الاقتصاد البريطاني يواجه المجهول بعد مغادرة الاتحاد الأوروبي

24 يونيو 2016
مصنع سيارات في بريطانيا (Getty)
+ الخط -
مع قرار البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء تاريخي، يغرق اقتصاد بلدهم في المجهول، وقد يعاني من صدمة تزعزعه متسببة في تباطؤ النمو وارتفاع البطالة.

وركز أنصار البقاء في الاتحاد الأوروبي خلال حملتهم على مخاطر انهيار الاقتصاد، غير أن تحذيراتهم لم تكن كافية، وباتت بريطانيا بعد الاستفتاء المدوي في مواجهة عاصفة تداعيات قرار الخروج من الاتحاد.

والنتيجة الآنية لهذا القرار قد تكون أزمة مالية مصغرة قد لا تقتصر على حي المال والأعمال في لندن، بل تتخطى حدود المملكة المتحدة، إذ إن خروج القوة الاقتصادية الخامسة في العالم من أوروبا سيكون له حتما وقع كبير على العالم كله.

من المتوقع أن تكون وطأة هذا القرار البريطاني على الاقتصاد كبيرة. فرغم اختلاف الخبراء في تقدير المخاطر التي قد تنجم عنه، إلا أنهم يتوقعون بصورة إجمالية عواقب سلبية خلال السنوات المقبلة.

وحذرت الحكومة البريطانية من أن المفاوضات حول شتى المسائل التي يطرحها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ومنها شروط الخروج وإبرام اتفاقيات جديدة مع دول الاتحاد ومعاهدات تجارية مع دول خارج الاتحاد المرتبطة معه بتفاهمات، قد تستغرق ما لا يقل عن عقد من الزمن.

وهذا ما يجعل لندن تتوقع "فترة طويلة من الغموض" تترافق مع "عواقب بالنسبة للشركات البريطانية والتجارة وجاذبية البلاد للاستثمارات".

وقد تتكثف الحواجز التجارية خلال هذه الفترة الانتقالية، فقد توقعت منظمة التجارة العالمية أن يترتب على المصدرين البريطانيين دفع 5.6 مليارات جنيه إسترليني (7.2 مليارات يورو) سنويا من الحقوق الجمركية الإضافية.

كما نبه مدير مركز الأبحاث في الاقتصاد والأعمال، سكوت كورف، إلى أن "العديد من الشركات تستخدم بريطانيا كبوابة دخول إلى أوروبا، وهدد عدد منها بنقل مركزها الأوروبي في حال خروج بريطانيا من الاتحاد"، متوقعا تراجع الاستثمارات الصينية والأميركية.

وخاض أنصار الخروج من أوروبا حملة أيضا للحد من الهجرة، ما سيؤدي إلى تراجع تدفق اليد العاملة القادمة من أوروبا الشرقية والغربية، والتي عززت الاقتصاد البريطاني في السنوات الأخيرة.

قد يحد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من النمو الاقتصادي الحيوي المسجل منذ سنتين، ويدرس صندوق النقد الدولي سيناريو سلبيا يشهد فيه الاقتصاد البريطاني انكماشا العام المقبل، ما سيؤدي إلى ارتفاع البطالة مجددا من 5% حاليا إلى 6.5% في غضون سنتين.

وقد حذرت وكالة "ستاندارد آند بورز" للتصنيف الائتماني من أن تخسر بريطانيا تصنيفها الأعلى "AAA"، الذي تمنحه لها بصورة متواصلة منذ نصف قرن. وفي الاتجاه نفسه، سارت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني.

وفي سياق البلبلة المالية المرتقبة، فإن الحي المالي في لندن قد يخسر جزءا لا يستهان به من جاذبيته، حيث تخشى المصارف أن تفقد حقها في بيع خدماتها المالية بدون قيود انطلاقا من المملكة المتحدة إلى دول الاتحاد الأوروبي.

وتعتزم مصارف عالمية مثل "إتش إس بي سي" البريطاني و"جي بي مورغان" و"مورغان ستانلي" و"غولدمان ساكس" الأميركية نقل وظائف إلى خارج بريطانيا، بحسب مصادر داخل هذه المؤسسات، وقد تطاول هذه العمليات نحو ألف وظيفة مالية، بحسب شركة الضغط "ذي سيتي يو كاي".

ويرجح أن ينعكس قرار الانسحاب من الاتحاد الأوروبي كذلك على قطاعات التصنيع، مثل قطاع الطائرات، ولا سيما شركة "إيرباص" الأوروبية، وصناعة السيارات المزدهر في بريطانيا، وهي قطاعات قد تعاني من حواجز ضريبية جديدة، في حين لن يكون بوسع قطاع الإنشاءات والأشغال العامة الاعتماد على تدفق اليد العاملة من المهاجرين.

ولن تقف الأضرار عند هذا الحد، بل ستطاول صورة المنتجات البريطانية نفسها. وقال سكوت كورف: "بات الناس يتوقعون من الآن للبلاد نزاعا حول استفتاء ثان محتمل حول استقلال اسكتلندا. لم تعد بريطانيا تبدو آمنة بالقدر، الذي كانت عليه من قبل".

المساهمون