تمارس شركات التطوير العقاري في مصر ضغوطاً متزايدة من أجل تسهيل تملّك الأجانب المساكن، لتفادي ركود كبير على الأبواب، بعد أن وصلت الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة، بما يفوق القدرات الشرائية لأغلب المصريين.
ويخشى المطورون العقاريون إرهاصات فقاعة عقارية، بينما يرى البعض منهم أنه ليس بمقدورهم خفض الأسعار أو تقديم تسهيلات أكبر في عمليات البيع عبر التقسيط، لا سيما في ظل الارتفاع المتواصل لكلف البناء مع القرارات الحكومية المتلاحقة بزيادة الأسعار والضرائب.
وكشفت جمعية رجال الأعمال المصريين، منذ أيام عن تشكيل لجنة ثلاثية مع وزارة الإسكان ولجنة الإسكان في البرلمان لمناقشة آليات وضع حوافز لتشجيع تصدير العقارات.
وبحسب فتح الله فوزي نائب رئيس الجمعية، فإن اللجنة المقرر تشكيلها قد تدرس إصدار تشريع يحفز الأجانب على شراء العقارات مقابل حوافز للحصول على الإقامة، مشيرا إلى ضرورة فتح الباب أمام القطاع الخاص، للمشاركة مع الحكومة في التنمية العقارية.
وأشار ممدوح بدرالدين، رئيس شعبة الاستثمار العقاري في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أهمية فتح المجال أمام تصدير العقارات أسوة بعدد من الدول مثل الإمارات وتركيا وقبرص، والذي يشكل لها مورداً ضخماً ويؤدي إلى زيادة العملة الصعبة فى البلاد.
وقال بدر الدين إن تنفيذ هذه الخطوة سيفتح المجال لتصريف العقارات الراكدة، بسبب ارتفاع الأسعار، ويقلل من مخاطر الفقاعة العقارية.
وفي هذا السياق، اعتبر محمد إدريس نائب رئيس جمعية مستثمري ضاحية الشيخ زايد بالقاهرة، أن الحكومة يجب أن تشارك فى تسخير قدراتها لتسهيل عملية منح الإقامة والتسجيل السريع من خلال تيسيرات للمستثمرين الراغبين في شراء العقارات في مصر.
لكن طارق شكري، رئيس غرفة التطوير العقاري قال لـ"العربي الجديد"، إن تصدير العقارات رغم أهميته، يصطدم بالعديد من المعوقات، بخاصة ما يتعلق بإجراءات الإقامة ونقل الملكية والتحويلات المالية اللازمة لشراء العقار.
وأشار شكري إلى ضرورة إقرار قانون يسمح بتملك الأجانب ومنحهم إقامة متدرجة من 3 إلى 5 سنوات، وهو ما سيحفز العرب والأجانب على الشراء، لافتا إلى أن القانون بالفعل في مجلس النواب (البرلمان)، إلا أن هناك تأخرا في مناقشته.
وتوقع أن يدرّ تصدير العقارات دخلا لن يقل عن 20 مليار دولار، بخاصة في ظل الثورة العمرانية الكبرى التي تشهدها مصر حاليا وتطور مستوى البناء، مما سيحفز مشتريات الأجانب المتطلعين لمصر، خصوصا في ظل ضعف القدرة الشرائية للمستهلك المصري وارتفاع قيمة العقارات تأثراً بالتعويم وارتفاع تكاليف البناء.
ولم تخف العديد من شركات التطوير العقاري، اعتزامها فرض زيادات في الأسعار تتراوح بين 10% و20%، بعد أن رفعت الحكومة مطلع الأسبوع الماضي أسعار الوقود بنسبة وصلت إلى 66.6%، لتضاف إلى الزيادات الحادة التي طاولت أسعار الكهرباء قبلها بأيام والتي وصلت إلى 70% للاستهلاك المنزلي و41% للمصانع، والمياه بنسبة تصل إلى 46.5%.
وجاءت زيادة أسعار الوقود، الأكثر إزعاجاً للأسواق، حيث يؤكد مستثمرون وخبراء اقتصاد أنها عنصر فاعل في زيادة كلف الإنتاج وأسعار السلع النهائية.
وتعد زيادة أسعار الوقود الأخيرة، هي الرابعة منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الحكم في يونيو/ حزيران 2014، والثالثة من اتفاق صندوق النقد، إذ كانت الأولى في يوليو/ تموز من ذلك العام، بنسب اقتربت من الضعف، والثانية في الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، بنسب تراوحت بين 30% و47%، ثم جاءت الزيادة الأخيرة في الثلاثين من يونيو/ حزيران الماضي بنسب تصل إلى 55%.
وقال محمد حنفي، مدير غرفة الصناعات المعدنية في اتحاد الصناعات لـ"العربي الجديد"، إن صناعات الحديد والإسمنت الأكثر تأثراً بهذه الزيادة.
وفي هذا السياق، قال أحمد الزيني، رئيس شعبة مواد البناء فى غرفة القاهرة التجارية، إن غالبية مواد البناء ستشهد ارتفاعاً في الأسعار لن تقل عن 20%، متوقعاً تعرض السوق العقارية لركود في ظل ارتفاع الأسعار.
ومن جانبه، أكد حسن عبد العزيز، رئيس الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، أن السوق العقارية الأكثر تأثراً بالقرارات الاقتصادية الحكومية.
وقال: "نعاني بشدة من تأثير تلك القرارات التي ستخرج عددا لا بأس به من المقاولين الصغار والشركات المحدودة من السوق، فضلا عن تعثر باقي الشركات وتأخرها في مواعيد التسليم، بخاصة للوحدات السابق التعاقد عليها بالأسعار القديمة، مما سيتسبب في مشكلات بالسيولة لدى الشركات".
وتوقع رئيس اتحاد المقاولين زيادة تتراوح بين 15% و20% في أسعار الوحدات والمشروعات الجديدة، بسبب ارتفاع سعر الحديد ومواد البناء.
وأظهرت دراسة قبل أيام، أن أسعار العقارات سجلت ارتفاعاً كبيراً في مختلف المحافظات المصرية، لا سيما في المناطق العمرانية الجديدة على أطراف العاصمة القاهرة.
وأوضحت الدراسة الصادرة عن شركة متخصصة في التسويق العقاري، والتي رصدت مستويات الأسعار منذ تحرير سعر صرف الجنيه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 وحتى فبراير/ شباط 2018، أن أسعار الوحدات السكنية في مدينة القاهرة الجديدة شرق العاصمة قفزت بنسبة 48%، ليتراوح سعر المتر بين 8800 جنيه و18500 جنيه. ورغم هذا الارتفاع في الأسعار، فإن الطلب على الشراء قفز بنسبة 80%.
وقفزت الأسعار في مدينة الشيخ زايد غرب القاهرة بنسبة 58%، ليتراوح سعر المتر بين 8400 جنيه و12 ألف جنيه، في حين تراوحت نسبة الزيادة في باقي أحياء القاهرة بين 28% و38%، فيما وصل الطلب في بعض المناطق إلى 100%.
وتعد العقارات أبرز القطاعات التي تحرك الاقتصاد المصري، ما يجعل من توقف العمل بالمشروعات حال حدوث ركود بالسوق، يهدد أكثر من 90 صناعة ويشرد ملايين العمال، وفق علاء والي، النائب في البرلمان، الذي تقدم ببيان نيابي في إبريل/ نيسان الماضي لوزير التجارة والصناعة طارق قابيل، يطالبه فيه بوضع حلول عاجلة لمواجهة الارتفاع المستمر في أسعار الحديد والإسمنت.
ولا تنحصر أضرار القطاع العقاري في الإجراءات الحكومية برفع أسعار الوقود، وإنما تحول الحكومة إلى مضارب في السوق العقارية بطرح أراضي ووحدات سكنية في المدن العمرانية الجديدة بأسعار مرتفعة منافسة بذلك القطاع الخاص، وفق محمد عماد، المدير التنفيذي في إحدى شركات الاستثمار العقاري.