السودان يقر بتزوير عملته ويسحب فئة 50 جنيهاً من التداول

07 يونيو 2018
حذر القطاع المصرفي من العملات المزورة (أشرف شاذلي/فرانس برس)
+ الخط -

اعترفت سلطات السودان بتزوير عملتها الوطنية من فئة الـ50 جنيها، وأعلن بنك السودان المركزي في ساعة متأخرة من مساء الأربعاء طرح ورقة نقدية جديدة من هذه الفئة خلال الفترة القادمة في إطار خطة لمواجهة تزوير العملة، ولم يحدد البنك توقيتا للطرح.

وبرر البنك المركزي قراره بتحققه من انتشار كميات كبيرة من فئة الـ50 جنيهاً مجهولة المصدر وغير مطابقة للمواصفات الفنية، الأمر الذي يؤكد تسرب عملات مزيفة إلى التداول في الأسواق، ما أدى لزيادة السيولة بشكل واضح وانفلات الأسعار، وقد أثر ذلك بشكل مباشر على حياة المواطنين اليومية.

وقالت مصادر مسؤولة لـ"العربي الجديد" إن طباعة البنك المركزي فئة جديدة من الـ50 جنيها وطرحها للتداول يحقق هدفين الأول هو تجميع العملة من الفئة الكبيرة داخل البنك المركزي، والثاني إرغام المواطنين الذين يحفظون عملاتهم النقدية خارج النظام المصرفي من فئة الـ50 على الكشف عنها وإخراجها للعلن عند الاستبدال وتحجيم تسليمهم لها كاملة، ما يضمن إعادة الكتلة النقدية داخل النظام المصرفي مرة أخرى.

وفي محاولة لطمأنة الأسواق أشار البنك المركزي أمس إلى استمرار المصارف التجارية وفروعها باستلام العملات من فئة الـ50 جنيها من المواطنين وتوريدها وحفظها في حساباتهم وتمكينهم من استخدام أرصدتهم عبر وسائل الدفع المختلفة.



وأكد البنك كذلك قيام المصارف التجارية بتسهيل عملية فتح حسابات للمواطنين الذين ليست لديهم حسابات في المصارف لتمكينهم من توريد ما لديهم من الفئة المسحوبة والفئات الأخرى للاستفادة من الخدمات المصرفية الأخرى بما فيها وسائل الدفع الإلكتروني.

وبالنسبة لملامح فئة الـ50 جنيها الجديدة المقرر طرحها سعى البنك المركزي لتعريف المواطنين بخصائصها، وأعلن عن العلامات التأمينية للعملة، مؤكداً أن لون الفئة الأحمر هو الغالب على الورقة، وتتضمن الواجهة صورة مبنى بنك السودان المركزي وخريطة السودان وقوالب الذهب، أما الرقم المسلسل فيوجد أعلى اليمين وأدنى اليسار، كما يوجد الملمس الخشن على طرف الورقة أدنى اليمين وأعلى اليسار، والرقم 50 يقع أعلى اليسار بأحبار متغيرة اللون، وعند إمالة الورقة تتغير من اللون الذهبي إلى الأخضر، وخلفية الورقة تتضمن صورة مركب شراعي ومجموعة من الجمال.

ويأتي تبديل فئة الـ50 جنيها بعد 8 أعوام من طرحها في يوليو/ تموز 2011 بجانب الفئات الورقية الأخرى من فئة 1 و2 و5 و10 و20 جنيها، علما بأن الجنيه تحول لاحقا من فئة ورقية لمعدنية تم طرحها بعد أسبوعين على الإعلان الرسمي لاستقلال جنوب السودان.

وتشهد العملة السودانية تدنيا كبيرا في قيمتها مقابل النقد الأجنبي خاصة مقابل الدولار، والذي وصل سعر صرفه لأكثر من 30 جنيها بفعل مضاربات سماسرة العملات الأجنبية بالسوق الموازي.

وشنّ السودان حرباً ضارية على المضاربين بالعملة، خلال الفترة الأخيرة، بهدف حماية أسواق العملات، منها صدور قرر لبنك السودان المركزي، بحجز أموال 89 عميلاً في المصارف ، وتجميد وإيقاف معاملاتهم المصرفية بالعملات الأجنبية.

وكانت الحكومة السودانية قد طالبت المواطنين منذ فبراير/ شباط الماضي بتوخي الحذر في التعامل مع العملة الورقية فئة الخمسين جنيهاً، وأعلن النائب العام السوداني في هذا الشهر عن ضبط أجهزة الأمن لاثنين من مهربي العملات المزيفة بحوزتهما 315 ألف جنيه من الفئة.

وقال أستاذ الاقتصاد العام والسياسات الكلية جامعة النيلين حسن بشير محمد نور لـ"العربي الجديد" إن قرار تبديل فئة 50 وسحب القديمة يساعد في احتواء أزمة الاحتياطي الأجنبي واستقطاب هذه الفئة وإعادة سيولتها مرة أخرى لداخل البنوك، كما أن ذلك يأتي في محاولة احتواء وتطويق الحريق الكبير في الاقتصاد والحد من تهريب العملة لخارج البلاد، مشيرا إلى أن استعادة العملة المهربة لخارج البلاد يغطي التكلفة التمويلية لطباعة الفئة الجديدة.



ولفت حسن لإمكانية السحب التلقائي للعملة، غير أنه أكد أن ذلك يستغرق وقتا خاصة وأن جزءا كبيرا منها يتم تداوله خارج المصارف، واقترح جملة من الحلول الجذرية للمشكلة منها تعديل السياسات الاقتصادية الكلية، وخفض الإنفاق الحكومي، والهدر في الصرف على الإدارة العامة والأمن والدفاع، وتكثيف الاهتمام بالقطاع الإنتاجي الحقيقي، وتهيئة مناخ الاستثمار.

وبدأ بنك السودان المركزي مطلع فبراير/ شباط الماضي تطبيق سياسة امتصاص السيولة من الأسواق التي أقرتها الحكومة بغرض إيقاف المضاربات في أسعار الذهب والعملات الأجنبية ولإيقاف تدهور الجنيه أمام الدولار والتي شملت تحديد سقوف لسحب الودائع المصرفية وتجفيف الصرافات الآلية، وتسبب ذلك في حدوث خفض حاد لقيمة الجنيه وتغيير اتجاهات مدخرات المودعين إلى خارج الجهاز المصرفي، بعد أن بدأوا في السحب التدريجي لودائعهم، خوفا من عدم القدرة على استردادها في حالة احتياجهم إليها.

وكان الرئيس السوداني عمر البشير أشار، في حوار صحافي سابق، إلى أن قضية الإمساك بالسيولة والتحكم في أموال مودعي المصارف تعتبر إجراءات استثنائية مؤقتة.

وأقر البشير بوجود آثار جانبية لها "لكن كان لابد منها، لأن الشائعات دفعت الكثيرين إلى سحب أموالهم من البنوك، ومع اكتمال المعالجات الاقتصادية ستزول الآثار السالبة".
المساهمون