المغرب: الانتخابات توفر فرص عمل للعاطلين

02 سبتمبر 2015
انتعاش الدعاية مع قرب الانتخابات في المغرب (فرانس برس)
+ الخط -
ارتدوا قمصان الحزب وقبعاته، وتجمعوا في ساحة الحي باكراً، أعمارهم تتراوح بين 18 و25 عاماً. لم يعرف عنهم انتماؤهم لأي حزب. شغفهم الوحيد مشهود لهم به لفريقي كرة القدم الشهيرين في المغرب، الوداد والرجاء البيضاوين. هوى الفريقين يفرق بينهم، وقميص الحزب الذي يعملون لفائدته في الحملة الانتخابية وحّد بينهم.
أغلبهم لا يعرف عن ذلك الحزب شيئاً، لا يرتبطون بزعيمه أو مؤسسه، لا يشغلهم برنامجه، ولا تغريهم وعوده.
علاقتهم بذلك الحزب الذي عاد إلى الحي بقوة في هذه الأيام، كما غيره من الأحزاب في فترة الحملة الانتخابية التي ستنتهي ليلة الانتخابات المحلية والجهوية التي سيشهدها المغرب في الرابع من سبتمبر/أيلول الجاري. هم شباب تلجأ إليهم الأحزاب في فترة الحملة من أجل توزيع منشوراتها، التي تدعو للمرشحين.
خالد سحيمي، طالب في التاسعة عشر من العمر، يبدي حماساً كبيراً في توزيع المنشورات الدعائية لمرشح أحد الأحزاب بدرب السلطان.
يؤكد سحيمي لـ "العربي الجديد"، أن لا علاقة له بالحزب، بل يعمل في هذه الفترة من أجل الحصول على بعض المال. هو يحرص على التأكيد بأنه عامل بمقابل وليس مناضلاً.
ويقول إن هذه الفرصة التي سنحت له من أجل العمل مع أحد المرشحين، تتيح له توفير بعض المال من أجل الموسم الدراسي. سيتمكن بفضل المال الذي سيجنيه شراء بعض الملابس التي لا تستطيع أسرته توفيرها له، مشيراً إلى أنه يتلقى يومياً حوالى 10 دولارات مقابل توزيع منشورات المرشح، ما يعني جمع 100 دولار في عشرة أيام.
يجوبون الأزقة والشوارع، يضعون الملصقات في الأماكن المخصصة لها، ويسلمون المنشورات إلى المارة ومرتادي المقاهي ويطرقون أبواب المنازل. لا يجيبون السائل الراغب في التعرف أكثر على تفاصيل برنامج المرشحين الذين يقودون لائحة الحزب في الدائرة الانتخابية. أؤلئك الشباب يحرصون على أن تقتصر مهمتهم على توزيع منشورات المرشحين.
حميد الضور، الذي علم جيداً طريقة اشتغال موزعي الملصقات ومواد الدعاية الانتخابية، يؤكد أن فترة الحملة الانتخابية، تشكل فرصة كبيرة له كي يجنى بعض المال. خبرته أهلته لأن يكون مشرفاً على موزعي المنشورات، ما يجعله يستحق 20 دولاراً في اليوم.

يؤكد بصوت منخفض أنه يعمل مع هذا المرشح، لكنه سيصوت لمرشح آخر. يفرق كثيراً بين عمله وهواه السياسي، وإن كان لا ينتمي لأي حزب كما يقول.

اقرأ أيضا: "المال الحرام" وانتخابات المغرب

الضور عاطل عن العمل، لم يجد بداً من اقتناص تلك الفرصة التي تتيحها الانتخابات. تقتصر مهمته، على تسليم المنشورات على الشباب الذين يقومون بتوزيعها، ويتولى مراقبة مدى التزامهم بالقيام بعملهم، فهو يعلم جيداً أن هناك من يتسلمها ولا يوزعها. هو حازم لأنه لا يقبل أن يخدع المرشح الذي وضع فيه ثقته.
الضور يجري تمييزاً دقيقاً بين العمل في توزيع المنشورات، وبين من يتلقون المال من أجل التصويت لفائدة هذا المرشح أو ذاك، معتبراً أن الفئة الأخيرة تستفيد من "المال الحرام".
البطالة تدفع الكثير من الشباب إلى البحث عن فرصة عمل مؤقتة في فترة الحملة الانتخابية. وبحسب المندوبية السامية للتخطيط، التي تختص بنشر البيانات حول الاقتصاد، فإن البطالة وصلت في الفصل الثاني من العام الجاري إلى 20.5% بين فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً، بينما ترتفع النسبة إلي 38.6% وسط الشباب في المدن التي بدأت الحملات الانتخابية تستعر فيها على بعد 3 أيام من يوم الاقتراع.
لا تتاح فرص العمل في الانتخابات للشباب فقط، فقد تصادف شابات يطرقن أبواب المنازل من أجل توزيع أوراق الدعاية الخاصة بالمرشحين.
تبرر إحدى المشرفات على فريق من أولئك الشابات، بأنه نادراً ما يتعامل معهن الناس بطريقة غير لائقة، خاصة عندما يشرعون في طرح أسئلة عليهن حول الجدوى من التصويت للمرشح الذي تبدو صورته وسط المنشورات.
الأحزاب التي تتوفر على شباب منتمين إليها تستغني عادة عن توظيف موزعي المنشورات، بينما تلك التي لا حضور لديها بين الشباب يضطر مرشحوها إلى الاستعانة بمن يساعدهم في الوصول إلى الناخبين.
هذا مصدر رزق مؤقت لعدد من العاطلين، ذكوراً وإناثاً. فهذه رقية الحريزية، العشرينية، لا تتردد في توزيع منشورات إحدى اللوائح النسائية بالدار البيضاء، مؤكدة أنها تتلقى مقابلاً يومياً لا يقل عن 10 دولارات عن العمل الذي تقوم به، لكنها لا تخفي تعاطفها مع المرشحات اللواتي يعدن بخدمة الصالح العام عبر الجماعات المحلية.

اقرأ أيضا: المغرب: وعود معيشيّة سخيّة للأحزاب بالانتخابات المحلية
المساهمون