان" قدمت لهواوي المشورة في ما يتعلق بهيكل العمل بمكتب سكايكوم في إيران. وقال ذلك المصدر: "سكايكوم مجرد واجهة".

(رويترز)
المساهمون