الكويت .. زيادة غير مسبوقة بأسعار الكهرباء تستهدف الأجانب

12 ديسمبر 2016
خفض الإنفاق أصبح حتمياً مع تراجع إلإيرادات الحكومية (Getty)
+ الخط -
أظهرت بيانات رسمية، اعتزام الكويت تطبيق زيادة غير مسبوقة في أسعار الكهرباء والماء مطلع مايو/ أيار المقبل، وذلك بعد رفع أسعار البنزين في سبتمبر/أيلول الماضي، ضمن إجراءات لتقليص الدعم، الأمر الذي تسبب في ارتفاع أسعار الكثير من السلع وانتقادات شعبية واسعة.
وجاء خطاب أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، خلال افتتاح مجلس الأمة (البرلمان) الجديد يوم الأحد الماضي، ليؤكد مضي الدولة في إجراءات خفض الإنفاق العام، في ظل العجز الكبير في الموازنة العامة للدولة، ما يجعل تقليص الدعم أمراً حتمياً خلال الأشهر المقبلة، ويزيد من الضغوط المعيشية، التي يقول خبراء اقتصاد، إن وقعها سيكون أكبر على العمالة الوافدة ويؤدي إلى طرد شرائح منهم.
ومنذ نحو 50 عاماً لم تقم الكويت بزيادة أسعار الكهرباء، إلا أن الزيادة المقررة سيتحملها الوافدون، خاصة أنها تشمل مستأجري السكن الاستثماري وتستثني المواطنين الكويتيين مالكي السكن الخاص.
وتهدف زيادة الأسعار إلى خفض الاستهلاك بنحو 50%، وفق التقديرات الحكومية في البلد الذي يعيش فيه نحو 3 ملايين وافد و1.3 مليون مواطن كويتي.
ويتم احتساب أسعار الكهرباء حالياً بقيمة فلسين لكل كيلو واط واحد في الشقق الاستثمارية (الدينار يحوي ألف فلس)، بينما سترتفع هذه القيمة بحسب شرائح الاستهلاك إلى ما بين 150% و400%.
وتظهر البيانات الحكومية التي حصلت "العربي الجديد" على نسخه منها، أن التعريفة الجديدة للكيلو واط ستصل إلى 5 فلوس للشقق الاستثمارية التي يتراوح استهلاكها من (واحد إلى ألف كيلو واط)، بينما ترتفع إلى 10 فلوس للاستهلاك من (1001 إلى 2000 كيلو واط)، والذي يستهلك أكثر من ذلك سيدفع 15 فلساً لكل كيلو واط.
ويصل متوسط استهلاك الشقة الواحدة التي يسكنها الوافدون وفق البيانات الحكومية، إلى 1500 كيلو واط شهرياً، أي أن الوافد سيدفع شهرياً وفق الشريحة الثانية الواردة بالقانون الجديد نحو 15 ديناراً ( 50 دولاراً) .
وكشفت البيانات عن زيادة أخرى ستطبق على أسعار بالماء، حيث يصل حالياً متوسط فاتورة استهلاك الماء للشقة السكنية للوافد إلى نحو 8 دنانير شهرياً، فيما سيصل بعد الزيادة لنحو 10 دنانير (33 دولاراً).

طرد الوافدين
يصف مروان سلامة، الخبير الاقتصادي، الزيادة التي سيتحملها الوافد الأجنبي شهرياً بـ "الكارثية"، مشيراً إلى أنها ستؤثر بقوة على ميزانية الأسرة المغتربة التي تتقاضي دخولاً متوسطة، بينما تتعرض لضغوط معيشية متلاحقة، خاصة بعد زيادة أسعار البنزين في سبتمبر/أيلول الماضي، وما تبعها من ارتفاع تكاليف النقل وأسعار الكثير من السلع.
ويقول سلامة لـ "العربي الجديد"، إن خطة الإصلاح التي وضعتها الحكومة الماضية بدت مؤخراً أنها مصاغة بسرعة، فتضمنت بنوداً شتى وخلطتها دون ترتيب، وربما من دون تحليل متأن للأوليات، فبدت وكأنها تطرد الوافدين من الكويت.
وأعلنت وزارة المالية الكويتية في وقت سابق أن ميزانية 2016/2017 تتضمن عجزاً ماليا قدره 12.2 مليار دينار (40.2 مليار دولار) يوازي 64% من إجمالي المصروفات المقدرة. ويبلغ حجم الإنفاق على الدعم 2.9 مليار دينار ويمثل 15% من إجمالي مصروفات الموازنة.


ويؤكد سلامة على أنه لا بد من إيجاد الكلفة الحقيقية لإنتاج الكهرباء في الكويت، بما في ذلك التكاليف المباشرة لإنتاج النفط. ومن ثمّ يمكننا كمجتمع تحديد حجم الدعم الإضافي المطلوب من الدولة، لتخفيض وطأتها على مستهلكين، في بلد يعاني من صيف تصل درجة الحرارة فيه إلى 50 درجة مئوية وأكثر.
ويقول سليمان الدليجان، الخبير العقاري إن زيادة أسعار الكهرباء "ستصيب قطاعات الشقق بالمناطق السكنية، والعمارات الاستثمارية في مقتل".
ويوضّح الدليجان في حديثه إلى "العربي الجديد" أن مُلاك العقارات سيعالجون زيادة أسعار الكهرباء والماء إما برفع الإيجارات على المستأجر أو تركيب عدادات منفصلة لكل شقة بالبنايات حتى يدفع كل مستأجر ما يستهلكه، وفي الحالتين سيمثل الأمر أزمة من نوع جديد خلال الأشهر المقبلة، مشيرا إلى أن رفع الإيجارات مع ثبات الأجور الحكومية سيؤدي إلى تفاقم الضغوط المعيشية على الوافدين.
ومن المتوقع أن تلقي زيادة أسعار الكهرباء والماء بظلالها على مختلف القطاعات الاقتصادية، لا سيما الصناعية، وفق محمد النقي، الخبير الاقتصادي، الذي أشار إلى أنه سيكون لذلك تداعيات سلبية على المنتج الوطني بالدرجة الأولى.
ويقول النقي إنه بحسب القانون الجديد سيتم رفع دعم الكهرباء كلياً عن القطاع الصناعي، مضيفاً: "الحكومة تناقض نفسها، ففي الوقت الذي تقول فيه إنها تعمل لتعزيز دور الصناعة في الدخل، تعمل لزيادة العبء على هذا القطاع، وتتجه لفرض ضرائب على الشركات بنسبة 10%، إلى جانب المعاناة من عدم توافر المواد الأولية".
لكن فراس رعد، مدير البنك الدولي في الكويت، قال في تصريح له مؤخرا، إن حجم الدعم الذي تقدمه الكويت للطاقة يمثل عبئاً كبيراً على خزينة الدولة، إذ تتراوح تقديرات هذا الدعم بين 3.1% و5.7% من الناتج المحلي الإجمالي. وتصل تكلفة الكيلو واط الواحد من الكهرباء إلى نحو 40 فلسا، أي أن الحكومة تدعمه حالياً بنحو 38 فلساً.

التخلي عن الوفرة
وبينما يتخوف خبراء بالكويت من أن يدفع الوافدون الثمن الأكبر لخفض الدعم وتقليص الإنفاق الحكومي، فإن كلمة أمير الكويت خلال افتتاح مجلس الأمة (البرلمان) بدت موجهة بشكل واضح إلى المواطنين.
وقال أمير الكويت إن "تخفيض الإنفاق العام أصبح أمراً حتمياً"، وإنه لا بد من إصلاح الخلل في الموازنة العامة ووقف الهدر واستنزاف الموارد الوطنية وتوجيهها نحو غاياتها الصحيحة، مضيفا "ما كان بودي أن يأتي يوم أطلب منكم فيه التخلي عن شيء من الوفرة التي حرصت دوماً أن تظل لكم".
ويبدو أن المجموعة الاقتصادية في الحكومة التي تم الإعلان عن تشكيلها يوم السبت الماضي، ستحتاج إلى تمرير قرارات وتشريعات تقشفية، وهو ما يتعارض مع البرلمان بتركيبته الجديدة، والذي سيكون في مواجهة "مستميتة" ضد قرارات كهذه، وفق الخبير الاقتصادي محمد الحبيب، في تصريح سابق لـ"العربي الجديد".
واعتاد نحو 1.3 مليون مواطن في الكويت، صاحبة سادس أكبر احتياطي نفطي مؤكّد في العالم، على امتيازات مثل قروض عقارات بدون فوائد، وتعليم وعلاج مجانيين، ودعم للغذاء والوقود وزيادة في الرواتب، لكن تراجع أسعار النفط عالمياً منذ منتصف عام 2014 أجبر الدولة على اتخاذ خطوات تقشّفية.
المساهمون