استهداف المصانع... غارات التحالف تكبد اليمن 69 مليار دولار

21 يوليو 2017
يعاني اليمن شحة الأغذية بفعل استهداف المصانع (Getty)
+ الخط -
لم تشفع عراقة شركات العاقل اليمنية التي تأسست قبل تسعة عقود، عند طائرات التحالف العربي التي أمطرتها بوابل من القذائف، متجاهلة حجم هذه المجموعة في الاقتصاد اليمني، تلك غارات بيّنت، في ما يبدو، نهجاً جديداً في الحرب يستهدف المصانع بشكل مباشر.
"حصلت الضربة في وقت ذروة العمل نهاراً، وتسببت في وفاة عشرة من العمال وإصابة عشرات آخرين"، هكذا يقول مدير المصنع مصطفى العاقل، مضيفاً لـ "العربي الجديد": "لا نصدق ما حدث، غارات جوية تستهدف مصنع لإنتاج البطاطس والأغذية الخفيفة، نحن مجموعة تجارية معروفة ولسنا موقعاً عسكرياً".
وغير مصنع العاقل للأغذية الخفيفة، قصف طيران التحالف، عشرات المصانع والمنشآت التجارية والصناعية، حتى أن مبنى الغرفة التجارية بالعاصمة اليمنية تعرض للقصف وتحول إلى ركام.
وتقود السعودية تحالفاً عربياً لدعم الشرعية في اليمن ضد المتمردين الحوثيين منذ مارس/آذار 2015، وتعكف المؤسسات التجارية والصناعية التي تعرضت للضرر نتيجة غارات التحالف، على رصد حجم الأضرار والخسائر لتقديمها للأمم المتحدة.
وأكد مسؤول في الغرفة التجارية بالعاصمة صنعاء لـ "العربي الجديد"، أن رجال الأعمال اليمنيين الذين تعرضت منشآتهم الصناعية والتجارية للتدمير، يعملون على حصر الأضرار والخسائر، ويعتزمون رفع دعوى ضد السعودية للحصول على تعويضات عادلة.
واعتبر خبراء يمنيون في الاقتصاد، أن الغارات الجوية ضد المنشآت الصناعية بلا هدف واضح سوى تدمير الاقتصاد اليمني وإغلاق هذه المنشآت وذلك يعني تسريح آلاف العمال والموظفين وانضمامهم إلى طابور العاطلين الذين فقدوا مصادر عيشهم وباتوا فقراء.
وأدت الحرب في اليمن إلى تدهور كبير في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وانكمش الناتج بشكل حاد، ما أدى إلى تراجع دخل الأسر. وأصبحت مؤسسات مهمة مثل البنك المركزي، معطّلة منذ أواخر عام 2016.
وأوضحت الغرفة التجارية، أنه طبقاً لنتائج لجنة فنية متخصصة شكلتها في أغسطس/آب من العام الماضي لرصد وحصر الأضرار التي لحقت بالمنشآت والمشاريع التجارية والصناعية منذ بدء الحرب على اليمن، وحتى نهاية العام الماضي، فقد تم استهداف نحو 196 مصنعاً ومنشأة صناعية وتجارية مملوكة للقطاع الخاص.
وقدرت الغرفة، تكلفة الخسارة الأولية جراء الغارات بقرابة 39 مليار دولار، تشمل 7 من صوامع الغلال و546 مخزناً للأغذية و365 من الأسواق التجارية الشعبية و123 منشأة سياحية وفندقية و240 محطة للوقود والغاز بالإضافة إلى عدد من الشبكات الخاصة بالاتصالات.
وقالت السلطات الموالية لجماعة الحوثي وحلفائهم من قوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، إن عشرات المصانع الحكومية منها ثلاثة مصانع للإسمنت تعرضت للتدمير من طيران التحالف، وقدرت الخسائر بنحو 36 مليار دولار.
وأشار تقرير عن وزارة الصناعة بصنعاء، إلى أن إجمالي خسائر المصانع التي تمكنت الوزارة من التواصل مع ملاكها وتقدير خسائرها في مدينة الحديدة، بلغت قرابة 30 مليار دولار، رغم أن عدد المصانع فيها لم يتجاوز الـ16 وعلى رأسها مصنع مشتقات الألبان والمنتجات الغذائية، ومصنع لإنتاج المياه والعصائر والمشروبات الغازية، وآخر لإنتاج الزيت ومواد التعبئة والتغليف، إضافة إلى أكبر مصنع لتكرير وتعليب الملح.
وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إن غارات قوات التحالف بقيادة السعودية قصفت بشكل غير قانوني مصانع ومستودعات ومنشآت اقتصادية مدنية أخرى في اليمن، واعتبرت أنها غارات غير مشروعة تضر بالاقتصاد وتُظهر الحاجة لتعويض الضحايا. وأضافت المنظمة في تقرير حديث حول "قصف المنشآت التجارية: غارات التحالف السعودي على البُنى الاقتصادية في اليمن"، إنها حققت في 17 غارة جوية غير قانونية في 13 موقعاً اقتصادياً، منها مصانع ومستودعات تجارية، ومزرعة، ومحطتا كهرباء. قتلت هذه الضربات 130 مدنياً وجرحت 171 آخرين.
وأوضح التقرير، أنه بسبب الهجمات، خسر مئات العمال مصدر رزقهم، وتوقفت المصانع عن العمل. ومع وجود أكثر من 20 مليون شخص في اليمن في حاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية، تسببت الغارات على المصانع في نقص حاد في الغذاء والدواء والاحتياجات الضرورية الأخرى للمدنيين في اليمن.
وأكدت "هيومن رايتس ووتش" أن الهجمات على المصانع والمنشآت الاقتصادية المدنية الأخرى مجتمعة تثير مخاوف جدية من أن التحالف بقيادة السعودية تعمّد إلحاق ضرر واسع بقدرات اليمن الإنتاجية.
وقالت عائلات يمنية إن الأسعار المتزايدة للغذاء والنقل والدواء، جعلت من الصعب أو المستحيل عليها تحمّل تكاليف الاحتياجات الأساسية. وقال العمال الذين قُصفت أماكن عملهم وفقدوا مصدر رزقهم، إنهم كافحوا لتأمين لقمة العيش، بعد أن سرّحت معاملهم العمال أو أغلقت، ومع ارتفاع أسعار السلع بسبب الحرب.
ورصد التقرير الدولي، عدة حالات في ضوء نزول ميداني للمصانع المتضررة، وأشار إلى أن الغارات على مصنع كوكا كولا للمشروبات الغازية شمال العاصمة اليمنية، في 12 ديسمبر 2015، أسفرت عن تدمير المواد الخام المستخدمة في إنتاج المشروبات الغازية، والمولدات، وخطوط إنتاج العبوات الزجاجية والبلاستيكية، وأوضح أن المصنع اضطر إلى تسريح 370 منهم بعد التفجير.
وفي التوصيات، طالبت هيومن رايتس ووتش، بتقديم تعويضات فورية وملائمة للمدنيين وعائلاتهم، تعويضاً على القتل والإصابات والأضرار اللاحقة بالممتلكات جراء الغارات الموجهة بالخطأ.
وبالإضافة إلى ضربات طيران التحالف، يتعرض القطاع الخاص اليمني في مناطق سيطرة المتمردين الحوثيين للتنكيل من خلال الابتزاز والإتاوات غير القانونية، فضلاً عن تدمير القطاع المنظم وخلق قطاع طفيلي من تجار الحروب والسوق السوداء.
وتسببت الحرب في اليمن والتي دخلت عامها الثالث بلا توقف، في أزمات اقتصادية وإنسانية. وقدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن 21.2 مليون شخص، يحتاجون إلى أحد أشكال المساعدة الإنسانية، بينهم 14.4 مليون شخص غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الغذائية.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن 7.6 ملايين يعانون بشدة من انعدام الأمن الغذائي، و19.4 مليون يفتقرون إلى المياه النظيفة والصرف الصحي، و9.8 ملايين فقدوا الوصول إلى المياه بسبب النزاع، و14.1 مليون دون رعاية صحية كافية.
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في يونيو/حزيران الماضي، من أن هناك نقصاً حاداً في المواد الغذائية الأساسية كما أن الاقتصاد في حالة غير مستقرة في اليمن.
المساهمون